جزيرة النساء

فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

عبد الرحيم التدلاوي

لمبحث الأول: تحت سقف النداء والتمور
1_ الحياة بيت القصيد
تتملكني رغبة في أن أصوغك تمثالا يجثو الناس أمامه انبهارا يتوددونه، تتملكني رغبة في أن أنفث فيك من روحي فتتمثلين لي ملكة متموجة الرغبات، ترفعني وتخفضني متى تشاء، كالمد مرة والجزر أخرى، وأنا بين أمواجك أرتع كما لو كنت في مرج أخضر مزين بدوالي السكرة الأخيرة، مديني بنحرك لأرسم عليه رغباتي، مديني بنهدك لأمتص منه رحيق حياتي، مديني بسرتك ليكتمل اكتمالي.. يطرد الهدهد من أوهامي نبش الغراب، ويعيد تفاصيل الوجود إلى متاهات الرؤيا، فأركع متبتلا شاكرا نعمة حضورك المشرق يزين قلبي المحزون جراء غيابك السرمدي، ها قد طال انتظارك فمتى اللقاء، ها قد غابت روحك فمن يعيد بناء الوجود، ها قد عدت فرحة ليسمو الفؤاد بالانصهار ويعيد تلابيب الزمن إلى نغمة البداية. تعالي، أحمل إليك الشمس، وتحملين إلي البحر، ونتمدد على الرمال نتابع النوارس تغني لحن اللقاء. انزعي عنك رداء الخجل، واركضي عارية وتنشقي نسائم الحرية، أعيدي إلى جسد الضوء، وسيري خلف رغباتك المتوارية، واسمحي للموج أن يغطيك بلمساته الحريرية ليعيد إليك إيقاعك المفقود، ليعيد إليك نبض الحياة، وأقبلي علي منشرحة الصدر، مبتهجة القسمات، فالحب نشيد ، والحياة بيت القصيد.
2_ الليل كاحتمال
هذا الليل المتسرب مثل الماء من بين أصابعي، كيف أكتبه وأنت عارية أمامي بتحد أخجل حرفي فتوارى خلف النسيان… ذاكرتي متعبة، وبي وحش يريد أن ينهض… اقتربي، لعلي أشفي بك داء جرحي، لعلي بك أشبع ذاكرتي لتمتلئ بك حد التخمة، فأسافر باطمئنان إليك وأعانق السهر المتمدد بعنفوان كسكين تجرح بقاياي، ها أنا أتشظى بك، ها أنا ألملمني بك، ها أنا أتوهج بنار قبلاتك، من يسميني، فالولادة من رحم اللقاء نعيم وشقاء، وأنزفك، وأعيد تركيبي، لا مهرب منك، وهذا الليل المنسكب من أحداقك، كيف أكتبه، كيف أعيد رتق الصبابة، كيف أبني من جديد جسدك الذي التهمته من غروب الشمس حتى مطلع الفجر…؟
3_ إلى الشاعر محمد بنطلحة
حين أشرقت الشمس وقد أدنت لها بالبروز، تمدد الليل في عينيك ثم تقلص ليصير بحجم سمسمة تزين كعك الانتظار، كهلالية متورطة في عشق الانتصار المكذوب، ورمشك الهزاز يرعب جحافل الصيد الباكر، يطمر الرغبات في أعماق التمني، ويبلط أرض السهر بشقوق من كرز نام على خد أميرة نهضت لتوها من نوم عميق على قعقعة السيوف وصليلها، لا تدرك أن الحرب قامت فقط لتبقى نائمة في فراشها الوثير ترعى أحلامها الوردية تجري كماء نمير في السهول تصيرها خضراء، جنة للناظرين. ترقبيني، فأنت أميرتي اليقظى، وحلمك سأحمله على جناح قزح، وأسقي به أرضي العطشى، لينمو الخصب زادا لملاحمنا الزرقاء… نامي قليلا أو كثيرا، فلم يصح الديك، بعد، معلنا نهاية الاشتباك.
**
هجهوج اللذة والانتقام
بعيدا عن أعين اللغة المتفحمة، وفصاحة لصوص الفضيلة، ومن شرفة الأحلام، أرسم امرأة في مقبرة شاسعة الرميم، ترقص على إيقاع الهجهوج، ترقص بحماس منقطع الجمال، بجسدها الريان، ترقص بحرارة تذيب القلوب خشوعا، فيتساقط عرقها كما لو مطرا من سماء عاشقة، هبت لنجدة الرقود، حتى تعيدهم إلى نغمة الحياة…
ها أنت في ظل ريشتي خاضعة ومستكينة، أشكلك كما أشاء، وأضع الهجهوج على صدرك ليهتز العالم برقا ورعدا ومطر خصب…
**
أنت ملكي؛ جسدك والروح..
تقبلين فيقبل معك دفعة واحدة سيل الماضي كنصل يقطع خاصرة الريح، أو كحريق يأتي على الغابة، ما زالت هند تتابع أحداث وقائع حب قيس على الشاشة، تنتظر حلما كسبحة فقيه أو خيط نجاة، وما زلت مستلقيا على أريكة أندلسية أنصت لأغنية مديح من الدرجة الصفر، وأسبل جفني علي أنام من رهق، وتلك الدمى المتشعبة من حطها على مخدتي؟ عابث أم حسود؟ أحلامي ليست للطعام، ولن تشبع بطنا تدلى من شاهق، بل هي خاصتي، أراودها عن نفسها وتراودني، وأعبث بساعة الحائط، أغير رنتها لتصير نافورة في حديقة قلبي، لن ينعم العالم براحة أبدية إلا حين أطفئ التلفاز وخيالي…
**
أحداق الليل
هذا الليل الطويل خمرة عيون محدقة والنجوم أأجراس مدائن للنداء، أم أغداق عنب؟ هي أقداحي، فصبي لي مزيدا من عتاقة لأبدد صبحي وأسرح كطريدة في البراري، لا الرصاص مطلبي ولا الحكمة نصب عيني، أمارس حمقي حيثما وجدت، ومتى شئت، فهو ضالتي، فارفعي ستارة الوجد واتركي للرقص يداري بؤسي. أنام حين يغدر بي الزمن المتسرب بين أصابعي، وذلك الحلم التليد اللعين الشريد الذي يفر مني كلما اقتربت منه، يعاكس رجائي ويكسر أوهامي.
**
تباريح
الغروب سيدتي رجفة الوجود، والليل غطاء من عيون برموش عابرة للقلب تدفئه حين يتبلد الإحساس بفعل ثقل ثلج النسيان، ادخلي قلبي فهي جنة لا تزهر إلا بعطر حضورك، أزهار الحياة من سقيا أهدابك الناعسة، ودعوة لفجر حالم يأتي بالخصب ويعيد الزمن لوقته المعلوم، والحضن الدافئ كرامة صوفية وحلول رباني، ما أسعدني، وما أشقاني، حضورك نعمة وشدائد، من يقويني على تحمل أعباء الجبال، قد أنهد في أي لحظة، فاتركي لي عيونك منقذا، واتركي لي قلبك مسعفا، واتركي لي صدرك ناهدا.
**
أدغال النشوة
وأنا كزنجي خارج من جنات الأدغال… تفوح مني رائحة الجنس…. أرسلها عنوة…. تراها النسوة اللائي قطعن واللائي لم يقطعن… فتخضر عيونهن…. يسرن خلفي كجوقة بصمت وعيون مغمضة… أقودهن نحون سرير اللذة… أشبع غنجهن بعنف التراتيل… واطلقهن فراشات مانعا عنهن اليعاسيب الصاخبة… فيخضل الوجود ويسيل نغمات عذبة كالربيع.
**
تراتيل الماء
تقبلين فيقبل معك دفعة واحدة سيل الماضي كنصل يقطع خاصرة الريح، أو كحريق يأتي على الغابة، ما زالت هند تتابع أحداث وقائع حب قيس على الشاشة، تنتظر حلما كسبحة فقيه أو خيط نجاة، وما زلت مستلقيا على أريكة أندلسية أنصت لأغنية مديح من الدرجة الصفر، وأسبل جفني علي أنام من رهق، وتلك الدمى المتشعبة من حطها على مخدتي؟ عابث أم حسود؟ أحلامي ليست للطعام، ولن تشبع بطنا تدلى من شاهق، بل هي خاصتي، أراودها عن نفسها وتراودني، وأعبث بساعة الحائط، أغير رنتها لتصير نافورة في حديقة قلبي، لن ينعم العالم براحة أبدية إلا حين أطفئ التلفاز وخيالي…
**
بياض الحيرة
هذا الليل الطويل خمرة عيون محدقة والنجوم أأجراس مدائن للنداء، أم أغداق عنب؟ هي أقداحي، فصبي لي مزيدا من عتاقة لأبدد صبحي وأسرح كطريدة في البراري، لا الرصاص مطلبي ولا الحكمة نصب عيني، أمارس حمقي حيثما وجدت، ومتى شئت، فهو ضالتي، فارفعي ستارة الوجد واتركي للرقص يداري بؤسي. أنام حين يغدر بي الزمن المتسرب بين أصابعي، وذلك الحلم التليد اللعين الشريد الذي يفر مني كلما اقتربت منه، يعاكس رجائي ويكسر أوهامي.
**
أعيريني
أعيريني يديك،
يديك المانحتي ضوء منيرا
يديك البضتين والحنونتين
يداك مثل يراع من نور، ودمي المسفوح مدادك، فاكتبي حرفك يخترق صدر الظلم إسفينا، ولا يسل من الجرح إلا وقد ابيضت القلوب عدلا وروينا.
لأكتب بهما أجمل القصائد:
كأن أمسح الدمع عن عيون الأبرياء وقد شط بها الجور والفقر والتهميش، فلا مجيرا ولا معينا..
كأن أمسك دمع الأمهات والثكالى والمنسيات، والمحتقرات، والمهمشات…أجمعينا.
كأن أمسح من قلوب الناس الإحن والأحقاد والبغضاء، وشهوة الحرب، وأكون للسلم ظهيرا ومعينا.
كأن أشعل في قلوب العشاق الحرائق حتى ينهض العالم من سباته المقيت ويدرك أن الحب أصل وأن الخراب فشل الحكام الجائرينا.
كأن أسقط غيثا على حقول فلاحين أثقل كاهلهم طول انتظار بغد جميل لاح في الأفق ثم اضمحل وصار بعيد المنال لا فتحا مبينا.
كأن أكتبك أميرة القوافي، سليلة الجمال، غازية القلوب وصانعة أمجاد… حبا ولينا.
**
شمعدان
حزين كأمواج باهتة تضرب الصخور بفتور وتمشي إلى الشاطئ بنفس متعب، حزين أن الموسيقى لم تعد نسمات روح بفعل رنين مزعج من آلات بين أنامل خشنة، ها الضوء القادم من عينيك يمنحني البشارة، يرسم لي السبيل إلى دحر العطش المتراكم في النفس كطبقات متراصة تشبه جندا في حالة تأهب لإطلاق النار على فراشات زاهية لاهية غير عابئة بما ينتظرها من مهازل متتابعة، تراوغ بأسنة النور بلادة الرصاص، وتعيد البسمة للزهور الزاهية بأريجها الذي يملأ النفوس بحلاوة الحياة، وأنت نشيد حياتي، فلا تغيبي عن أفق روحي، وانبتي في نفسي بحضورك البهاء، وطوبيني بدمع عينيك.
**
شطحات مستجدة
يستلقي العالم على ظهره، يتابع عن كثب، بعينين ملؤهما الريب، شطحات الإنسان..
يمسح بمنديل صبره عرق غضبه السائح..
في لحظة نفاد، يبعث له بكائن دقيق ولعوب، ويتابع حمقه الضاحك، وجنونه الفادح، كان كعروس اكتشفت ليلة دخلتها أن زوجها حصور!
الليل امرأة تسرح شعرها الطويل بانتظار حبيبها الشاعر. الشاعر يتغزل في القصيد..
وتعجزه الحروف. يقلقه الملل. والأرق مشط عنيف. يمشي حائرا كشيطان مريد. وفي لحظة سهو يسقط في فخ الشعر الطويل.

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

كورونيات

يتبعهم الغاوون
نورهان أبو عوف

الساحر