زمن أشرف الصباغ

saad alqersh
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

سعد القرش

عثرت على هذه الصورة الفوتوغرافية الكبيرة (أكتوبر 2002) لأشرف الصباغ، فصورتها بتليفوني القديم، والأصل أفضل بكثير، وأشرف أجمل. لم يتغير منذ عرفته في 4 فبراير 1997، وأهداني مجموعته القصصية «قصيدة سردمدية في حانة يزيد بن معاوية» المهداة إلى الأستاذة فريدة النقاش. أحببت عنوان القصص، وأحببت أشرف، قبل قراءة النصوص، وقبل قراءة إهدائه «نتعرف على بعضنا البعض الآن..! شيء مدهش رغم أن الجيل واحد. لكن الجميل في الأمر أننا تعارفنا بالفعل.. فهل سنجد وقتا لتعبيد هذه العلاقة..! ربما..». انتبهت الآن إلى أنه أنهى السؤال بعلامة تعجب وليس استفهام.

ashraf alsabbagh

ربما لم يجد وقتا، لكنه ظل قريبا، في القلب، وهو في روسيا لإكمال مشروع الدكتوراه، وإنجاز ترجمات مهمة من المشهد الروسي المعاصر في النقد والقصة والفن التشكيلي. كتب كثيرا، وتوالى نشر أعمال تؤكد أننا بحضرة كاتب موسوعي، ليست موسوعية معلوماتية معلبة نعاني منها وتسدّ شرايين الحياة الثقافية، لكنها موسوعية واعية، وراءها عقل كبير يرصد ويتأمل ما ورء الظواهر، والأهم أنه جاهز لإعادة النظر في مسلّمات. لا أنسى أنه أصابني بصدمة، عام 2010، بترجمته الوصية الأخيرة «أفكار بليخانوف الأخيرة.. انهيار التجربة السوفيتية». نسيت الآن موضوع الكتاب، لكن أثر الزلزال باق. يحدث أن يصيبك منظر، أو شخص في صباح ربنا، بحالة بهجة أو عكننة تحرق الدم. وفي زحمة اليوم تنسى السبب، وتلازمك البهجة أو قفلة النفس. وضعت الكتاب بجوار كتاب لينين «مرض اليسارية الطفولي»، وعليّ إعادة قراءتهما. عندي الآن مناعة، بعد الصدمة الأولى.

انشغل أشرف منذ انطلاق الثورة، وتابع ارتداداتها في بلدان عربية، آملا في التغيير، حالما بالعدل والحرية. في 2013، في عزّ الجنون الأسدي والتنكيل بالشعب السوري سألته، أشرف بالطبع وليس بشار: متى يمشي؟ قال ببساطة: لما يقعد أوباما وبوتين ويتفقان. وذهب أوباما، وجاء ترامب، ثم بايدن، ثم ترامب، والأسد باق هو وبوتين المكين. وفي لحظة الاتفاق قرروا صرف العفريت، فانصرف هاربا.

في زمن أكثر تعقلا يكون أشرف مفيدا في فهم العقلية الروسية. في زمن لاحق، ربما يتاح لباحث دؤوب أن يقرأ منجز أشرف الصباغ الإبداعي والفكري وانحيازاته في الترجمة، ويشير إلينا: محظوظ من عاش زمن أشرف الصباغ.

 

اقرأ أيضاً:

أشرف الصباغ.. ملف خاص

أشرف الصباغ.. ملف خاص

 

مقالات من نفس القسم