المقطع الأخير

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 32
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

أديب كمال الدين

اليوم سمعتُ أُغنيةً مُؤثّرةً حقّاً؛

كانَ المستمعون يُصفّقون مُبتهجين

والموسيقيّون يعزفون وهم يبكون

فيما كانَ المطربُ المسكين

يموتُ ببطءٍ شديدٍ على المسرح.

*

الشّعراءُ الحقيقيّون لا يموتون أبداً

لأنّ الموتَ أسطوريّ

والأسطورة تكرهُ الموتَ من الأعماق.

*

على شاطئ النّهر

كانَ العشّاقُ يُقبّلون حبيباتِهم بحرارة

فيما كنتُ أختلسُ النظرَ إليهم

وأنا أرمي قطعَ الخبزِ إلى البطِّ وأضحك،

وكانَ البطُّ يأكلُ قطعَ الخبز

وهو يضحكُ مثلي.

*

حرفي قصيدة

وقصيدتي نقطة؛

نقطةٌ واحدةٌ فقط.

*

البارحة لم تمطرْ غيمةُ القصيدةِ في رأسي

فاضطررتُ إلى النومِ في التابوت،

التابوت الذي استعرته من الذاكرة

لليلةٍ واحدةٍ فقط.

*

في الغابةِ الكونيّة،

لم يستطع الغرابُ أن يتعلّمَ الصّلاةَ أبداً

إذ كانَ يُعاني مِن عُقدةِ خيانته الأزليّة

لنوح وللناسِ وللسفينة.

*

الغرابُ علّمني بحقده الأعمى سرَّ الحُبّ؛

علّمني أن أرفعَ يدي

عبرَ الغيمِ إلى خالقِ الحاء

فيستجيب لدمعتي الحرّى،

وأن أضعَ يدي على قلبي

فتهبط الباءُ قصيدةَ حُبٍّ صوفيّة الأسرار،

عذبةً كقطرةِ المطر.

*

في أرضِ الملح،

كيفَ لأشجارِ العسلِ أن تنمو؟

*

لكثرةِ ما فتّشتُ عن روحي

ضحكَ منّي حتّى المجانين.

*

الروحُ ماء

والماءُ ريح

والريحُ وهم

والوهمُ هاء.

مِن أين، إذن، جاء

كلُّ هذا الهباء؟

*

البارحة نسيتُ أن أغلقَ الباب

فدخلتْ عليَّ الريح

وخلعتْ نافذتي الوحيدة.

ولذا أغلقتُ اليومَ الريح

فدخلتْ عليَّ الباب

ونامتْ بجانبي على السّرير.

*

لم تكنْ حياتي سوى هروبٍ مُتواصل

ولذا لم أشعرْ بالمللِ أبداً

إلّا في اللحظاتِ التي التقطتُ فيها أنفاسي.

*

بحرفٍ واحدٍ فقط

حاربتُ سبعين عاماً

اليُتمَ والوحشةَ والحقدَ والظلام

حتّى نلتُ، بعدَ عذابٍ أسطوريّ،

وشاحَ النُّون

ووسامَ النُّقطة

وصولجان الكلمة

وتاجَ الحُلْم

وعرشَ الحروف.

 

 

مقالات من نفس القسم

علي مجيد البديري
يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

الآثم