سقراط

لبنى مرزوقي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

لبنى مرزوقي

لا أحد سيمنحك موتا جميلا هنا
لا أحد سينتظر السفينة لكي تعود
لا أحد سينتظرك لتتجرع السم
بكامل كبريائك وسط الأصدقاء
ستظل حيا هنا
ليس لأنك لا تقول شيئا
بل لان لا أحد سيسمعك
أنت أضعف بكثير من قناة فضائية
ومن خصر مصقول بالسيلكون
لن تخيفهم
سيخسرون منك
وفي أحسن الأحوال
سيشفقون عليك
حتى اتباعك الارستقراطيين
أصبحوا الآن رجال أعمال
يحاربون الأزمة في النهار
ويغسلون أموالهم في الليل
ليتركوا هرطقاتك لنا
نحن الذين نتشرد في المكتبات العامة
لكي نبحت عنك بين الرفوف
نحن الذين نموت واقفين أمام يافطة الأتوبيس
ونحارب من أجل مكان لنا داخله
نحن سلالة العبيد الذين تنكرت لهم
نعرف جيدا ضرورات الوجود
لذلك لم نصبح أسيادا
بدلنا أسماءنا فقط
……
سقراط
لم يعد الفلاسفة أصدقاء حكمة
هم خبراء معنى
يؤولون الهوية
بخطاب التماسك
ويوقعون كتبهم بابتسامة منتصرين
تأكدوا لتوهم من نجاحهم المهني
صرنا غرباء يا سقراط
عدنا غرباء يا سقرط
نركض حفاة الاقدام
على أرض الزجاج
في شوارع لا وقت لها للجدل
نسجن المكبوت بالكلمات
نكتبها لجاما للانسياب
نكتبها ترياقا وسما
نكتبها كفرا بوصاياك
نكتبها سجنا
لكلماتك المتبخرة في الهواء
….
صرنا غرباء يا سقراط
عدنا غرباء يا سقراط
خلف شاشاتنا الافتراضية
نعود نحن المصرين على الحفر
في جثة الزمن عن خطأ في التاريخ
نحن الذين نقطع الطريق العكسي
من حاضرنا اليك
لتقع اقدمنا على قدميك
…..
سقراط
كانت المؤامرة كاملة لتكون شخص آخر
لتروض الكتابة ذئب تدفقك الماكر
إنه صديقك يا سقراط
الذي نجى مرارا من الطغاة
الذي اشترى روحه بقطرات زيت
لاك كلامه في فمك
وخدش بأظافرك لحم البداهة
صديقك الذي باع الشعر في سوق النخاسة
كان يحتمي بك من نفسه في لعبة المرآة
لتصيره ويصيرك
لتكونه ويكونك
كان يخرج من نفسه ويعود اليها فيك
وكمصاص دماء ما قبل تاريخي
كان يتغدى على دمك

صديقك يا سقراط
القابع فينا كاضطراب ما بعد الصدمة
والذي قدم لنا مبررات كافية للاصطدام بالنفس
خلقك من نفسه
في تكوين جديد
وصيرك آخر لنفسك التي ضيعتها في الشوارع
….
كانت المؤامرة كاملة
لتكون شخص آخر
حتى أتباعك
تبعوا السفسطائي إلى النهر
ليدجنوا الحيوان البشري باليوغا
والحبوب المنومة
ليدربوا الطامعين على هشاشة الاحتمال
ويجعلوا من الخديعة أصلا تجريا قابلا للاستثمار
ويفتحوا لقاتل الله في القرن الواحد والعشرين
نوافد على الروح
…..
سقراط
تستوقفني فيك الفتنة
التي كانت تسحر الاعداء والاصدقاء
إنها فتنة الموت
دواء الحياة القاتل
انها فتنتك
الفتنة التي تجوب الشوارع بلا نعلين
لتقول:
“أيها الاصدقاء لم يعد هناك صديق “
“أيها الفلاسفة
لم يعد هناك فلاسفة “

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني