أديب كمال الدين
سألت النقطةُ الحرفَ: كيفَ وصلتَ؟
أجابَ الحرف: ماشياً.
فهزّت النقطةُ رأسَها
واستلقتْ على فراشِها العجيب.
*
الشِّعْرُ يحتاجُ إلى الغموضِ والترميز
والقلبُ يحتاجُ إلى البكاءِ والصراخِ وشقِّ الثياب.
ما فائدةُ الشِّعْر إذن؟
*
الفراتُ يتصلُّ بي تلفونيّاً كلّما اشتدَّ به المرض،
فعلّمته الصلاة.
قال: لا أحتاجُ إليها،
أنا أُصلّي على وسادتي المصنوعةِ من الطينِ والسَّمَك.
*
الفراتُ يحُبّني وأنا أحُبّه
لكنّي لا أستطيعُ أن أقولَ له:
إنّ حُبّه أهلكني
وألقى بي إلى الجحيم
شاعراً من حروفٍ وحُتوف.
*
بعدَ أن شكوتُ للفراتِ محنتي الأسطوريّة،
قال: لا أفهمكَ يا ولدي
أنتَ حرفٌ وأنا نهر.
*
أردتُ أن أصفَ أنيابَ الكلاب
فأفسدت القِرَدَةُ عليَّ الأمر
بصراخِها الذي لا يتوقّف أبداً.
*
المرآةُ حلمٌ
كيفَ أقودهُ إلى نَفْسه؟
*
المرأةُ كائنٌ هَشّ
أكثرُ هشاشة من الثلجِ المُتساقطِ من السماء.
*
قلبي هشّ
مصنوعٌ من القَشّ.
ولذا أخافُ عليه من النارِ والريحِ والآه.
*
أردتُ أن أصفَ جمالَكِ،
أن أغنّي لكِ،
أن أعزفَ موسيقى الجسد لكِ،
فقلتِ: لا، ولا، ولا.
معَ أنَّ (لا) واحدة تكفي تماماً وتزيد.
*
قلتُ للفرات: أأنتَ قلتَ لي
– حينَ كنتُ صَبيّاً وأردتُ الطيران-
لا تحزنْ يا صديقي الصغير،
أنتَ مُؤهّلٌ للطيران في سماءِ القصيدةِ فقط.
ضحكَ الفراتُ وقال:
أنا لا أفهمُ إلّا في الماء
وحديثُ السماءِ عليَّ غريب.
*
قلتُ للبحر:
أريدُ أن أرجعَ إلى الفرات.
فتبسّمَ وقال:
مَن يصل البحرَ لا يرجع إلى النهر.
*
المرآةُ العاريةُ رقصتْ وبيدها المرآة.
أعني أنَّ المرأةَ العاريةَ رقصتْ وبيدها المرآة.
*
أخرجتُ الثلجَ من المرآة
فبكيتُ لأنَّ النار اتّسعتْ وأحرقتْ أصابعي.
*
أنكرَ الفراتُ علاقته بالمرآة،
وأنكرت المرآةُ علاقتها بالمرأة،
وأنكرت المرأةُ علاقتها بالحرف،
وأنكرَ الحرفُ علاقته بالنقطة
لكنَّ النقطة لم تنكرني
فبقيتُ مَذهولاً مُنتَظِراً أبدَ الدهر.
*********
مقاطع من قصيدة طويلة