ديوان الأغنيات الهرمسية لـ هرمس

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

احساين بنزبير

هرمس (محمد مجدي) يكتب أغنياته كما لو يحرث صوت نشيد شعري. يكتبها كما لو في غرفة شاعرية تحتفل بالقصيدة. ثم حين نقرأ هذا الديوان الذي يحتفل بمرجعيات متعددة، نكتشف أن "هرمس" يزج بنا في طيات الخضوع إلى الريح. لكنها ليست أي ريح، حين يقودنا الشاعر نحو طرفة عين ليخيط حيزا ملؤه رعشة ما:"كطرفة عين لاحت".

لذلك، نتقدم في القراءة ونحن مشدودون نحو فم شعري يحث على أغنيات هرمسية. إنها أغنيات الشاعر تتأرجح بين نجوى ليلية وغنوة التصبيح تحت نافذة الشعراء: "فكلامكلغزٌعنمعنى". هو اللغز في تجلياته الشعرية يرافق أغنيات ليست بأغنيات تسود. بل صوت الشاعر هرمس، بصيغة الأمر، يرتل كلمات: " عد للمائدة مرة أخرى، وعدد احتمالات وجودي في كوخ مفترض، محبوسا معك، أقرأ لك أشعاري الكئيبة إلى الأبد."  نلح على كلمة مائدة في هذا المقطع لأنها باب يؤدي إلى مفترض شعري. إننا أمام ديوان ينطلق من العالم ليكتب العالم عبر غنائية ذكية (تفخيم قليل) تحاور عناصر ترسم: "سيادة شطرنج العالم العام". رقعة تتحول إلى دسيسة أو جريمة شعرية ترجح أخدودا.

بالتردد أو بدونه، صوت هرمس يشبه تلك السيدة التي قال عنها رامبو بأنها تؤسس آلة بيانو في جبال الألب. صوت هرمس ينجو من السقوط في غنائية تكرر ملحا ما يسود، لأن: "الملحواقفعلىالشاطئيأكلقدميك".  ربما هو ملح الحقبة التي تحلب لسان الشعراء وتيتم أصواتهم! ربما. وفقط حين الشعر يحفر رغبة فكر ورغبة قصيدة، يصير صحيا بامتياز. ثم بسخرية جادة، هرمس يفكر في دخان مبني للمجهول عبر ديوان أغنياته، حيث يسكب "الضحك على رؤوس آخرين" على حد تعبيره. ملامح شعر يحمل بصمة الكتابة المجددة والمتجددة في هذا الديوان الذي كتبه الشاعر هرمس بين خريف 2007 وخريف 2009. كتابة بين خريفين. لكن الطراوة والحوار يأخذان شكل "شكل سلم الريح" أو الركض فوق وضم بضائع شعرية عميقة كمورفولوجية للقول والمساءلة.

الأغنيات الهرمسية منضدة أو علبة أدوات شعرية تأخذ شكلها كلما تقدمنا في القراءة. وكلما تقدمنا، نقارب بشكل رمزي هيئات ووجوها مخبوءة وراء تدوير الموروث بشكل حديث. العبور ضروري! وهذا "الثقيل المربوط/الداخل في السكون يحكي". ثم هل نسقط في الحكي؟ ربما لا. لأن الهوس يحجب نثر الحكي على حساب شعر القصيدة عند هرمس. حيث الأنا في هذا الديوان عوض أن تكتب أنا حوار، بالأحرى تحاول عبر القصيدة نحن حوار. للتأمل فقط في أنا ونحن. الثقيل المربوط والمنفتح على ذكريات المستقبل ينحت طريقه في وعبر إيقاع يعيد كتابة ليمونة النفري الصعبة. قد نجازف بأن موقف طبقات النفري صارت في قصائد هذا الديوان سندا من أجل إمكانية نقل لساني، لكن بدون خضوع شعري. قوة تنضاف في ديوان هرمس وأغنياته. مشاع الألوهة: قصيدة تداعب النفري تحت طائل لسان لن يكون مبتورا.

كأننا أمام شعر ينظر بعين فهد أسود. للتأمل. حيث الشاعر حين يكتب ليس يكون واحدا، بل يكتب مع وصحبة الآخرين لأننا نخلف الكتب التي تتقدمنا حسب الشاعر الفرنسي فليب بيك: أخدود الشعر. هرمس يحول ويحور ويحاول ويحاور لأنه بصيغة المفرد المتكلم يقول: "وأغني على الضفة أسماء العالم/ وعلى الضفة أبني من الأغنيات/طوفا غنائيا خفيفا لأنني الثقيل/ وثقيل رأسي بقرون الذكريات." أرايتم أن الأغنيات الهرمسية تصير نشيدا يقظا في حضن القصيدة، حيث هيأة الشاعر الثقيلة تحاول التفكير في قرون وقرون مضت أو تحضر أو تتلمس صيرورة. اللسان يضحي قوة تنمو بين طية الصفحة و نشيد جثة يسبح في موجة أغنيات هرمس.

رهان الأغنيات الهرمسية يتشكل أساسا في إخراج شعري كثافة دنيوية، حيث إبهام هرمس متسخة بالفحم. وسوسة ملحدة لأنها تؤمن بالشعر.

ديوان الأغنيات رجة تحدث وترتكب ثقوبا في المشهد الشعري، كما لو عين بيداغوجية في إيقاعية تتربص بالشعر.

 يمكنكم تحميل الديوان >> من هنا 

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شاعر مغربي

 






مقالات من نفس القسم