انتمائى للنص الجيد

موقع الكتابة الثقافي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

هانى عبد المريد

ماهذا الغليان الذى يحدث؟! .. فوران .. ثورة بالتأكيد سيتوقف أمامها التاريخ طويلا ..الشعراء يهجرون الشعر ، ويتحولون للرواية .. الناشرون .. القراء ..النقاد ، فثمة تكون ، تولى وجهك للرواية ..كيف تقف الرواية وحيدة ، صانعة كل هذا المجد ، متحدية كل القهر والأحادية السمجة التى نعيشها ؟كيف تقف وحيدة ضد فكرة الكاتب الأوحد ، والرأى الأوحد ، والحاكم الأوحد ، والحزب الأوحد ، وفريق الكرة الأوحد ؟كيف تقهر كل ذلك وتقف وحيدة فى وجه كل ما هو غث ، صانعة مجدها الخاص ، ومجد مجموعة من شباب الكتاب والنقاد والصحافيين والناشرين ، الذين لا يملكون سوى كتابتهم وانتمائهم للكتابة ، وإدراكهم أنهم معا فى خندق واحد ؟ فسمحت أن يقف الفخرانى وشرقاوى والعزب وإمام والطوخى جميعنا فى خندق واحد رغم الاختلافات الكثيرة بيننا ، لكنه نفس الخندق الذى اتفقنا فيه على أن اختلافنا سر وجودنا ، اختلافنا مع بعضنا ومع سابقينا ..

 أحيى الرواية والروائيين الجدد الذين يعدون خط الدفاع الأخير لهذا الوطن الذى ينحدر .. ينحدر .. ينحدر…..

هذا الوطن الذى نتسلمه الآن ممزقا ، ممصوصا ، ” لانافع طبلة ولا طار “

مايحدث الآن هى مراسم التسليم والتسلم التى يتقبلها البعض بأخلاق الفرسان ، وتكشف فى نفس الوقت عن خيبة وضآلة البعض .. فيحدث تخبط مضحك ، فيشبه عبده جبير الكتّاب الجدد بشعبان عبد الرحيم بكل سماجة ، وتقف سلوى بكر ضد الطاهر شرقاوى فى ورشة الزيتون نافثة سمها بلا أى مبرر فنى حقيقى ..

وسيظل الكبير كبيرا بتعامله بشرف ، واحترامه لتاريخه ولحركة الحياة ..

وخاصة أننا جيل لاينكر فضل سابقيه ، فكثيرا ما وقفت مرعوبا وفخورا أمام الحرافيش ، الزينى بركات ، ثلاثية غرناطة ، ذات ، وكالة عطية ، مراعى القتل ، فردوس ، تلال من الإبداع الخالص الذى كان سببا بلا شك فى صياغة وجداننا وفى عشقنا للكتابة ..

هذا التراث وغيره الذى يجعلنى أقول أننا أمام تحد عظيم ، هذا التحدى الذى يعد أحد دوافع الكتابه لدينا ، أحد دوافع اللاستمرار والدأب على العمل المتواصل..

يروق لى الآن أن أكمل الحديث عن التحديات التى تواجهنا ، فعلى المستوى الشخصى ، اواجه دوما تحدى أن أكتب نصا جديدا وممتعا ، يحمل قضية بلا مباشرة ، له مذاقه الخاص وجنونه الخاص، أرى دوما أن التحدى الحقيقى ألا أتنصل من قضايا الوطن ، وفى نفس الوقت اخلص لذاتى ولنصى ومتطلباته الفنية ..

وأعتقد أن التحدى الأكبر لجيلى هو مأزق الكتابة الجديدة التى جمعت الكل فى سلة واحدة ، وكل يوم تقذف إليهم بوافد جديد ..

أتذكر أننى كنت أسكن بمنطقة قديمة بنيت كل منازلها بلا أعمدة ، ومع الزمن أصبحت جميعها شبه آيله للسقوط ، وعندما تطوع أحد السكان وأتى بمهندس معمارى ، قال له أن هذه البيوت يحميها فقط تواجدها بجانب بعضها البعض ، ولو وقع واحد لانهارت جميعها ، اخشى ان يسحبنا الاعلام الى ان نصبح مثل هذه البيوت ، ونركن الى تواجدنا مع بعض تحت لواء الكتابة الجديدة ، والتمتع بهذا الاهتمام الإعلامى الكبير ..

ما أود قوله أن الإبداع نشاط فردى ومن الخطر الانسحاق تحت عجلة الاعلام والسير فى ركب الموضة ، خاصة أننى أثق أن الإعلام بعد قليل سيتحول بأضوائه لقالب فنى آخر ..

أنا لا أتحدث هنا من عل ، ولا أتحدث وأنا أملك اليقين فى شىء تماما ، أنا أعترف ، وبكل وضوح أننى حتى الآن لا أعد نفسى روائيا ، أنا مازلت وسأظل أتمرن على الكتابة ، هذا شعورى ، الكتابة لاتعدو كونها امرأة لعوبا مراوغة ، لو ركنت إليها خانتك ..

أنا أعلم ذلك جيدا .. أعلم أيضا أن فى عامنا هذا – على سبيل المثال – كتبت أعمالا أشد كلاسيكية من أعمال تيمور ..

 وهذا ما يجعلنى أؤكد أن فخرنا ببعض لا يجب أن يجعلنا ننسى أن الانتماء الحقيقى لابد  أن يكون لكل نص أصيل ، يحمل جيناته الخاصة لكل نص يأتى بجديد ويحرك المياه الراكدة .

 

عودة إلى الملف

 

مقالات من نفس القسم