أسعد الجبوري
قبل أن نجتمع به في مقر إقامته في برج “السعادة القاصر” قيل لنا إنه مصابٌ بنوع ثقيل العيار من الكآبة،وأنه منعزلٌ، وبالكاد يقابل أحداً من أصدقائه القدامى بما فيهم أندريه بريتون.
لم نأخذ بتلك المخاوف. فنحن الذين قطعنا ملايين من السنوات الضوئية عبر البرزخ الإلهي، لم نجد مبرراً يحول دون محاور الشاعر المصري جورج حنين .
وفجأة وجدنا بوابة ضخمة تنفتحُ أمامنا ،ليخرج منها رجلان وفتاة ضخمة الجثة ،وهي يقود حيواناً طويل القامة ونحيف يُسمى “الباروس” وهم يتقدمون منا، طالبين مرافقتهم إلى حيث يقيم الشاعر على سطح ذلك البرج الممتلئ بالكتب والأفلام والأسطوانات الموسيقية،فيم جلس الشاعر جورج حنين وراء بيانو أبيض اللون،وهو يتأمل بأوراق خاصة.
ما أن شعر بوجودنا، حتى نهض .تبادلنا المصافحة والتحيات وجلسنا إلى طاولة كانت عامرة بتماثيل صغيرة لمختلف الشعراء والروائيين ورموز التاريخ الحضاري للأرض. بعد دقائق من الصمت،قدم الشاعر مختصراً عن تماثيله.وما أن أنتهى من ذلك حتى دخلنا معه في الحوار .سألناه أولاً :
س:كيف كنتَ تنظرُ إلى الفن ؟
ج/ليس من خلال حزام العفةِ بالتأكيد.
س:تعني بالتمرد على الأفعال القسرية مع تلك الأقفال التي كانت تفرض على البشر سلطاتها الظلامية ؟
ج/بالضبط.فكلّ قسرٍ هو مسخٌ لشعلة الروح في كينونة الإنسان .
س:هل كنتَ تحسُ بأن ثمة من يحاول إطفاء شعلة الاولمبياد في جسدكَ؟
ج/لا.لم أكن أملك ذلك الإحساس بالتأكيد.إلا أنني كنت أضخُ في تلك الشعلةِ وقوداً من أجل إنارة غرفي الباطنية بالنور .
س:وما نوع ذلك الوقود؟
ج/كان ذلك سرّاً.
س:ولم تستطع الإعلان عنه حتى بعد موتك؟
ج/ما من شاعر يموت.كلنا نرقدُ تحت نوافذ الربّ، مُتحدين مع الهواء في أعلى تجلياته المقاومة للسكون والغيبوبة والانتحار البطيء .
س:ما كنت أقصد إلا الموت الإكلينيكي ليس غير. ولكن قل لي: هل كان ذلك موقفاً أخلاقياً مناوئاً للإلحاد، ويستندُ على موقف شعري؟
ج/أجل.فما عادَ الشعرُ التهاباً عاطفياً على باب المحبوب وحسب، بل كبسولة لنقل الأرواح إلى الفضاءات البعيدة .
س:وما حاجته لتلك الكبسولة ؟
ج/من أجل الطيران وتنظيف الأرواح من التأكسد، وذلك من خلال شحنها بمواد قابلة للتناغم مع كل ما هو جمالي وعظيم .
س:ألمْ يكن ذلك تهوّيلاً سوريالياً لا طائل من وراءه ؟
ج/كلُّ أفعال السوريالية اختبارات لإضافة قيم جديدة إلى الشعر.
س:هل تعتقد بأن تلك الأفعال مقدسة؟
ج/كلا.السورياليةُ ترفض كلّ أنواع القداسة.لا وجود لمقدس في ذات الشاعر السوريالي، لأنه صاحبُ ذوات مُركّبة متشظية، ولا وحدة تجمع ما بينها على طريق التبدد الدائم.
س:هل السوريالية قوانينٌ برأي جورج حنين .
ج/أبداً لا. هي متاهاتُ العقل. وهي عدم النمو في كتلةٍ أو بتكتلٍ موجب واحد.
س:من أجل تلك الفكرة، كان حلمكَ معلّقاً برغبة عدم المكوث في مكان واحد في الوجود.إقصد إنك كنتَ منحازاً للانقلابات وعدم الاستقرار في مكان ؟
ج/ولا في الزمان كذلك.
س:هل تعني إن استقرار الشاعر في الشعر جريمةٌ منظمة لا تفعلها إلا اللغات الميتة؟
ج/بالضبط.فالشاعر السوريالي استثنائيٌ، يبتلعُ وحدته كقرص من الأسبرين .
س:يبتلعُ وحدتهُ دون تنقيح يا جورج؟!
ج/ذلك ما كنت أرغب به .فتنظيفُ الحواسّ من الكراسي الثابتة، وترك الأنفس هائمة بالضلالة دون قيد أو شرط، هو التنقيحُ الأفضل لبناء الشعر على حافة الهاوية.
س:هل جاء ذلك بكتابكَ المشترك مع جوزيف حبشي «التذكير بالقذارة» الذي أصدرتماه عام 1935 ؟
ج/أنا بذهن البياض،ولا أتذكر ما أكتبهُ في اليوم التالي.
س:هل كان الأمرُ ذاك، متعلّقاً بنسيان الشاعر لنفسهِ، أم ببصمة الحبر ونوعه.أقصد الحبرَ الذي قد يساهم بإتلاف النصوص بأذهان القراء ؟
ج/ النسيانُ تمساحٌ لغوي للصورة، وهو ضرورة شعرية.لذلك لم أصبح حَدادَاً في صناعة العُلب وتَعدينها من أجل حفظ الذاكرة بالرأس، أسوةً بتعبئة أسماك السردين بعلب الصفيح .
س:والسفرُ .أليس من موجبات الشعر برأي جورج حنين ؟
ج/أجل.لذلك عادةً ما تراني،وأنا اخرجُ لساني من فمي،لأضع عليه قطاراً في كلّ مرة أشعر بالرغبة للسفر.
س:ومن أين كنتَ تأتي بذلك القطار؟
ج/من الجن الأزرق بالتأكيد.
س:هل تعاملتَ مع الجِنّ أكثر مما تعاملتَ مع الإنس على الأرض القديمة ؟
ج/حسب تكاثر الحيوانات في المخيّلة .
س:هل ترى المخيّلة إسطبلاً لتربية الحيوانات ؟
ج/ أجل.الشاعرُ المخلصُ لختراق اللغة، مُدرّبُ حيوانات الخيال ومروضها.كل ذلك من أجل لأن تعمل في خدمة النصوص الشعرية .
س:هل تعلمت ذلك في جامعة السوربون الفرنسية ؟
ج/كدتُ أن استفيض بتعلم ذلك، لولا قيام الحرب العالمية الثانية.
س:تعني أن حيوانات الحرب كانت هي الأقوى من حيوانات المخيّلة؟
ج/ليس تماماً.
س: ماذا تقصد من وراء هذا القول؟
ج/ أقصد أن الشعر، يستطيع السيطرة على الافتراس الحربي للموجودات في العالم بواسطة اللغة.
س:تلك هرطقة.ألا تعتقد بعدم صحة ما قلته يا جورج ؟
ج/بالعكس.لغةُ الحديد غبيةٌ ،تنهمكُ بافتراس اللحوم والصخور والغابات بالموت،لكنها لا تقدر على الفتك بنصوص الشعر،لأن الأخير ينتمي للغة التي تنير وتبني ولا تمزق عن الأعين ريش الظلام .كما هو فضحٌ لمرجعيات الافتراس الدموي.
س:أنت درست اللاهوت في مدارس الإرساليات، وحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة ((العائلة المقدسة)) في القاهرة.هل فعلت ذلك كي تكون مؤمناً خلّاقاً في الدين؟
ج/لا أبداً.لا خلق في الدين.ولكنها كانت من أمراض عائلتي الارستقراطية ،لتكون في مقدمة المشهد الديني،لتظهر تمسكها بالمقدسات ليس غير.
س:وأنتَ.كيف كانت علاقتك بالربّ يوم كنت في العالم الأول ؟
ج/علاقة خيالية وطيدة ليست إلا.كنت أدرّبُ نفسي على أن أكون مسيحياً مخلصاً،ولم أصل إلى هدفي .فبكيتُ وهجرت الدين ومدارسهُ للأبد.
س: تقصدُ إنكَ هجرتَ الدينَ بذهابكَ للشعر؟
ج/ليس بذلك المعنى الدقيق، بل هجرتُ الديانات من اجل السوريالية أولاً، والشعر ثانياً.
س:ما هذه السفسطة التي تقولها يا جورج .هل السوريالية ليست شعراً ؟!!
ج/أجل. فالسوريالية ديانةٌ.أي إنها كتاب الشعر المقدس.ولذلك فانها ليست الشعر ذاته ،كونها مُختصةٌ بتربية الجِنّ ليشملَ الفنون والآداب بالجنون الاستراتيجي.
س:هل للسوريالية براغيثٌ ؟
ج/في ((الفن المنحط)) فقط.
س:وما موقع الحبّ في الديانات السوريالية .هل كان الجندي الاحتياط فقط؟
ج/لا لم يكن جندي الاحتياط ،لأن الحبّ هو الثعلب الذي يتنافسُ الجميعُ عليه من أجل أن يقدموا له خدماتهم ، وبخاصة في الليل.
س:ولماذا في الليل فقط ؟
ج/ لأن السرياليين أعفوا النهارَ من ساعات اليوم،ليكون ليلاً فقط.
س:وماذا تراهم فاعلين بين طبقات الليل؟
ج/ينهمكون باصطياد الأنجم والثعالب والنساء اللاتي تكدّست بخلاياهم الخمور والعطور وخيوط الشهوات المريبة.كل ذلك من أجل التدوّين.
س:وكنت تكتب الشعر بالطريقة نفسها ؟
ج/أنا ابتكرتُ الكتابةَ بالماء.
س:وبأي ماء كتبتَ أنتَ مجمل قصائدك ،أكان ذلك بماء النيل أم بمياه السين ؟
ج/لا من هذا النهر ولا من ذاك. أنا كتبتُ شعري بمياه اليأس والخيبة والخسائر الحارّة في مصر بعد لأن توالت علينا حبالُ إسماعيل صدقي لخنقنا والتضييق على حركتنا الشعرية .فتم إغلاق مجلاتنا وحجبها من قبل بهائم الديكتاتورية.
س:كيف ينظرُ الشاعرُ إلى السياسي ؟
ج/كصورةٍ ملطخة بالوحل في جريدة ممزقة في عرض الطريق .
س:أتعتقد بأن سبب تلك النظرة تأتي من قصور في الفهم .الاثنان يمضيان ،كل باتجاه ،أم أن السياسي جسم بُني من مواد سّامة ؟
ج/أعتقد الحق على كثرة السموم في أجسام أهل السياسة إلا فيما ندر.
س:بأية صيغة من الصيغ ، يمكن تجميد حساب الأيديولوجيات في الشعر؟
ج/بواسطة فرق مكافحة الآفات الزراعية وما تملكه من مواد ومعدات لتنظيف الحقول من الأوبئة.
س:كنت صديقاً للشاعر أندريه بريتون في نهاية الأربعينات.ما الذي تعلمته من ذلك الإخطبوط الشعري للسوريالية؟
ج/اندريه بريتون لا يُعلمُ أحدا شيئاً،بل كان يلتهمُ الشعراءَ التهام البقرةِ للأعشاب ،ليُعيدَ إنتاجهم بعد ذلك نصوصاً مُجْترّةً على الورق.
س:أتعتقد بأنه اكتسب سمعته من وراء أعمال الاجْتِرَارِ تلك؟
ج/لقد تلمستُ دهاء ذلك الرجل عن بعد.وأتذكر أنه كتب لي أكثر من مرة قائلاً ((يبدو أن للشيطان جناحا هنا والآخر في مصر.)) .ليعود بعد ذلك أندريه بريتون فيكتب له : ((“أنت واحد ممن أفتقدهم في باريس. بتأكيد أكثر. أنت أكثر من أهتم بآرائه ونشاطه )) .
س:كتب لك بريتون ذلك، بعد أن أسست للسوريالية فرعاً في مصر.أليست تلك الكلمات كانت مكافأة على ما فعلته أنت ؟
ج/ربما.ولكنني لم أمش ضمن خطوط خيارات بريتون.حاولت تأسيس نمط سريالي برؤى جديدة تمثلت في قصائدي التي صدرت بكتب مثل : ((المتنافر)) و((العتبة المحرمة )) و((الإشارة الأكثر غموضاً)) بحيث أحدثنا نقلة نوعية استعمال الصورة في لعبة المرايا .
س:ربما كان ذلك مؤكداً كما كتب أندريه مالرو ((جورج حنين _ تروبادور الصمت _ النموذج الأكثر ذكاء لهذا الجيل عن الانتلجنسيا )) .ما ردّك ؟
ج/ كان مالرو مهندساً جيداً لمشروع أدبي أوروبي يجسد حيويّة المثقف العضوي في التاريخ.وكلامه عني مريحٌ وثمين.
س:من الذي أخذ بيد جورج حنين ابن الباشا المصري والسفير الدبلوماسي صادق حنين باشا. الذي تنقل ما بين عواصم أوروبية ما بين بروكسل ومدريد وروما، ليرتمي بأحضان لسوريالية والانتفاض الثوري على الفكر السلفي المتخلف ،فيكتب بياناً باسم جماعة (( الفن والحرية))
هو كامل التلمساني ورمسيس يونان وفؤاد كامل المساندة لموقف ليون تروتسكي المضادّ لديكتاتورية الزعيم جوزف ستالين وعنفه الدموي ؟!
لم يكن لي في الثلاثينات من القرن العشرين من مهنة سوى الجلوس تحت شجرة الكتابة ،وفتح فمي ليغرق بنقاط دم العالم.آنذاك أدركتُ بضرورة منع طيور الشر الكاسرة من الدخول في جسدي واللعب بتكسير الروح مع العظام.
س:كما كتب البعض عنك،من أنك ضقت ذعراً بالتحولات الجديدة التي أحدثتها ثورة 23 يوليو عام 1952 لأن تكوّينك السياسي كان مناوئاً لتلك الثورة،مما دفع بك للهجرة لليونان والمغرب وايطاليا وفرنسا .
ج/أجل.ذلك ما حدث. وربما كانت هجرتي من مصر سبباً مهماً لنضوجي الشعري والأدبي بشكل حاسم واستثنائي.انتقلت من قطعان العامة إلى الوله بكل ما هو خاص في الشعر والعمل الصحفي،حيث عملت في مجلة (جون أفريك) ومن بعدها العمل في مجلة(( اكسبريس)) الفرنسية.
س:أنت حاولت تأسيس جماعة ((عبثية الوجود)) عام 1938 لتكون رحماً للسرياليين في مصر.وفشلت.هل لأن الجو المصري العام كانت ضد اتجاهات أدبية مثل السوريالية برأيك ؟
ج/ لم أجد في القاهرة عاصمة الفراعنة ما يليق بالسريالية .كنا في كهف،وكانت مصر في مجرى النيل تلعبُ وتبني وتختار وتنظف التربة من أوساخ مخالب الاستعمار .لذلك تم قتل الأجنة في الرحم المصري،ولم تجد السوريالية لها مقعداً،لأن أغلب الكراسيّ سرعان ما شُغلت بالقوى الإسلاماتيكية والراديكالية وحركات الشعر الشعبي المنتمية لتيارات الاستهلاك الغنائي اليومي.
س:وماتت تلك الحركة في مهدها سريعاً؟!!
ج/تماماً.أرضُ مصر لمحاريث الفلاحين وعضلات عمال حلوان وعقولهم ،وليس للميتافيزيقيا أو لشعراء المخيّلة ،فكيف إذا كان الأمر يتعلق بشعرية الفنتازية وكتابات ملوك السريالية !!
س:لماذا لم ينضم أبو الهول إلى حركتكم الحديثة في بلاد النيل؟
ج/لم يكن أبو الهول رومانسياً بالقدر الكافي،ربما لأنه لم يجد المرأة التي ينامُ معها على سرير الزوجية بعد.وربما لأن المنزل كان ضيقا على أثاث جسمه .إلا أنه وفي كل الاعتبارات،فقد كان الحبُ مقلقاً للشعر،خاصة بفقدانه لأنفه يوم مرغه أبو الهوّل بتراب وجه المحبوب.
س:لقد تزوجت بحفيدة الشاعر أحمد شوقي .كيف كان التلاقي ما بين شاعر كلاسيكي وشاعر سوريالي كذاك الذي كنت تمثله أنت ؟
ج/ لقد تفاعلتُ مع زوجي أقبال بوزن الشغف،وليس بأوزان جدها أمير الشعراء أحمد شوقي الذائب في مرجعيات معلمه السلفي أحمد بن خليل الفراهيدي.
س: وكيف تلاقت الديانتان على سرير الزوجية معاً.أنت المسيحي وأقبال المسلمة.يقال إنك اعتنقت الإسلام من أجل ذلك الزواج.هل كان ذلك صحيحاً يا جورج ؟
ج/أجل.ففي الحب تنعدمُ الحدود بموجب التسامح والمحبة والاندماج على طريق الحرير الروحي لذلك الإيمان الحقيقي بكل ما هو غير متوحش.مثلما لا يصمد دينٌ بغير حب. ولا قلب يصمد بغياب دين المحبوب.
س:زواجك من حفيد شاعر كلاسيكي مثل أحمد شوقي ،ربما ساهم بإزالة سوء التفاهم ما بينك كسريالي،وما بينه كشاعر عمود.أليس كذلك .أم لديك مشكلة مع الشعر العمودي ؟
ج/بالتأكيد.فذلك الشعر تصحر مصرياً بشكل مبكر، وأصبح قطعاً من الأراضي البور التي لا تصلح لزراعة شيء.وسبق وأن حاولنا استصلاح تلك الأراضي القاحلة،وجعلها من بساتين الشعر الحديث.
س:هل كان الصراع بين المدارس الشعرية مفيداً برأيك؟
ج/لم تكن ما بين الحركات الشعرية معارك جدية شبيهة بمصارعة الثيران في إسبانيا .بل غالبيتها انتهت بمصالحات على كراسي ما يُسمى بالريادة وحول طاولات النقد البارد الذي لم يتدخل لجزَ الرؤوس المصابة بالشيخوخة أو تلك التي لا تتراجع قيد أنملة عن التفاني بالسلفي وبالجاهلي.
س:كنت شاعراً كوزموبوليتي مجادلاً، وتعتني بثورة العقل على كل ما يمكن ان يجعل الحياة جماداً وثابتاً. ومديراً لمجلتين ((التطور))و ((المجلة الجديدة))
ج/لقد تعلمت الاتكيت في عالم الارستقراطية ،ولكنني سرعان ما وجدت نفسي نائماً كمتشرد أنيق على سكة القطار ممدداً.
س:تلك كانت لقطة من أجل الاندماج بالسريالية ليس إلا يا جورج.أليس كذلك؟!
ج/ كان المسار الأدبي في مصر يمرُ عبر العديد من المضائق.وكنت أهرب من مضيق لأخر،حتى وجدت نفسي مرمياً على سكة قطار.وأنذاك اعتقدت بأنني وصلت لحلمي .
س:وماذا كان شكل حلم جورج حنين؟
ج/أن يكون جسدي سكةً لقطارٍ لا يتوقف في محطة في العالم.قطار يمشي كما دورة المياه في الطبيعة.
س:أنت كتبت على الأرض ديوان ((الإشارة الأكثر غموضاً )) وكان كشفاً تأملياً للمصير البشري على ذلك التراب،فماذا كتبتَ وأنتَ هنا في السماء ؟
ج/يوجد الكثير من البرجوازيين هنا في السموات،وأنا معكر المزاج من حضورهم ومنزعج.لا أعرف كيف وصل هؤلاء الزنادقة إلى أرض الرب؟
س:ولمَ تهتم بوجودهم ؟
ج/لا أريدهم أن يفسدوا السموات ،بعدما أفسدوا الأرض هناك.
س:هل عندك رغبةٌ بالعودة لمصر؟
ج/بالتأكيد.فأن تعيش على الارض يوماً مصرياً في أي شارع أو زقاق في القاهرة وسواها من المدن ،يغنيك عن قطعة من الفردوس.