مرزوق الحلبي
ستظلّ معلّقًا كفردة الحذاء
وحيدًا
على سلكِ كهرباء
عاليًا
يرى إليكَ المارّون في النّهارات بارتياب
غريبًا
يلمّ ما يسقط من رغباتهم سهوًا
عاليًا،
ترى إلى الذين دسّوا رؤوسهم في الليلِ ومشوا إلى حاجاتهم
عجوز تفتّش عن عمرِها في حاوية النفايات
ورجل يرتّب هندامه كأنه لم يفعل شيئًا
وامرأة تجري كغزالة هاربة من الحريق
وفتيان عائدون من أولى غزواتهم ينظرون إلى خيباتهم في واجهات الحوانيت
أو يركلونها إلى الجهة المقابلة
فتوجعك الحياةُ أكثر
تبتسمُ لنجمات يتدلّيْنَ مثلَك على السلكِ،
ثمّ يصعدنَ كما نزلنَ، قبلَ أن تسأل
فتدرك أن السماءَ أوطأ مما تظنّ
وأكثر وُدًا
منفرد بذاتكَ
وحيدًا
على سلك كهرباء
عاليًا، ترى إلى الكونِ الذي يضيق
إلى ما يقوله الناسُ
في أوّل الطريق
وما يبقى منه على أكفِّهم في آخرِ الطريق
إلى الحياةِ وقد نزعت ثيابها
في العماراتِ التي يُضيئها الكلامُ
ويأكلها الحريق
فتنأى بقلبِكَ عن الفكرةِ القاسيةِ
وحيدًا
تظلّ منفردًا بذاتكَ
لا البردُ يثنيكَ
ولا الحرّ
ولا المدَى السَّحيق
هو الشاعرُ ـ تقولُ لنفسكَ مجازًا
يعيشُ وحيدًا
في الهواء
كفردة الحذاء
معلّقا
على سلك كهرباء
تسقط القصائدُ من جيوبه
كلّما بكى في وحدته،
أو كلّما هزّته نسمة،
كلّما مرّت على وجهِهِ فراشة في آخرِ المساء
….
(تشرين الأول 2020)