حفصة رفاعي الشرقاوي
لأنهم طيبون:
يتأصل النقاء بداخلهم
كشجرة ممتدة الجذور
دون حاجة للماء
…………
لأنهم مسالمون:
لا يعرفون معنى للثأر
ولا يتذوقون طعما لآلام الآخرين
ولا يبدو للسادية فى قاموسهم
بريقاً من نوع خاص
سوى في ممارستها على أنفسهم.. أحيانًا
……………..
لأنهم صابرون:
يلتهم الألم أعماقهم
في صمت
كما يغزو الشيب أوراق تشرين
فتتساقط في حزن نبيل
دون أن تفكر في الانحناء
ولو لبرهة من المعنى!
…………………..
لأنهم يفرحون بالقليل
-فرحة طفل-
ويبتسمون
إذا ما سمعوا عصفورا يغرد
أو رأوا طفلا يضحك
أو زهرة في كامل رونقها
أو ممرا خاليا
يستمد الجمال
من معين مجهول
كأنما يشعرون بالامتنان
لذلك الكون الذي مازال يتنفس سرا
واختارهم شركاء في السر!
………………..
لأنهم “يحاولون” الرضا
دائما يحاولون
دون كلل
وإذا ما استسلموا يوما
شعروا بالخجل
حين يروا عزيمة نملة
مثقلة بالمسؤولية
مفعمة بالأمل!
………………….
لأنهم مغبونين دوما
والعالم من حولهم
كالغاب
وانعكاسهم لا يبدو قويا
في مرايا الآخرين
فيتكاثرون عليهم
كالذباب!
…………………..
لأن “الدهشة” لاتزل ذات معنى
بالنسبة إليهم
ولأن تيار الحياة الثلجي
لم يصل لأرواحهم بعد
فلم تتجمد!
……………….
لأنهم يتحطمون بسهولة
إذا ما أدركوا
أن عالمهم بأكمله
ليس سوى إيقاعا ثانويا
في مقطوعة آخرين
هم بالنسبة إليهم
عزفا منفردا أبدياً!
………………
لأنهم يستخدمون وجها واحدا
هو وجههم
ولا يرتدون سوى قناع الصمت
ولا يسأمون
إذا ما بلي القناع
بوجه ألف قناع وقناع
يتمدد كل يوم براحة
على ملامح الآخرين!
……………..
لأن ابتسامة صادقة
أو رواية جميلة
أو قطعة شوكولاته
قادرة على محو معظم خلافاتهم
مع من يحبون
………………
لأن الأضواء ترهقهم
وإذا ما ساروا
تردد وقع خطواتهم
في خجل
وإذا ما أخطأوا
سأموا خذلانهم للمقربين
عن دون قصد
……………
لأنهم “أغبياء” في مواجهة
الالتواء الذكي
ولا يحتملون المزيد
من النفاق الضروري
لسطوة الحياة!
ولا يعرفون
كيف “ترسم” ابتسامة
سوى ابتسامة السعادة!
…………..
لأنهم لا يأبهون كثيرا
لغلاف المحار
أو لبريق الماس
أو لخداع السراب
في يوم حار!
…………..
لأنهم يترددون كثيرا
وتصادقهم الحيرة غالبا
وتقتحمهم الوحدة
دائما
دون استئذان
أو مبالاة
ك”حق” سياسي للجوء
إلى وطن جدرانهم الهشة
ولأنهم يفشلون دائما
في تذكر تاريخ إصدار هذا “الحق”!
………….
لأنهم ليس لهم سواك
ساعدهم يارب