نور الدين كويحيا
كتبتُ عن الحروب التي تقضم أطراف الصّبية،
وكتبتُ عن المسافة بين الحديقةِ والمقبرة
كتبتُ عن الوردة التي اغتالتها أقدام المارة،
وكتبت عن الأغنية التي انتحرت
قبل أن تُسحب بعيداً فوق أرصفةِ الهواء.
ولأنني شاعرٌ يهوى الموت والغناء،
شاعرٌ بسيط حدّ ألا يكتب كلمةً في قصيدته
ويسميها قصيدة،
شاعرٌ مولعٌ بعدِّ الخطوات من السرير نحو الحافة…RT
فقد كتبتُ كثيراً عن المذابح التي تُرى،
والتي لا تُرى…
كتبتُ كثيراً عن العيون
التي تحملق في القذائف
وهي تردي بيوتها حطاماً
كتبتُ.. ولا كلمة مما كتبته غيرت العالم
أو أمعنت في هزيمة القتلة.
نشرتُ حبري مسافاتٍ فوق يد حياتي
وكلُّها، كلُّها مسافاتٌ تؤدي بي نحو الموت.
غنيت، بصوتي الناشز
أغنيات الرّحيل
والدروب المكدسة في صوتي تهدمت
فوق بعضها.. كالطيور التي يتساقط ريشها
جراء العاصفة.
أخبروني إذن،
ماذا سيفعل شاعرٌ
حبره ينفذ بمجرد كتابة كلمة واحدة: “البِلاد”
أخبروني،
ماذا سيفعل شاعرٌ
كل قصائده تنتهي بإيصال جثةِ المعنى نحو قبر العدم.
مشيتُ.. طرقاً حافية من الأمل
دعوت.. ودعوت.. ودعوت
ثم أكملت المسير وسكاكين التّعب تنغرس عميقا
في خاصرة الأمل.
كلما بلغت مبلغاً،
كان اللّيل -في ٱخره- يتقاطر فوق جسدي المذبوح
كقنابل ناسفة.
أخبروني،
وأخبروا كل شاعرٍ يؤمن بسكّينة الحرف (الصدئة):
ما نفعُ الموت.. والقصائدُ تخرج من قلوبنا
كخروج الرّوح من الجسد؟