عن حربٍ ما، يبدأ مشهده الأول بهذا الجدار. أفلام الحروب عظيمة غالباً ما تحصد جوائز المهرجانات.
ربما لو كانت ماسورة الدبابة لأعلى قليلاً لكانت تلك الفجوة في السماء أو ربما لو كانت لأسفل قليلاً لما عاد الجدار قائماً. كانوا في منتهى الدقة، لقد أرادوا تلك الفجوة ظاهرة للعيان. لم يريدوا هدم الجدار فيكفي بقية البيت، ويكفي ما هدموا من مئات الجدران الأخرى. ربما ملوا كثيراً. لقد فضلوا تغييراً ولو بسيط في الخطة، تلك الفجوة الواضحة القوية كأنها علم يرفرف لحظة الانتصار. كأنها الشاهد الوحيد على انهزام ذاك البيت، ستعَيّر تلك الفجوة هذا الجدار كل لحظة.
لذا أنتظرهم ليملؤها بالصور والشموع والورود حتى تسطع ظاهرة مفرحة للجميع، حتى تعلن جميع وسائل الإعلام سطوة ما. ربما ستؤلف كُتباً، وتنشر مذكرات ذلك الجندي داخل الدبابة، يحكي فيها عن مشاعره قبل وبعد الفجوة. ربما سيذكر شيئاً عن التوقيت التقريبي للاصطدام وقوة الاصطدام. عن فخره بنفسه كمن يترك ندبة على جبين أحدهم فينال تصفيق الحشود.
خُلِق الوجه كله فجوات، ففجوة للجوع وفجوتان للهواء وفجوتان للنور.
لكن أسباب تلك الفجوة تشبه آخر بورخيس، إنها متعددة الفجوات ومتعددة الأسباب لتعيش حياة الجميع. تعيش للجميع على الجبهتين، فكلاهما يستمد منها قوته ورمز انتصاره. رغم أنهما عدوان مختلفان إلا إنهما متفقان حول تلك الفجوة. لكن الفجوة للآخرين ما هى إلا بوق كبير يُصدر ضوضاء كائن خرافي يسكن الحواديت القديمة المرعبة. لأن حواديت اليوم صارت مجرد خبر نتوقعه مع الخبز الصباحي.