مرزوق الحلبي
سأترككم للزّيرِ
للفاتحين
ترشون على رؤوسهم الوردَ
وتكتبون المدائحَ
لحكاياتِ مجدكم كأنّها هنا،
كأنّها الآن
سأترك لكم السبايا
يملأن القصورَ
بالوجعِ
وحكايات يقضمها الوقتُ
فترتقونها
يقضمها فترتقون
وتمضغونها
حتى ينام سيّدكم
وعبدكم
وشيخكمُ
ملء الجفون
****
سأترك لكم الخيول المُطهّمة
معقودًا في نواصيها الفوزُ
سأتركها تكرّ
ثمّ تفرّ
أو تحمحمُ
من وقعِ القَنا
هي لغتكم ليس فيها ما يسرُّ
سأتركُها لغةَ أمّكم تمارسون معها السِفاحَ
وتسترون عاركم
بالمحسنّات!
***
سأتركُ لكم ربطات عُنقي
قيودًا
أخفّ وطأً
على زنودِ
النساء العاليات
**
سأترككم تسامرون الأبالسة
والتّافهين
تلفّون لهم السجائرَ المحشوّةَ بالطيبِ
ويلفّونَ لكم الوقتَ
كما تلفّ سجّادةٌ تالفةٌ
كما تُلفّ جثّة طازجةٌ
سيلفّونكم كما تُلفّ “التعاريص”
بالصلواتِ
ويحمّلونكم في الشاحنات
***
سأترك لكم ذهب البحرِ
والبرّ
كي تعبدوه
وتسجدوا لكلّ ما يُطلى بهِ،
التيجان
والقضبانِ
سأكتفي بحصّتي من الخزفِ
والمعنى
***
سأترككم في غُربة
عن أنفسكم
وعن المعنى
وعن الوقتِ
والوعيِ
سيمنحني المنفى
كلّ ما أعطبتم
بأقلامكم
بأقدامكم
سيرتّب وسادَتي على الحلمِ
الذي أريدُ
***
سأجزّ عنقَ الورّاق
وأضرمُ النارَ في المستودعات
وأجري المحابرَ في النيل
في الفُراتِ
وأعيدكم طوابيرَ
إلى ثقافةٍ مسموعةٍ
يطيبُ لي شعرُكم المنقول
وأكرهُ،
أكرهُ المُدوّنةَ!
***
الكتبُ على الرفوفِ
سأتركها لأطفالِ
يجعلونها سواترَ عالية
عالية
في بابِ المخيّم
***
سألملِم
ظلَاليَ كلّها
من ساحاتكم
وأوقاتكم
دفاعًا عن طفولتي
سأترك لكم كلّ ما كان بيننا
أمّا القصيدة
فلا
***
سأترككم
تُدارون الثقوب في الوجودِ
في الإرادةِ
تحشونها بالّلغوِ
تفضحكم،
تردّون عليها الرداءَ المعطّر
تفضحُكُم
سأترككم
وأحتفظ بأناي لي،
وللكفنِ
فلا تخرجوا في جنازتي!
.
(تشرين الثاني 2020)