الهنود الحمر يحلبون البنادق  

فتحي مهذب
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فتحي مهذب

الساحرة

إلى تنديار جاموس.

– كانت أمي ساحرة مذهلة

تضعنا على كتفيها في الليل

ثم تطير بنا مثل حمامة جيدة

في أعالي السماء

كانت الملائكة ترشقنا بالفواكه

والملابس الثمينة

كان الفقر أشبه بديناصور طائر

يلاحقنا لقطع رؤوسنا

والتهام الحمامة الجيدة.

كان عمنا جبرائيل طيبا للغاية

يطلق عطورا نادرة من قوادمه

ويعدنا ببيت أنيق في الجنة

يقينا هجوم الديناصورات اللاحمة

والشياطين التي تجمع مياه المتناقضات

في سلال مثقوبة.

بعد موت الحمامة الجميلة

اختفى عمنا جبرائيل إلى الأبد

وبقينا رهائن في قفص الفقر.

كلما مرت حمامة فوق رؤوسنا

قلنا أمنا جاءت لتخلصنا من الأسر

وتقاتل الفقر بضحكتها العميقة

وجناحيها الشبيهين بأجنحة الآلهة.

 **

                       إيقاع المطر

فعلا حصاني عالق

في خرم الإبرة..

والبخار الصاعد من رأسي المقطوع

يتمطى مثل عربة نقل الأموات..

فعلا تحت جذعي حطاب يعوي..

يقطع مخيلتي إلى نصفين..

ثم يرمي فأسه باتجاه غيمة جريحة..

العابرون مثل العاصفة..

مسلحون بزئير الحتميات..

صنعوا من شرياني حبل مشنقة..

أسقطوا طائرة قلبي بقذيفة..

لم أنس المصابيح التي انتحرت

في غرف الكلمات..

امتلاء يدي بدموع من الفضة ..

هروب غزالة من مظاهرة عنيفة

في شوارع اللامعنى .

 

**

الهنود الحمر يحلبون البنادق  

 

** قبرها يهطل بالمطر

الرسولة التي امتلأت روحها بالغيوم.

****

الصخرة تعوي

كما لو أنها تنادي الجبل النائم

في التلة.

فجأة يخرج الحصان من الصخرة

بينما الذئب يفتح المغارة.

****

الفراشة

تنقل بريدنا السري للأزهار

المدججة بمكعبات الضوء.

*****

سيكون حسابك عسيرا

أيها الإسكافي

قالت الأرض:

– لا ترتق جزمة هولاكو.

****

انتهينا من طرد السماء.

بعد قطع فراسخ في الصحراء

مختفين وراء أقنعة كثيفة من الغبار

متسربلين بالأوراق والغصون

تتعقبنا زرقاء اليمامة

بسلة من العيون الكاسرة

كان الإله يرعى قطيع الإوز

في أذهاننا

لا يفكر بتاتا في إسعاد الموتى

لم يكن ينتمي إلى بنات نعش.

لم نكسب الحرب

ولكن اكتفينا بحصتنا من الجنون الخالص.

*****

في الكنيسة

يصير التفكير مليئا بالضفادع

والخط المنحني الذي يتركه كلب الراعي وراءه

يطارد مخيلة الكاهن.

*****

تابوتك طازج جدا

أتعبنا جدا هذا التنظير لتيمة الفقد

الفلاسفة ماتوا في منتصف الطريق بجلطات دماغية حادة.

****

بعد موتها

صرت أنادي شجرة التوت باسمها

في المساء ترسل أوراقها

لإضاءة الشرفة

وتهدئة الخواطر.

****

سعداء بالقماط

أشقياء في الكفن

****

سمعت الجرة

تقول: حنانيك يا أبتي.

****

المصابيح تتكلم بلغة الضوء

سنفهمها يوما ما.

****

سيتبعك فراغك

مثل كلب سلوقي

فراغك الذي قتل نهديك بالرصاص

وفي فمه إصبع مقطوعة

سيتبعك إلى الجحيم

بساقين من الهلام الخالص

ليلتهم خفافيش السحرة

ويطارد الجواسيس بضبابه الفلسفي.

****

سأقاتلكم أينما كنتم.

يتبعني سكان المقابر الجماعية

وطاويط الكهوف الحجرية

أخرج الأرواح الشريرة من زجاج أعينكم.

أيها السحرة المعلقون في الهواء

أيها القتلة.

****

دبابتك انتحرت فوق الجسر.

عد إلى مغارتك الرجيمة

أيها المغولي.

****

تبدع الحرب في صناعة المجانين

تبدع الحرب في زراعة القتلى

تبدع الحرب في فن السخرية

تبدع الحرب في ترويج شواهد القبور

تبدع الحرب في نسيان يهوه.

****

لما أصير عجوزا حيزبونا

يتغضن جلدي وتتهدل شفتاي

تسقط رأسي إلى أسفل

ينقرها طائر الزهايمر بشراهة

ويفر النور من عيني

مثل نورس مذعور

تحدودب الكلمات في فمي

وتداهمني أصوات غريبة من لا مكان

تتجمد ضحكتي مثل سمكة في عز الجليد

يتقوس ظهري وأجرجر ساقي

مثل لقلق مكسور الخاطر.

حينئذ ترشقني النسوة

بأعين من قش.

حينئذ أبحث عن تابوت العائلة

لأخفي جثتي المتعفنة

ريثما أختفي دفعة واحدة

وإلى الأبد.

خوفا من عيون الحساد.

****

سبع نساء عمياوات يركضن

وعلى رؤوسهن تابوت يزرب بالدموع والنوستالجيا.

كان ميخائيل يركض كذلك مثل لاعب الجمباز. .

تركض الساعات بستين رطلا من الفراغ

نصفه الأعلى تمثال من الجبس

الغيمة النحاسية التي سقطت من سماء مخيلتي

فهود الهواجس السبعة

كان الهنود الحمر يحلبون البنادق في عز الجنازة.

والنار تأكل أصابع المعزين في البستان.

****

في غلواء آذار

ثلاثة كلاب بولدوغ

أعملوا مخالبهم في طوق حمامتي

لم أك أعي جيدا بذئبية هذه العناصر.

النار والماء والتراب.

آه ما أفظعك أيها الجار..

أيها العدم الذي يطل من الشرفة المحاذية

مثل قناص سيئ السمعة.

***

جذور وينابيع

سنختفي مثل فقاقيع هلامية..

تاركين أصواتنا معلقة على حبل الغسيل..

مثل ملابس شفافة في دير مهجور..

دموعنا في زجاجة ثمينة للغاية..

ظلالنا مندسة في عروق دوار الشمس..

تاركين أخطاءنا في قاعة الاستحمام..

قمح صلواتنا في عيون الصغار..

أجراس خطواتنا في المعابد..

سنختفي إلى الأبد..

تاركين الشمس تواصل لعبتها العبثية..

والقمر يضحك باستمرار

فوق رؤوس الجبال..

مثل إلاه تضحكه مشية الموت العرجاء ..

تاركين بريد التعازي لحمام الصداقة..

تاركين شقوقا عميقة

في قلوب الأحبة..

قواربنا لبحارة لم يولدوا بعد..

مقاعدنا لضيوف جدد..

منازلنا الهشة للعميان..

والغابة الأبدية لطيور الهواجس النائمة..

صورنا الأنيقة في ألبوم العائلة..

وفهارس أسمائنا في الحديقة..

بينما أرواحنا الجميلة..

والمتعبة جدا..

تزور العالم الحي..

في شكل فراشات نادرة..

تتدافع حذو شجرات اللوز ..

**

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم