محمود عزت
لا أتحسس رأسي،
لأنه قد ينفجر من لمسة خاطئة.
تصميمٌ معيوب،
أخفيته بعناية لـ 33 عاماً
مررّته من كل فحصٍ دوري
من كل محادثة يومية
من كل ارتياب مفاجئ
قبل أن أكتشف:
لم يكمن ذلك في مهارتي؛
لم أكن مرئيّا.
لم يكن هناك أحدٌ يشاهد.
نجوتُ بالصدفة.
بلا مجد.
دون معركة.
بعدها لم ينمُ الامتنان
ويعشوشب من فجوة رأسي.
لم أتأهب للفرار، مع كل تحديقة طالت عن المعتاد.
لم أنتشِ بعد كل حديث عابر
دون انفضاح.
لم أنمْ محتفلاً في السر
بالنجاة ليوم آخر من العالم.
زحفتُ كالجندي غابة كاملة
مأهولة بالحشائش.
فوقفتُ وشعرتُ بالإهانة.
في يسار رأسي
فجوة مفتوحة
منذ أن كنتُ في الرابعة.
خفتُ من نفسي
منذ أن كنتُ في الرابعة.
أدخلتُ إصبعي
ولمست التروس المهشّمة
لمست تعاريج الزمن على الصور
سمعتُ دقات مبهمة
على سطحٍ صلد
كشطتُ النسيان عن وجوه غائمة
واستيقظتُ ذاهلا على دخان الأحلام
كان هذا مبكرا جداً.
وسرتُ في صالة البيت
في دوائر
لأنجو من رأسي.
لم أكن مرئياً.
لكنني سددتُ الفجوة
فوق صدغي
بالورق.
وأنقذني الشعر من الانتحار.
اعتبرتُ كل الذين ظهروا لي
في صالة البيت
وعلى سريري
وفي السقف
ملائكة
رغم جبهاتهم المتفحمة
وعيونهم المنفجرة
ملائكة
رغم كل ما تنبأوا لي به
ملائكة
رغم كل ما قالوه لي.
ملائكة
لأنه لم يكن لدي خيار آخر
الآن يجلسون حولي
ابيضّ شعري..
وشعرهم.
لم يكن هناك أحدٌ يشاهد
وعرفت قيمة ما أسدوه لي.
حين أردتُ أن أسامح
ولا أعرف من.
أردت أن اعترف
ولا أعرف بم.
أردت أن أُرى
فخرجوا إليّ.
في يسار رأسي فجوة مفتوحة
منذ أن كنتُ في الرابعة
أخفيها بالابتسام الطويل
أو تقطيبة الاهتمام.
لا أتحسس رأسي،
ثمة ما قد يتحرك بالداخل،
من لمسة خاطئة
يفتح عينيه
ويذكرني بما نسيت.
………………
* من ديوان “زمني وزمن غيري” ـ قيد الإصدار