ثوانٍ حَمراء على سُطورٍ برونزيّة

جبران سعد
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

جبران سعد

لأجل المُهندس المِعماري ” أنطونيو غاودي ” وتطلُّعاتِهِ الحَفريّة في شخصيّة العائلة المُقدَّسة، التي نَتَجَت عنها تَرنيمَتهُ المِعماريّة “كنيسة الساغرادا فاميليا – كنيسة العائلة المُقدَّسة ” في “برشلونة – اسبانيا” .

وعلى المقاعدِ الخَشبيّة الطويلة المرتاحةِ على أرض الكَنيسة إلى آخر الدَّهور،
حيثُ يجلسُ الفازِعونَ إلى سَكينَةٍ لا تعرف سنينَ الخَوف، ولا الانكسارات التي بقَّعت وجوهَنا وكلماتنا؛
استَعرتُ حِصّةَ تأملٍ من ضَبابِ أحلامِنا المَخطوف،
ومن عواطِفَ حَجَّرت عتباتها الهجراتُ والحُروب،
جَلستُ قُربَ الفازعين، في قلوبِ وَعْيهم،
و وَجهي إلى الجهَة اللاقدرةَ لملائكةٍ على مغادرتِها:
نظرتُ يميناً إلى البِلَلور المُعشّق بأزرقٍ زكّاهُ فَجرُ “برشلونَة ” البَحري،
ثمّ يساراً إلى جارِهِ المُعشّق بأحمرٍ عُصِرت تدرجاتهُ على كلِّ غُروب،
وعلى مهلِ،
عمَّرتُ الوقتَ والنظرَ بأنفاسِ “مريم”،
وأعدتُ وجهي إلى الأمام
إلى السَمتِ الروحيّ للمَكان
نحو دَرَجِ الهَيكل
حيث يتسمَّرُ عالياً فوقهُ ابن الإنسانِ النقيّ
صَفِيُّ الجَمالِ المَسلوخِ منَ العَدَم،
مرفوعاً على رتبةِ الصَّلب
و وحيداً في فراغِ الغُفران
حاضناً آلامَهُ وكلمات ذاتِه الجَمعيّة
ومعلّقاً إلى الأبد،
في المركزِ الذي تتلاقى وتتساوى فيه الأضدادُ والجِهات.

لكن فجأةً،
رَشقَ الضّوءُ ثوانٍ حَمراء
على سُطورٍ برونزيّة؛
مرّت عليها بُحيراتٌ
وأسماكٌ
وأعراسٌ
ونبيذ،
مرَّت عليها الأشجارُ مُزنَّرةً بالرَحمات،
مرَّ العُشّاقُ
والمَظلّات
ومرَّ المُغنّونَ،
مرَّت الورودُ العَميقةُ
الظِلال
ومرَّت شَفتانِ مُعلّقتانِ
في البال،
مرّت الدُهورُ الشاردةُ
قُربَ النبعِ الذي شَربَ منه السيدُ
للتَو …..

ولمّا احتَضنتُ رَوعةَ النّهار
هَطلَتْ من شارعِ الأعيادِ السَّماوي،
ترانيمُ و عُلبٌ حريريّة مُزيّنة بكُروم ٍ
لا حَصرَ لها !!
تهيّبتُ
وشَهَقت
وبدأتُ العدَّ والنّغمَ
واحد اثنان ثلاثَة
ثمَّ قفزتُ إلى طُفولتي:
غَرفتُ من فيضانِ النّقاء
وشَمعِ النّار البلَلوري،
نَسيتُ مَعاني كلمات الفَشَل
والانخفاض
وعَلَوتُ الى غُصنِ السَّعادة
في شَفَتي عَشيقَتي
السريّة
مَسحتُ عن وَجهي تَجاعيدي
وسافرتُ إلى المياه “الشاميّة”
التي عَمَّدتني،
وفي لحظةِ انخطافٍ مُبهمَة لا مَرئية
جاءَ الساكسوفون وزيتوناته وكَمنجاته
الوَرديّة،
و ردّوا إليَّ عينيَّ وأنفاسي.

برشلونة – السويد
صيف 2022

………………..

* شاعر من سورية يعيش في السويد

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني