إلى سارة عابدين
1
أنا أيضاَ جمعت ذكرياتي من زمن بعيد
وحاولت التخلص منها كثيراً
فكرت أن أحكي لأبنائي عن فتاة لا تشبه أمهم
وضحكة لا أظن أنهم سيرونها
ابتلعتني وابتعت العالم يوما ما
الآن، لا ضحك ولا دموع
إيماءات رصينة وحروف مبتورة
ذكرياتي انتقمت مني
المطر صديقنا المخلص
احتفظ بالكثير من ملامحي
وترك لي وجهاً يصلح للزمن
يلونه كل عابر بما يحلو له
وأنا اصمت وأبتسم
لكنني في ليال القمر والحنين
أخور مثل عجل السامري
تمثال يئن من العبث القائم حوله
ذهب خالص يلتهمه الحريق
ليس عندي ما أعطيه لأحد
ولا أظن أني سأحكي شيئاً للصغار
سأنظر في وجهي كل يوم
وأرى الألوان الجديدة التي يضعونها
أود لو أنك تذكرين وجهي الحقيقي
لو تكتبين عنه في رسالة ما
انا أصلح أن اكون فتاة تعيرينها ذكرياتك
تصوري
2
تعرفين يا سارة
أنا أبيع حصتي من الخفة من أجل ضحكة كهذه
اليوم ضحك طفلي بسعادة نادرة
علق برقبتي كزهرة وارتفع بي لأعلى
من أجل سنين صغيرين لأرنبي الصغير
أبيع حصتي من البهجة
أوافق علي الهبوط من القطار مبكرا
أتغاضى عن غبار الجنازات
كم عاشق استهلكوا قلبي
ولم أحظ أبداً بنظرة وله كهذه
أنا أبيع حصتي من الحياة من أجل عناق برئ كهذا
لا أراني في أي منهم
وهذا اجمل ما في الأمر
3
هناك قطار من أجل الامهات
سيظن الجميع أنه يأخذنا إلى الفردوس
لكنه سيذهب بنا إلى بحيرة بيضاء
نغتسل فيها من العاطفة ولعنة الحنين
ننظر إلى أبنائنا فقط كبشر مثلنا
ند لند
ننزع بصمات أصابعهم عن أثدائنا وعظامنا المجهدة
السهر الذي خطف بريق العيون
والشفاه التي ذابت من الغناء و الدعاء
سيكون قطار سريع
وسنكون سعداء وأحراراً
تلوحين لابنتك ورجلها المجهول
أتجاهل أبنائي وحبيباتهن التافهات
سنكون جميلات مرة أخرى
نكتب شعراُ جديداً
بريئاً من الذكريات والأمومة المثقلة بالخوف و التساؤل
أحب صوت القطارات
صفيرها العالي وحديدها الحيادي
وعلى القضبان سألقي سلة ذكرياتي كاملة
وأغتسل في البحيرة جيدا
ربما اغتسلت من أنوثتي برمتها
أنا امرأة ضعيفة
وبعد رحلة كهذه أود أن أصير قوية
أصفع الحياة على وجهها
أراهن الزمن علي حدتي وأكسره على طاولة المقامرة
أنا أخاف الموت يا سارة