خصائص الكتابة النسائية في القصة القصيرة جدا.. (مقاربة ميكروسردية ) للدكتور جميل الحمداوي

موقع الكتابة الثقافي default images
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

خالد البقالي القاسمي

صدر للدكتور جميل حمداوي عن مكتبة سلمى الثقافية كتاب " خصائص الكتابة النسائية في القصة القصيرة جدا ( مقاربة ميكروسردية ) " في ثلاث مائة وثمان وثلاثين صفحة متوسطة الحجم، الطبعة الأولى 2017. ويثير عنوان الكتاب نوعا من الفضول الذي يدعو إلى التركيز على مفهوم الكتابة النسائية التي يتم تمييزها هنا عن الكتابة الإنسانية بصفة عامة، ثم التخصيص بصيغة أكثر دقة على استهداف الكتابة النسائية التي ترتبط بإبداع القصة القصيرة جدا التي تعتبر حديثة العهد في بلادنا، الشيء الذي يعكس قصب السبق الذي حققه الأستاذ حمداوي في هذا المؤلف بتعامله مع الأدب الحديث للغاية الذي تكتبه النساء، وهذا أمر مثير ومهم. ثم هذه المقاربة الميكروسردية التي تدعو بداهة إلى اعتماد أطر وقواعد نقدية جديدة خاصة بالقصة القصيرة جدا، وذلك بعيدا عن مثيلاتها المعتمدة في مقاربة الرواية والقصة القصيرة.  

خصائص الكتابة النسائية في القصة القصيرة جدا.. (مقاربة ميكروسردية ) للدكتور جميل الحمداوي

والآن علينا أن نتحدث عن هذه المقاربة وهي تفكك وتحلل نصوص القصة القصيرة جدا التي كتبت بواسطة المرأة بعد أن كنا نتحدث عنها ككل عندما كانت تقارب نصوص القصة القصيرة جدا دون التنصيص فقط على الكتابة النسائية.

وقد تطرق الأستاذ جميل حمداوي في مؤلفه الهام إلى المواضيع الآتية:

النقد  النسائي النسوي في العالمين العربي والغربي:

  المصطلح يثير نوعا من الالتباس الذي يحتاج إلى بيان، فعندما نقول النقد النسوي فإننا نموقعه ضمن الحركة النسائية التي تنضوي تحت نظام محدد على المستوى الكوني وهدفها الدفاع بطريقة مؤسساتية عن المرأة وحقوقها بصيغة نضالية مستمرة ومتواصلة.

وعندما نقول النقد النسائي فإننا نقصد النقد الأدبي والثقافي الذي أنتجته المرأة نسبة إلى النساء باعتبارهن جنسا أساسيا يشكلن مع جنس الرجال النوع الإنساني. ويعد هذا التنصيص ضروريا للوقوف بحياد وعلمية عند مصطلح الكتابة النسائية التي تحدد توجهها في التخصص فقط في الأدب الذي أنتجته المرأة دون الرجل.

يقسم الكاتب حركة النقد النسائي إلى ثلاث مراحل:

* المرحلة الأولى: كانت مبكرة للغاية في القرن التاسع عشر، وكانت مرافقة للحركة الرومانسية، وتميزت بظهور كتابات نقدية نسائية أبرزها مثال جورج صاند.

* المرحلة الثانية: وتمتد من القرن العشرين حتى أواخر فترة الخمسينيات من نفس القرن، وتعرف هذه المرحلة بفترة الإصلاح الاجتماعي  التي تميزت بالاعتراف بحقوق المرأة وخصوصا الحقوق الأساسية، وتعد فرجينا وولف أبرز من يمثل هذه المرحلة التي نادت بالمساواة الاجتماعية، وأشار الكاتب أيضا إلى سيمون دو بوفوار التي دعت إلى تحرير المرأة من ثنائية الذكورة والأنوثة.

* المرحلة الثالثة: حيث ظهرت المرأة الجديدة وخصوصا امرأة فترة ستينيات القرن العشرين في أمريكا، وقد تركز النقد في هذه الفترة على الكتابات الإبداعية نقدا وتقويما مع رصد الفوارق الجنسية والتشديد على الاختلاف والتناقض والتضاد بين المرأة والغير، مع البحث عن كتابة نسائية متفردة لغة وأسلوبا، ومن أهم مبدعات وناقدات هذه المرحلة جوليا كريستيفا في كتابيها ” النساء الصينيات ” سنة 1977 و ” الرغبة في اللغة ” سنة 1980، وكذلك روث روبينز في كتابها ” النسائيات الأدبية ” سنة 2000.

ومن الناقدات العربيات اللواتي برزن في هذه المرحلة أشار المؤلف إلى: وردة اليازجي، وملك حفني، وهدى الشعراوي، وسهير القلماوي، وعائشة التيمورية، ولبيبة هاشم، ومليكة الفاسي، وأمينة اللوه، ومي زيادة… 

والنتيجة التي توصل إليها الكاتب هي أن النقد النسائي أصبح نظرية أدبية في مجال النقد، تهتم برصد تجليات الكتابة النسائية موضوعا وشكلا ووظيفة، مع بيان اختلافها عن الكتابة الرجالية لغة وأسلوبا وتعبيرا وصياغة.

مميزات الكتابة النسائية:

          المميزات النسائية التي يتحدث عنها المؤلف هنا هي التي لها ارتباط تام بالقصة القصيرة جدا، حيث أشار إلى أن القصة القصيرة جدا لم تعرف وجودها إلا مؤخرا مع مجموعة الحسين زروق ” الخيل والليل ” سنة 1996، ثم توالى التراكم في هذا الجنس حديث العهد فوصل إلى أكثر من مائة مجموعة إبداعية وثمانية كتب نقدية موازية.

          ويلاحظ المؤلف بأن النقد في القصة القصيرة جدا مثله مثل الإبداع كان حكرا على الرجل بأكثر من سبعين مبدعا، ثم ظهرت مجموعة قليلة من المبدعات يكتبن في هذا الجنس الجديد مثل: فاطمة بوزيان، والسعدية باحدة، والزهرة رميج، وزهرة الزيراوي، ومليكة الشجعي، ولبنى اليزيدي، وحبيبة زومي، ونوال الغنم، ووفاء الحمري، وسعاد أشوخي، ووئام المددي، ولطيفة معتصم، ومليكة بويطة، وعائشة موقيظ، وآمنة برواضي، وزلفى أشهبون، ونعيمة القضيوي الإدريسي، وحياة بلغربي، وصالحة سعد، وسمية البوغافرية، وسناء بلحور، وزليخا موساوي الأخضري، وزكية الحداد، وفتيحة بلخير… أما الناقدات فقليلات مثل سعاد مسكين، وسلمى براهمة.

          وتتوزع مميزات الكتابة النسائية في القصة القصيرة جدا بين الهم الأنثوي والرؤية الرقمية، وتنوع النفس القصصي، والرؤية القومية والهم الذاتي، وبشاعة الواقع الإنساني، المفارقة الساخرة والفانطاسطيك، هموم الأسرة وهموم الواقع، الرؤية الواقعية النقدية، التعبير الواقعي والتشخيص التجريدي، الواقع والحلم، الهجرة والاغتراب.

          وأشار المؤلف كذلك إلى عدد من مقومات الإبداع النسائي في القصة القصيرة جدا والتي تحدث فيها عن المقومات الفنية والجمالية، والمقومات القصصية، والمقومات التركيبية، والمقومات الإيقاعية، والمقومات الأسلوبية….

أمثلة تطبيقية:

          عمد الكاتب إلى دراسة عدد من المجموعات القصصية القصيرة جدا لتأكيد السياق النظري الذي عرضه في البداية وذلك لكي يؤكد على صدقية ما ارتآه فيما يتعلق بكتابة المرأة للقصة القصيرة جدا، وهكذا تطرق إلى خصائص القصة القصيرة جدا عند آمنة برواضي، والمعمار النصي في مجموعة ” أقواس ” لسمية البوغافرية، والحجاج اللغوي في القصة القصيرة جدا، وأنواع الملفوظ السردي، ومكونات القصة القصيرة جدا وسماتها عند هيفاء السنعوسي، وأنواع الجملة عند هيفاء السنعوسي، وسيميوطيقا علامات الترقيم عند هيفاء السنعوسي، ومقاربة الجملة الفعلية عند مريم الحسن، ونقد القصة القصيرة جدا عند سعاد مسكين

     

            

               

مقالات من نفس القسم