أخاف منك
أخاف منك
أخافُ أن یلتف حبلك السريّ
حول عنقي
وتطفئ یداك الغافلتان
نتوءات صوتي
وتخفف عیناك لون عینيّ.
أي بنيّ
یا من سیعتقد لفترة طویلة
أنني الله
أنا خائف منك.
…..
بالكاد
كنتُ بدأتُ في الالتئام
حین سقطْتَ من جذعي.
بالكاد
تعودتُ على الخوف
فخفت منك وخفت معك وخفت علیك.
……..
أخاف منك
ومن یدك المنمنمة
على وجنتي،
أخاف من رأسك الصغیر
المرخى على صدري..
صخرة ناعمة
في قلب البحر
یلبط حوافَّها الموج،
أخافُ من اختلاجات جفنك
على حلمٍ
ینبع من بئري المعتمة.
أخاف من كفي على جذعك.
وأخافُ من تنفسك البطيء
الناعم الأبدي.
…………….
بالكاد
رأیتُ وجهي
فحبوتَ إلى ركبتيّ
لتقطف ملامحي
التي نضجت للتوّ.
بالكاد
انتبهتُ إلى الوقت
فحبوتَ إلى عنقي
لتتزن على كتفيّ
وتعید اسمي خطوة إلى الوراء.
………….
لا تخرق عینيّ في الصور
اقتلني مرة في ذهنك
ثم اذهبْ.
وعندما تتحسس في وجهك
وجهي الغارب
لا تنتحب
كان ذلك ضروریًا
كان ذلك واجبًا
أن تكرهني مرة بعد مرة بعد مرة.
لتحبني مرة
واحدة، كبیرة.
* * * * * *
توقیت مثالي
سنهرمُ، نعم.
أنا وأنتِ. سنموت.
سیزول كل ما كان لنا
وكل من نعرفه.
لن یبقى شيءٌ واحد
یتذكر أننا كنا في هذا العالم.
إلا مرة..
طابقت فیها أقدامنا
مواضعها على الأرض
بالضبط
حیث حلمنا أن تكون.
في اللحظة نفسها
التي حلمنا فیها بذلك.
فاستمرت خطواتنا هناك
تنطبعُ على الرمال
خطوة بعد خطوة
كسائریْن خفییْن
یكرران مسیرة واحدة للأبد
تنغرس آثارهما
في طول جسدها
كل لحظة.
……..
بالضبط، حیث سرنا
قبل الغروب، على حافة البحر
من أقصى الشاطئ إلى أقصاه
مخلفین وراءنا قوسین من الحفر.
یخرج الموجُ في اللیل
لیساوي رمال النهار
ولا یطمس قوسًا من الندوب المزدوجة
على جبهة الساحل
یتحسسها له واجمًا
ثم ینحسر
واثقًا أنها لیست لبشریَّیْن.
…………
غافلنا الوقتَ حین شرد الوقت
الذي لا یوقف مسیرته الغامضة شيء.
ولا یلتفتُ مرتین
إلا هذه المرّة
القدیمة، دون أن تهرم.
المارة، دون أن تتلاشى أو تبتعد.
ندوبنا المتجاورة، متفاوتة العمق
المتقاربة هناك والمتباعدة هنا
والتي سننظر إلیها یومًا ما
من السماء
فنراها كالوشم على شفة الأرض
كأننا فعلناها في لحظة الخلق.
……..
ندوبنا الصغیرة
التي یراها الذاهبون إلى البحر
ویطابقون أقدامهم علیها
فلا تنطبق
یطمرونها فلا تزول..
فیحلمون بمثلها في مكان ما.
*** ******* ***** *****
مدفوع الأجر
هذه الصفحة
مقتطعة لغرض خاص
ومخصصة لتحیة: أوقات موحشة.
كنتِ فیها تهرولین في أحشاء العملاق الرابض قرب النیل
یمضغُ خبز البواقي
بینما یندس تحت جلده البشر؛
یتوهون في أمعائه المتقاطعة.
یهرولون بین كبده ورئتیه
یدفعون عربات تحمل بشراً
مطمورین بالكامل تحت الأشعة والتوصیات.
یفرشون حول مضخة قلبه
ویبیتون
في انتظار ترمیم العَمّة.
وبشر یموتون دون متفرجین
ویدخلون في عجینة جدرانه
ویبقون هناك للأبد
یصبّرون التمریض
ویساعدون زملاءهم على التقیؤ
یتبرعون بوجباتهم المصروفة بإمضاءات مزیفة.
كأصحاب بیت، كوجوه الفیوم
في قلعة الآلام الرسمیة؛ قصر العیني.
وكنتُ في وحدتي العسكریة.
برأس حلیق وبطن ضامر وعضلات نصف صلبة.
أمرّض الجیاد المریضة
لتستعد للموت بصحة كاملة.
كنا في أوقات صعبة
فكرنا فیها كثیرًا
لكنها جزّت أسنانها أكثر
بینما نختبر شراستها بأطراف الأنامل
هذه لتلك الأیام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ديوان زمني وزمن غيري ـــ صادر مؤخرًا عن دار المحروسة