كعمر شيخ
يركض الموت منه
مثل كرة طفل
كلما انحنى كي يمسكها
تدحرجت بعيدا،
الغد؛ كذبة المتفائلين
إنها الحياة
كما هي
عويل صامت
صرخة أول قتيل
بفمه المفتوح على الأبدية
كعين شاخصة
لغريق لم يرد أن يموت أبدا.
لا حافة لهذا العالم
حتى كي ننتحر،
لا نهاية
لا يوم أخير
لن ننهض أبدا
كبحار تائه
يقف فجأة مثل عاصفة
ويصرخ” الأرض، الأرض“
بعدما كان قد ظن
أن الكون
لا شيء
غير محيطات متشابكة
لا أرض على مرمى البصر
لا يابسة
لا شيء غير الشقاء يبتلعنا
كبحر
لا يكف عن ابتلاع نفسه.
إننا غرقى
لن تغرق أبدا
إننا أحياء
لا يكفون عن الموت
لن ننتهي أبدا
لن نفنى.
النهاية
ضلت طريقها إلينا
الموت
نسينا كأحذية قديمة على العتبة
وغادر
تاركا باب بيته مفتوحا
تصفق وجهه الرياح
كأن وجهه
وجه طالب بليد.
لا ترانا
هذه النهاية هناك
التي نلوح لها
بكلتا يدينا
كأشخاص على جبل جليدي
يلوحون لطائرة
هي كالقبعة فوق رؤوسهم
حتى أن ظلها يتمشى على وجوههم
ويدوس كطفل غير مهذب
على حقائبهم
وقلوبهم
ثم يذوي خلف الضباب
ويذوب كسحابة
تتوحد في أخرى
بينما المتسلقون التائهون في الأسفل
بكل الدهشة التي تجتاح وجوههم
يمسكون أيديهم وأجسادهم
برعب
ليتحققوا أنهم ليسوا أشباحا
لكنهم ما يلبثون أن يرفعوا رؤوسهم
ليبصقوا على السماء
وهم يقسمون مثل أب غاضب
أن قائد الطائرة إما أعمى او خسيس
غير أن بصاقهم
يرتد كالكرة على رؤوسهم.
لقد تخطانا الموت
مثلما تخطتنا الحياة
لقد مر بجانب أجسادنا
كجندي يفرغ سلاحه
في جثث الموتى
كي يتأكد أنهم ماتوا
غير أن سلاحه يصبح فارغا
حين يمر كالطيف بالقرب منا
فيكتفي بركل أجسادنا
بحذائه العسكري الثقيل
ثم يولي
ليحصد أرواح سجائره
بدلا من أن يحصد أرواحنا.
مثل جندي يبكي
حين يفيق من إغماءة
وسط أكوام الجثث
ليكتشف أنه ما يزال حيا
هو الذي تسلل إلى الحرب
خصيصا
كي يموت،
نبكي
حين ننهض في اليوم التالي
والحزن ينظر بخفة
من خلال عيوننا وقلوبنا
حين ندرك أن أرواحنا
التي قذفناها ليلا
واستلقينا كمن يستعد أن يموت
قد عادت مجددا
وتسللت داخل أجسادنا.
لن ننتهي أبدا
إننا أمم من الأحزان
لا تكف عن التناسل .