ثلاث قصائد

art

نورهان عبد الله

ذاكرة تحتمي بقلب سمكة

تحتمي ذاكرتي بقلب سمكة،
تبحث عن معنى جديد للذاكرة.
في الصباح
أدوّن يومياتي
، وفي الليل أنسى ما كتبت،
كأنه اتفاقٌ صامت
بين ذاكرتي ونصوصي.
أرسم علامة دهشة على وجهي،
وأفكر بحرارة تشبه الغروب،
لماذا تمضي ذاكرتي معاهدة مع النسيان؟
حربٌ لا ينتصر فيها أحد،
سوى الذاكرة،
وأنا خسارتها الكبرى.
أخشى المستقبل ليلًا،
وحيدة مع النجوم،
أرسم بفمي نجمة صغيرة على نافذتي،
ثم أعود إلى مكتبي،
وأضع الورق والقلم.
تأتي الذاكرة من جديد
لتخبر النسيان
أن هناك امرأة
حاولت أن تكتب.

***

ماذا لو أطل العالم على غرفتي…؟!

في الركن
مدفأةٌ صغيرة
تدفئ قلبي
من مشاعر معلّقة فوق رأسي.
فوق الفراش
أضع صورة مرصّعة بحبّات من اللؤلؤ،
نوعٌ خافت من الزهو.
وبجواره منضدةٌ صغيرة
أخفي فيها دفتر ذكرياتي.
على الحائط صورٌ ملوّنة
بلون حياتي حين كان الحظ أقلّ قسوة.
قرب باب الغرفة
قفصٌ صغير لعصافير الكناري.
في الصباح أفتح النافذة
وأطلّ على عالم يتّشح بالسواد،
كسواد طلاء جدران غرفتي.
بجوار أرجوحتي أهدهد الماضي،
أصنع منه طائرةً ورقيّة،
وألقيها من النافذة فتسقط على رأس العالم
حين يصرّ على رسم ابتسامة
على شفاه الواقع،
فيخنقه بابتسامةٍ صفراء.
العالم لا يتّسع لاثنين،
وقلبي مزهرية لا تتّسع إلا لقلبٍ واحد.
ثمّ يلحّ السؤال: ماذا لو اطّلع العالم على غرفتي؟
ستبكي أمّي من شدّة اليأس المتناثر عند الباب.
أرادت أمّي أن تستبدل أرجوحتي بلافتةٍ صغيرة
كُتب عليها: هنا وُلدت فتاة
بيدين وساقين، ورأسٍ ضيّق عن اتّساع العالم،
وخيالٍ واسع يكفي ليعاملها العالم برفق.
سيطلّ العالم على غرفتي،
ويحملونني في صندوقٍ خشبي
. وتبقى لحظة الوداع واسعة،
لا تأخذ مساحة من غرفتي الصغيرة.
***

من قتل صوتي …؟!

(1)
في حجرة مُظلمة
الطيور
تغني أعلى البناية
وصوت الماء
يخُر من الصنبور
ورائحة الأرض
عطبة
كرائحة حيوان
أفسد يومه
في حمام عمومي
(2)
الظلام قوي
كــ نباح كلب
والسجن كزاوية
ضيقة تخرج منها
رائحة المُعتقلين
كرائحة عطر
كلما أجتذبته
لأنفي صار
نقياً
(3)
أول صدى
رجل يتسلق
باب الحجرة
فتنهمر
الأصوات
ظناً أن فمُه
لن يصمُت
وما حدث
لم يكُن متوقع
سقط الرجل
ومات كذبابة
على زجاج نافذة
(4)
ثاني نفس
من نفس الزنزانة
كانت أمرأه تنادي
على الليل
فتكتب بالطبشور
على الحائط
قصتها كقصة
مغامرة في غرفة
مُظلمة
فسحبها الظل
من الحائط
(5)
ثالث أثر
فتاة في ربيع
عُمرها
نشرت صوتها
على الشمس
فأضاء ظلها
السقف
(6)
رابع اهتزاز
طبيب
التهمته نيران
باسم الحق
فسقط
ونُقل على أرض
المعركة
فأشهر عقله
فشوه
وفرغت أرض
الزنزانة

 

 

 

مقالات ذات صلة

أقسام الموقع