علي عطا
يحيل عنوان رواية “شرطي هو الفرح” للكاتب أشرف الصباغ والصادرة حديثا عن دار الآداب في بيروت إلى عبارة وردت في صفحة 21 من العمل نفسه، وتنطوي على حل ربما يمنع تأزم علاقات إنسانية بسبب إصرار أحد طرفيها على أن ينكد على الطرف الآخر “عيشته”.
فلو أن أحدهما غير قادر على تحقيق ما يسمى السعادة للآخر، فعليه أن يبذل شيئا من الجهد، ليشعره بالفرح.
شخصيا أتمنى أن تقوم علاقاتنا العاطفية والإنسانية عموما على ذلك الشرط؛ مع إيماني بمثاليته، أو على الأقل عدم اتساقه مع أفكار تسود الكثير من المجتمعات الإنسانية، خصوصا في بلادنا.
بالمناسبة العبارة وردت في الرواية التي جاءت في 143 صفحة، على لسان “امرأة للحب لا تؤمن بوجود ما يسمى السعادة ولا ما يسمى الخيانة في علاقات الحب”؛ بتعبير السارد في ص 22.
في هذه الرواية، تواجه البطل “يوسف عمران” أزمة هوية في ظل تشتته بين قيم تسود الريف وأخرى تسود المدينة، وفي ظل تطورات تهدد تلك القيم جميعا في صميمها.
هناك امرأة لا تملك دفع القهر الذي يلازمها منذ الولادة وحتى الموت، وهنا امرأة قادرة على أن تفرض شرطا يمنع خضوعها لقهر مماثل.
أما الجدة، فتكاد أن تكون استثناءا نادرا في محيطها الريفي، فهي بتعبير السارد “النبية الأمية”، و”كانت تؤمن بقدرتها على توحيد الأبناء والطيور في نسق مغاير تماما”، مع الأخذ في الاعتبار أنها ساعدت زوجها كثيرا في قهر بناتها، وهو ما يتسق واقعيا مع مجتمع يغلب عليها الطابع الذكوري.
في الرواية، وفي مكان مركزي آخر، هو القاهرة، وتحديدا في أحد بارات وسط البلد، تتجلى أزمة السارد على نحو مأساوي، ربما يدفعه إلى تأمل ما آل إليه حاله شخصيا وحال مصر بريفها وحضرها.
وإلى تلك الفكرة الجدلية، يطرح العمل أفكارا أخرى تتسم بالجرأة بخصوص دين الشعب نفسه وطقوسه وشعائره، فيستدعي القرية التي يبجل أهلها “أولياء الله الصالحين في الأعياد والموالد، وإن لم يجدوهم اخترعوهم”، مع ملاحظة أن القرية نفسها اختارت تحت وطأة الانفتاح الاقتصادي في السبعينيات، أن تغير جلدها عبر نزوح شبابها إلى دول الخليج، ليعود كثير منهم بأفكار متشددة.
وبحسب ما جاء على الغلاف الخلفي للرواية فإن بطلها “يوسف عمران” الذي ينتمي إلى الشريحة الأدنى من قاع الريف المصري، يرافقنا إلى القاهرة ويتجول معنا، من الواقع إلى الخرافة، ومن الخرافة وإلى الواقع.. يكشف لنا جانبا من عالم المرأة في الريف المصري، والمفارقات بين قيمة تلك المرأة العاملة من جهة ووضعها الاجتماعي من جهة ثانية، وحجم القهر الواقع عليها من جهة ثالثة.
يذكر أن أشرف الصباغ صحفي ومترجم مصري صدر له “قصيدة سرمدية في حانة يزيد بن معاوية”، و”خرابيش”، و”العطش ويناير”، ومقاطع من حياة أبو الوفا المصري”، وصمت العصافير العاصية”، و”رياح يناير”.