خطّةٌ جهنميّة لدخول الجنّة

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أثير الصفا

إلى كلّ الكتب الكثيرة التي طرحت جادّةً موضوع الحضارة والتحضُّر

وكلّ الدراسات الوفيرة حول قداسة القانون الدوليّ

وكلّ الفلسفات الغربيّة حول الإنسانيّة والأخلاقيّة والمنطق السليم

إلى ميثاق الأمم المتّحدة واتفاقيّة جينيف وشِرعة حقوق الإنسان والحركات التنويريّة والسياسات التقدُّميّة

إلى القشّ تُصنع منه الأيديولوجيّة

إلى البداءَة المُسمّاة حداثةً على سبيل الدُّعابة أو التضليل الجميل

إلى مدارس الوعي التي تُروّج لفكرة أنك تستحق ما يحدث لك، وأنّ ما يحدُث لك لا يعنيني

وأنّ ألَمَك يدويُّ الصنعُ كسلاح المُقاومين وكعك العيد

إلى النظام الذي يُشرعِنُ ألاّ يبقى ممّن تُحب إلاّ فروة رأسه في كفِّك

إلى آخر مئة دولار في المحفظة

إلى بروفيل البيدوفيل عليها، وجه منتفخ لرجل نرجسيّ بزيّ استعماريّ سيّالٌ لعابُهُ على الأطفال

إلى طيّات لُغدِه المُقايَضَة بسبائك الذهب

إلى الروحانيّة تنزّ من ثقوبها الماديّة، إلى الأقفاص الصدريّة تأوي محرّكات سيارات

إلى القطط الساذجة في البرد تلوذ إليها

إلى منظومة القِيَم العُليا وهي الغوغائيّة الدُنيا بتركيبها الأوليّ بشكلها الخام

إلى مسرحيّة المفاهيميّة، إلى نهايتها الغبيّة

إلى الديمقراطيّة المُدّعاة، إلى الصيّاد يُفاخر بغلّته وسمكته مُشتراة

إلى التفاهة بكامل حطبها المبلول، إلى مُخطّط الإعطاب جَزَعًا من جُذوة النار

إلى التعطّش إلى الدم إلى الدمار إلى شرعيّة السُّعار

إلى الظلاميّة بكامل يأجوجيّتها ومأجوجيّتها إلى التتار بالياقات مكويّةً

إلى خُطّة المصنوع يشبُّ على صانِعِه حتى استولى على المُختَبَر

إلى النشاز

إلى العُوار

إلى المهجنة جارفةً

إلى غِلّ الغيلان على الشعوب الأصلانيّة، إلى المآرب البادية والعصا حيّة

إلى الزيف مُتعرِّشًا حتى حجب السماء لا نراها، هل النجوم ملصقات برّاقة تُراها؟!

إلى لعنةٍ استُحضِرَت لأرضٍ مباركة، لأنّ الله خبّى السرّ في ثَراها

إلى البصمات المنتشرة في مسرح الجريمة دون أدنى اجتهاد في ارتداء قفّاز

إلى كاميرات المراقبة توثّق وصمة العار بحياد

إلى الصورة التذكاريّة يلتقطها القاتل والذبيحُ بين ذراعيه مسيحًا نازفًا مُردَى

إلى الصورة نفسها وَضَعها خلفيّةً للجوّال

إلى توقيعه المُذيَّل بجرأة على بقايا حائط من أصلِ أربعة

إلى التحقيقات تُفيد بأنّ القتيل عكّر مزاج القاتل وأفسد عليه قهوته

إلى العقلانيّة التليلة للجبين على مذبح مُتخيَّلٍ لبقرات مُعدّلةٍ وراثيًّا

إلى مكياليّة الميكافيليّة وفصاميّة المعايير وفن التضليل والربويّة والمجموعة الضاغطة والمُثل الهابطة

إلى المنظمة السريّة التي تلتزم بحميةٍ من المشايم والبروكلي

إلى إكسير شباب عجائزها مصنوعًا من نُخاع الأجنّة والقُلَف يبتُرُها الخُتّان

إلى العبوديّة المُعاصِرة، والسعادة بالامتلاء خواءً، والاستهلاك حدّ الهلاك تُخمةً، وَوهم الاستقلال وتبييض الأموال وصناعة: الاصطلاحات والتاريخ والإرهاب والبروباغندا والمعايير والأيقونات، وتجارة الأعضاء وبنوك الجلود المسلوخة من ظهور الأبطال

إلى السُّمّ الذي كان يُقدَّم يومًا مع العسل، حين كان الشيطان جنتلمانًا وكان للقتل أصول

إلى الهمجيّة التي أضجرها تأنّقُها حتى انفجرت على شكل Big Bang، إلى شظاياها مرشوقةً في الخاصرة

إلى التعليقات ساخرةً على صور جُثث متطايرة تتساءل: ما درجة نُضج هذا الستيك؟ لا أحبّه متفحّمًا، أحبّه Well Done!

إلى البشاعة متجسدةً تُطالع المرآة وتسأل مرآتي يا مرآتي، ولا تتقبّل الإجابة فتُحطِّم المرآة

إلى الوجوه التي سقطت عن الأقنعة

إلى التشوُّه وكأنّه المعيار القويم

إلى الكبوة هي الأصل لجوادٍ مُهجّنٍ يعتليه قوّاد

إلى الدجّال بعينه الواحدة يعرض إعلانًا لعدسات لاصقة

إلى القتلة الذين خرجوا عن السيطرة وكأنّهم خرجوا في نُزهة

إلى سلالة قُطّاع الطرق برًّا والقراصنة بحرًا، إلى المرتزقة كلابًا ضالّة

إلى كلّ الماركات المصنوعة التي تبيع مُتوسّطي الدخل وَهْم الترف وخَتْم الرِّفعة

إلى العطور والفاونديشن والفلاتر والنفاق الاجتماعيّ ومعجون تبييض الأسنان والقشور الخزفيّة

وكل ما تجمّل به الإنسان المُعاصر وجوهَرُه مُتآكِل

إلى قانون الغاب ومشهد خرابٍ لم يُسدل عليه ستار ولا حتى رُميت عليه بطانيّة

إلى الرأسماليّة التي لم يُقطع من الرؤوس إلا رأسُها

إلى هواية القفز من السُفن الغارقة، إلى المُفارقة

إلى الساحرة الشريرة التي بَنَت بيتًا من الحلوى لتخدع الأطفال وتصنع من لحمهم حساءً

إلى عقيدة الشرّ خالصًا، خالصةً

عليكِ اللعنة (بالإنجليزيّة)

فحتى صيد الغزلان له مواسم

وصيد البطّ البريّ له مناطق

وأسراب السلمون تتجنبّها البواخر

محميّات طبيعيّة للوعول والأكباش والسلاحف والأرانب والسناجب

كل ما في الأمر أنّ ورقة التوت سقطت

وتكشفّت عن مسخٍ بشاعته مُبهِرة

مسخٌ فائق القُبح يدعو لحفظ قناديل البحر من خطر مدّ الطحالب

في الوقت الذي يَبقرُ فيه بطنك

ليصنع من جلدك فروةً

فروة بحجم عورته

وكلّهُ عورة

إلى رهبة العودة إلى نقطة الصفر وحيدًا، إلى السفر نحوَ تلك النقطة وحيدًا

إلى الفِطرة زادها الاجتثاثُ رسوخًا

إلى الفكرة زادها الطمسُ وضوحًا

إلى القصبة يابسةً استحالت بالثقوب نايًا

إلى لمحة الحياة في أفق بالكاد نراه

إلى الجنديّ المجهول الذي أبطل السحر بقُل أعوذ بربّ الفلق، ودفَع الساحرة إلى قِدْر الطّهو

إلى شرّ ما خلق، فيروسًا مدسوسًا

إلى المنظومة الموقوتة تُضبط خوارزميّتها بيدٍ إلهيّة

إلى المُلهَم، إلى الوحي

إلى المتوضّئين بالمطر إلى الشاربين من البحر، لا بأس هانت!

إلى العظماء تحت السقف شادرًا، هانت

إلى المنبثقين من بطن الأرض شجرًا شاهقًا، أروحًا قديمةً مُحارِبة

إلى القميص المُموّه لا نُخطئهُ من بين أقوام غُزاةِ عُراة

إلى العيون اللّماعة من وراء الأكمة، ما وراءَها!

إلى الرجال في الخنادق بذورًا للنجوم

إلى عمّال النور، يستيقظون يُحطّمون السور

إلى بصلات الزنابق مؤجلّةً، إلى أوانِ الإزهار آن

إلى خلية النحل لا تصلُح مسكنًا للذباب

إلى من قصدهم الله حين قال مُفتّحةً لهم الأبواب

إلى مُستخدمي الملاعق في غير الأكل، إلى من أفلتوا الفيضان في وجه مُفتعلي الحرائق

إلى الواثق أخيرًا نِدًّا لمارِق

وإلى حسن يلفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعَيْ أخته

إلىى الضمّةِ بكوعٍ مخلوع وترقوّةٍ تحمل سقفًا

إلى أخته، حين كتبت مطمورةً بعمارة من سبعة طوابق:

“إلى خصلات شعري الباقية في يده، إلى أنفاس حسن التي لم يسمعها أحد غيري، إلى سيارة الإسعاف التي لم تأتِ، إلى كل الخائفين من الموت، حسن لم يكن خائفًا، حسن لا يخاف، إلى حسن حتى نلتقي عند الله …  

إلى الله”.

 

 

مقالات من نفس القسم