رحلتي الى الجنان

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

شعر : نوري الوائلي

النفسُ تزهو والفؤادُ منارُ = والروحُ ترقى والجبينُ وقارُ

وتألقت حين الرحيل يشدني = ذاتي فطالت طلعها الأقمارُ

فجمعتُ بعضَ حوائجي متلهفا = وشددت خصري والدموع إزارُ

وحضنتُ طفلي مشفقاً , ودموعنا = تجري ويعلو لونها الأخبارُ

وأملتُ طرفي نحو سيدة لها = في النفس أفقٌ ريعه أزهارُ

وحملت نفسي واثباً وحقائبي = ورحلت عنهم والشجى مزمارُ

في كلّ بعدٍ ملزم، فالروح تبـ = قى في الديار يزفها استقرارُ

لكنّ روحي غادرت صوب المنى = والجسمُ خلف خيالها طيّارُ

وصعدت في وهج الحماس مكائناً = تعلو السماءَ تُجيبها الأمصار

وتجوبُ أطباق السماء كأنّها = برقٌ وقلبي فوقها إنذارُ

روحي كأرواح المئات تعلّقت = فوق الغيوم تسوقها الأقدارُ

لكنّ شوقي طاف خوفي وارتقى = كوناً لمن قلبي لها مضمارُ

ما كنت أشعرُ في السماء بأنني = للفاجعات وقودها وشَرَارُ

اللهُ يمسكُ علوها ومسيرها = نحو الجنان يشدها الستّارُ

 عبر المحيط كأنني البحّارُ = فقطعتُ آلافاً لبيتك قاصداً

وتركت أهلي في حماك كأنهم = أفراخ طير ما لهم أستارُ

ونزلتُ جدّة ثمّ مكة والهوى = صوب الصفاء كأنّني إعصارُ

وبدأتُ أجري نحو بيتك لائذاً = ودنوتُ منه فالمسيرُ عثارُ

وتلعثمَ النطقُ المتوّج بالحيا = وتبلّلت من مقلتي قفارُ

واهتزَّ من حولي المكانُ لرجفتي = واهتزّ من قدمي الذرى وذمارُ

كيف اللقاء وعشت دهري لاهياً = والقلبُ كاد من الدّجى ينهارُ

ورأيت كتفي في الشمال محمّلا = بالمنكرات تزيدُه الأعمارُ

ورأيت كتفي في اليمين كأنّه = غصنُ الشتاء وما علته ثمارُ

فتحيّرت قدماي أين مسيرها = وتصارعت في مهجتي الأفكارُ

أنت الحليمُ وخير جودك نافذٌ = وأنا الجهولُ وملبسي الإنكارُ

ونسيتُ عند المفرحات كريمها = وكأنّها من قدرتي أزرارُ

ورجوتُ عند إساءتي متضرّعاً = عطفَ الجليل ومظهري استغفارُ

فتسابقت نحوي المكارمُ جمّةً = وكانّها غيثُ الشتا ينهارُ

فأجبتها بالموبقات تجاهلا = فأمدّها من فضله الجبّارُ

ودخلتُ بيتك والذنوب كبائرٌ = والظهرُ قوسٌ والمشيبُ صفارُ

ودخلتُ أحبو والجبين ملطّخٌ = والرأسُ أرضٌ والعيونُ جمارُ

وجلستُ أنظرُ للسواد كأنّني = في عالمٍ قد حاطه الأنوار

وبكيتُ حتى بُلّلت جدرانها = ودعوتُ حتى هدّني الإكثارُ

وجلست عند جدارها وقصيدتي = تحكي اللقاء وحرفها إبحارُ

وسعيت في خجل أدور بروضها = وكأنّها للكائنات مدارُ

حاشاك أخرج من مقامي مذنباً = ويدومُ بعد الضارعات ضرارُ

وخرجتُ من باب الرجاء يسوقني= للموت حشدٌ ما لهم أعذارُ

وخرجتُ أبكي والرجاءُ يزفني = والعينُ من قِصر اللُّقا مدرارُ

أملي بانّ الله يكفلُ عودتي = ولقاءُ من رُفعت بها الأوزارُ

وخرجتُ والبشرى بوجهي راجياً = أرضَ الرّسول تسوقني الأسفارُ

ودنوت من خير الأنام مقاربأً = فكأنّ قربي للهدى أشبارُ

وجلستُ أقرأ للرسول قصيدتي = فتعيدها من بعديَ الأسحارُ

وخرجت أنظر للبقيع فضمّني = طوقُ الضياء بأرضه ومزارُ

وركبت أقصد في المسير حدائقا = تعطي الدماء لريّها الأبرارُ

وتبعت عطراً رائقا فإذا بحمـ= زةَ يستقيم كأنّه الجرّارُ

ووقفتُ أقرأ في عُلاه قصيدةً = تحكي الفداء فشاقني التكرارُ

يا أرض يثرب قد ملكتِ معالماً = ومآثراً قد صاغها الأنصارُ

وحملت أعباء الرسالة قدوةً = فتوهجتْ من صانعيك كبارُ

وفتحت أبواباً لسيّد آدم = فإذا بك للعالمين فخارُ

ورأيتُ فيها كالآلئ حاضراً = أحداثُ نور قادها الأخيارُ

بعض من الأيام كان مدادها = مثل الكواكب ما طواه مسارُ

لو كان ظرفي في الحياة مواتياً = لبقيت فيها والقبابُ جوارُ

ــــــــــــــــــــــــ

*شاعر عراقي مقيم في نيويورك

 

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project