علي حزين
كنبت شيطاني رأيته، ظهر فجأة في المكان، متكورا تحت الكبرى الجديد، لجواره كومة مغطاة بجوال قديم، متسخ، بالي، يعلو شعر رأسه الملبد بالعرق التراب وحومة من الذباب، ثيابه متسخة مهلهلة، أشعث، أغبر, رث الثياب، والهيئة، يبدو في العقد الخامس من عمره، غائر العينين، نحيل العود، أسمر، تزين وجهه ابتسامة بلهاء، يوزعها على المارة، تراه يشيح بيده، يطوحها في الهواء وكأنه يدفع عن نفسه شيء ما، يجرى خلف العربات التي تلتهم الشارع بأزيزها وضجيجها الذي لا يتوقف، ولا ينقطع، يخاطب أناس غير موجودين، ولا يكف عن الابتسامات، والضحكات البلهاء التي يوزعها هنا وهناك، ثم وفجأة، يدخل في كريزه من الضحك الحاد.. أرقبه يكور قبضته، يضرب بها طواحين الهواء بعنف، ثم يدخل في نوبة بكاء ضحك هستيرية، ثم مرة أخري يعود يحدق في اللاشيء، يرفع رأسه للسماء، يهزها هزات متتالية، أرقبه من بعيد، برهة من الزمن، يصدر فيها اصواتاً غير مفهومه، وهو يجهش بالبكاء، ولا يجرأ أحد على إسكاته ويداه لا تكفان عن الحركة.. يقف فجأة، يقفز كالسنجاب المذعور, ينتفض, يصرخ، يجرى في كل اتجاه، كالرمح الطائش، يستغيث بالمارة، لما يرى بعض الصبية قادمون تجاهه، وهم يتصايحون عليه، يرمونه بالحجارة، وهم يتضاحكون، يدور حول نفسه عدة مرات، ينتفض، يرتعد، يشير بيده تجاههم، ثم يعود إلي مكانه، يجلس القرفصاء، يكور رأسه بين يديه، يتداخل في نفسه، يضع رأسه بين قدميه، بعدما يكون قد شبك يده علي رأسه، وما أن تسخنه الحجارة، ويشد الضرب والصياح من الصغار, حتى يقفز كالشمبانذي، يصرخ في ذعر شديد، كانسان بدائي، يجري في كل اتجاه وهو يقفز، حافي القدمين، ليس عليه شيء يستره إلا جلباب رثة ممزقة، بالكاد تستر عورته، يستجدي الناس أن تدفع عنه، والناس تمر في صمت، مكتفية بإلقاء النظرات الغير عابئة أو مكترثة بما يحدث، يقترب رجل وقور.. فوق جبهته زبيبة صلاة كبيرة، يدفع عنه الصبية، يهوشهم بعصاه الغليظة وهو يعنفهم، ويكيل لهم السباب، والشتائم، وأنا معه أعضض من آزره، ادفع عنه اربت علي كتفه بلطف، وأطبطب عليه بعطف، فأراه يشهق في وجهي، يحملق في مذعوراً، وفجأة يهرول علي غير هدى، يقفز.. يبكي، يضحك ، يدور حول نفسه والصبية خلفه بالمرصاد،. يهتفون عليه،
ـــ : ” المجنون اهه ،… المجنون اهه ،..الـ………”
وأنا والرجل الوقور نجري خلفهم، لنبعدهم عنه،. حتى يتواروا عن الأنظار، ابحث عنه،ألمحه يجرى حافي القدمين، بثيابه الممزقة المتسخة، التي تكشف أجزاءً من جسده الأسمر النحيل، يتجه صوب احدي الخربات، في تلك المباني المهجورة منذ الحرب، والذي أصبحت مرمى زباله، يختبأ بداخلها، أرقبه عن كثب، يجلس خائفا، وهو يرتعش، ودموعه تتساقط بغزارة، وفي صمت على وجنتيه الناتئة، فاغر فاه، وهو يلتقط أنفاسه المتلاحقة، فيبدو فمه فارغاً، إلا من بعض ألأسنان المتآكلة، وجرح صغير غائر ينزف بجبهته، ولحيته الكثة اختلط فيها العرق بالتراب مع الدموع، انتظرته ريثما يهدأ، وتعود له نفسه، ويتأكد أن الصبية قد انصرفوا بعيداً عنه، فيعود إلي الابتسامة البلهاء، والضحك،..
أدنو منه بحذر.. يصافحني، يعانقني، يقبلني، ويجري، وأنا اجري خلفه،اتبعه.. أرقيه.. أتأمله.. وربما أحاكيه أحياناً، وأنا لا ادري لماذا..؟!.. ولا لما كل هذا…؟!!.. الاهتمام المتزايد به..؟!!.. فذاك رجل غريب لا اعرفه.. ولا أعرف حتى قصته..؟. كما انه لا يعرفني أصلاً…!!؟.. بيد أن هناك شيء ما ــ لا ادري ما هوــ يشدني نحوه، ويجعلني اتبعه كظله آنّى ذهب، واهتم بأمره كثيرا، وفي أحايين كثيرة أحضر له الطعام،.!، وربما بعض الثياب القديمة، والتي لم تستخدم كثيرا…!،.
“لا ادري لماذا كل هذا الاهتمام،؟!.. والتفكير في حالته..؟!.. والبحث في كتب الطب، وعلم النفس، والبحث في “النّت”.. عن هذا الأمر الذي شغل بالي كثيراً..؟ ربما يكون شعور بالشفقة عليه،. ربما،.؟!،. أو ربما يكون البحث عن فلسفة العقل والجنون،.؟..!.. والعلاقة بين الجنون والإبداع،؟..أو ربما شيء أخر،.؟…
كثيرا ما قرأت مقالات من هذا النوع، لكتاب عظام يشار لهم بالبنان، كتبوا عن الجنون والإبداع، وعن جنون الإبداع، وإبداع الجنون، والفنون جنون..و. و.. وأنا دائماً ما أسأل نفسي،؟.. ترى هل هناك صلة بين الإبداع والجنون….؟!!… وهل هناك شيء من نوع ما يربطني به…؟!..أم هناك سبب أخر خفي لا اعرفه،؟ وأريد إن أتعرف عليه،.؟.. ما هو،؟!.. لا ادري..؟.. لكن كل الذي أدريه أني مُولع بالتفكير في هذا ” المجنون ” والاقتراب منه بحذر، وكل من يعرفني ينصحني، ويحذروني من الاقتراب منه، حتى لا يؤذيني، أو يبهت عليّ، كما يحلو لبعضهم أن يقول لي ذلك”
أرقبه وهو َيقُمْ الأرض في جد، وحيوية، ونشاط، ثم يعبأ جيوبه بالأوراق المتسخة وربما جمعها في حجره المتهرئ، وقد أطبق عليها في حرص شديد، وهو يرفع عقيرة صوته بكلمات غير مفهومة، وكأنه يغني، أسمع الناس من حين لأخر يتكلمون عنه في مجالسهم، في المقاهي، أو فوق قارعة الطريق.. وربما في بيوتهم يقول بعضهم،…
ــ “كان دكتورا كبيرا.. وله صيته وكانت له شنه ورنة، وكشفة بالشيء الفلاني وهو من أسرة مرموقة محترمة، ومتدينة، وغنية،. لكن، وفي احد الأيام ، وعلي حين غفلة قام بعقله ــ ربنا يحفظنا ــ، جاء له اللطف،.”،
يعترض بعضهم، ويصحح البعض الأخر، بينما ينبري من بينهم رجل مسن، ليقول بحماسة،.
ــ لا، لا، بل من كثرة العلم مُخه أتلحس،
فيعترض البعض، وهو يكمل الحكاية، بصوت هزه الكبر، وأضعفه السعال،
ــ لوحده كده، نام في الليل، صبح الصبح لقي نفسه يا لطيف اللطف يا رب .!.. وأهله ما سكتوش عليه، صرفوا عليه دم قلبهم، فلوس كتير بالكوم، وفي النهاية مثل ما أنت شايف كده، سابهم وهرب، وجاء علي هنا، وربنا يشفي عباده،.
بينما آخر يقول : وهو يشحط نفساً عميقاً من سيجارته كليوباترا، وقد اتكأ في جلسته وراح يغمض عين ويفتح الأخرى، وكأنه يعرف أصل الحكاية،
ــ أنا عارفه من زمان، وأهله بيأتوا له من حين لأخر، يأخذوه إلي البيت، يسبحوه ويلبسوه، ويوكلوه الحلو كله، ويحبسوه ، ويغافلهم ويهرب من تاني، وكل مره يلقوه في بلد شكل “،..
لكن هناك دائماً تجد من يسمعك عنه رواية أخري تختلف،.مثل ما قال احدهم :
ــ مرشد زرعته الحكومة، لجمع تحريات عن تلك الجريمة البشعة التي وقعت منذ فترة، ومن أجل كشف غموض الحادث، الذي راح ضحيته أسرة بأكملها، أسرة طيبة، مسالمة، وليس لها عداوات مع احد، ولا احد يعرف من الجاني حتى الآن مما جعل وكيل النيابة يتعاطف معهم، ويزرع هذا الرجل، ليتسقط الأخبار حتى يكشف سر الجريمة،. “
هكذا سمعت تلك الرواية، في إحدى المقهى المجاور لمحطة القطارات، ذات قيلولة وأنا جالس منتظر القطار، لكن الرواية الأشهر في القرية، والتي يكاد يجمع عليها الجميع، هي قولهم عنه بأنه ،.
” رجل ممسوس، معاشر تحت الأرض جنية جميلة، لا تظهر إلا له وحده، تزوجها، وله منها أولاد، يعيشون معها هناك تحت الأرض، لذالك هو يكلمهم بكلام لا يسمعه ولا يفهمه غيره،. ويقسم احدهم انه رآه، بأم عينه التي سيأكلها الدود ــ علي حد قوله ــ وهو عائد من احدي سهراته الليلية.. في الجنينة المهجورة التي في أخر البلد، مع زوجته وأولاده، وكانت ليلة شتوية، والقمر فيها محاق وهو يقسم، بأنه لم يري جمالاً اقوي ولا أشدّ من جمال زوجته وأولاده، وكاد أن يقترب منهم، ويكلمه، لولا أنها اختفت مع أولادها تحت الأرض، فخشي علي نفسه، وفر هارباً ولم يعقب،”،.. ومنهم من قال لي، وهو يهمس في أذني،. بعدما سألته ذات مرة عنه قائلاً :
ــ زوجته هي السبب ــ ربنا يسامحها ــ جعلت برج من عقله طار، فأصبح يكلم نفسه يا ولداه،. تزوجها منذ سنوات عدة، فطلعت عين أبوه، وطيرت برج من نفخوه، فتلطش في مخه،. إنسانه ــ أعوذ بالله ــ نكد في نكد، وعينها طالة، مش عايشه عيشة أهلها، مع إني ناسها طيبين، وفقراء علي الله، وهي عامله بنت باشا وبيه.. كانت دائماً تطلب منه حاجات فوق طاقته، وبرغم ضيق ذات اليد، كان يا ولداه يحاول أن يلبي لها كل ما تريد، حتى دفعه ذلك لمد الأيدي، للي يسوي واللي ما يسواش، وداين من طوب الأرض، ولما كان يقول لها ” إني العين بصيرة واليد قصيرة “.. كانت تنكد عليه عيشته، فطلقها ليستريح من وش الدماغ، ونكدها وقرفها.. فقامت واشتكته في المراكز، والمحاكم، ورفعت عليه قضايا متلتله،أيشي نفقه، واشي قايمه، واشي ماخر صداق، واشي حضانة، واشي سكن عشان الحضانة، واشي نفقة، واشي،. واشي،. واشي،.. حتى صار يكلم نفسه وهو ماشي، والناس ليس لديهم سيرة إلا هو وزوجته، وكلما مر بهم يتغامزون، ويتلمذون، ويتضاحكون، وبخبث يسألونه، :
” عملت إيه معك الولية امرأتك، أم العيال، ما هو لو أنت كنت بسطها، ومديها وجبها وحقها مضبوط ماكانتش عملت معك اللي عملته ده، أنت ما بدلعهاش كتير ولا ايه ههههههه،.”..
مما جعله يتوارى من الناس، ويختفي عن العيون حتى لا تراه،. فينهشونه بألسنةٍ حداد، وفجأة اختفي، فترة من الزمن،لا يعرف أحداً أين ذهب،. فمنهم من قال هرب من الأحكام الصادرة عليه، ومنهم من قال هو في السجن، وتنسي الناس أمره حتى ظهر فجأة، في المكان بعد عشرون عام أو يزيد..” ،..
أرقبهُ وقد أعتلي محطة القطار،. يقف علي الرصيف… يشاور, يسلم علي الناس والابتسامة العبيطة لا تفارق تجاعيد وجهه، الذي بدت عليها بصمات الزمن واضحة وزحف الشيب على رأسه والشيخوخة علي منحنيات وجهه المستطيل، يقف يُحييِ الناس بيده، ويسلم عليهم، وتارة أخري يلقي بنفسه في جوف العربات، ثم يقفز من باب العربة الواقفة أمامه.. ويجري وهو يقفز، ويضحك،. فيضحك بعض الركاب والبعض الأخر تظهر في عينيهم نظرات الشفقة،. وموظفي السكة الحديد يطلبون منه الابتعاد عن القطار، حتى لا تنزلق قدمه تحت القطار،. فيضحك لهم، يحيهم وهو يجري،. ولما يصفر القطار، يمسك به عم ” صابر” عامل النظافة بالمحطة حتى لا يجري خلف القطار كعادته،. فهو يخاف عليه من أن تنزلق قدمه تحت القطار، وربما أعطاه كيس به بقية من طعام احد المسافرين الذي تركه بجواره.. وصعد القطار لتوه.. يطبطب عليه بعدما يأخذه بيده، وينزله تحت المحطة، ليتجول في موقف العربات،وأنا خلفه، أتابعه، دون أن يشعر أحد، الباعة الجائلين الذين يقفون تحت سلم المحطة، يخافون منه، المح بائع العصير، وهو يدفعه بعيدا عنه حتى لا يراه احد الزبائن فيتقزز منه، ويقرف من منظرة، ولا يشرب من عنده بعد ذلك،. أما بائع الحلوى يعطيه قطعة من البسبوسة، وهو يضحك في وجهه، ينصرف يقترب من عربة الترمس، تحت الشجرة بجوار المبرد، يمد يده يكبش ملأ يده، وهو يضحك لصاحب العربة، يصن صنت خفيفة، وكأنه يفكر في أمر ما عنا له، يرمي بقبضة الترمس في المتنزه الخلفي، يمد يده مرة أخري، ليقبض علي الترمس بيده، فيصيح في وجهه الرجل الواقف يبيع للناس، فيبكي وينصرف وهو يجري، ثم يخالفه ويعود مرة ثانية للمبرد، يعبث بالماء المتسرب من الحنفيات، يمسح فمها بجلبابه المتسخ فيبتل، يضع فمه في الماء، يغسل طرف جلبابه، يأخذ من الماء بيده ويرش علي العربات الواقفة،. فيصرخ فيه السائقين، فيجري أمامهم وهو يقفز ويصرخ، فيتضاحكون عليه وهم يتظاهرون أنهم يجرون خلفه، ويصيحون عليه، حتى يتوارى عن الأنظار،..
وفي الليل يأوي إلي كومته، يعمد إلي ثوبِ بالي، يكنس به الأرض، يفرشه ويطويه أكثر من مرة، يستجدي أحد المارة سيجارة، فيشيح في وجهه ولا يعطيه، انتهز الفرصة، اقترب منه، أعطيه أنا السيجارة مشتعلة، اجلس لجواره بحذر.. أحاول أن أتكلم معه :
ــ أنت اسمك إيه،.؟ !!،
يضحك، فأغير السؤال، فأجعله بصيغة أخرى ، لعله يجيب :
ــ طاب أنت من أين….؟ !!
يحملق فيّ، برهة، يعاود الضحك،. وأنا أعاود سؤاله من جديد،
ــ طاب حكايتك إيه؟ “..
يشحط نفساً عميقاً من السيجارة، وينفخ في وجهي الدخان، يمد يده إلي دوائر الدخان في محاوله للإمساك بها، وهو يضحك، فأبتسم في وجهه، اسأله مرة أخري،
ــ طاب كلمني رد علي، حكايتك أيه؟!!!..
يضع رأسه بين رجليه، ويدخل في نوبة من البكاء الحاد، وأنا جالس بجواره، أنتظره حتى يفرغ، أسمع بعض المارة وهو يقول لي
ــ ما لك بيه يا أستاذ؟، عايز منه إيه؟.. دع الملك للمالك؟!!.. ما تسيبه في حاله حرام عليك…؟
أبتسم للرجل الذي نصحني، ولا أنبت ببنت شفه بعدها، أنسحب في هدوء، فيشعر بي، يرفع رأسه يطلب مني سيجارة أخري، فأعطيه، يضع يده في جيبه، يخرج كيساً من الطعام المتداخل، المتشابك، يدس قليلاُ منه في فمه، يمضغه، ويلوكه ، وأنا واقف علي رأسه، أتأمله، وأفكر،. يمد لي يده بكيس الطعام، فأهز رأسي شاكراً، وأنا ابتسم في وجهه، ثم أنصرف ببطء، والأفكار تعصف بأم برأسي، تسحبني قدامي المتثاقلة إلي البيت دون أن ادري، من قابلت في طريقي،.؟، أو من أي طريق عُدت،.؟ أو ماذا أكلت اليوم،.؟ أو ماذا شربت،.؟،
صعدت إلي غرفتي، وليس في رأسي شيء سوء هذا الرجل الغريب، الذي لا أعرفه، وطابور من الأسئلة في رأسي يدور” ما الذي جعلني اهتم به هكذا؟، وما الذي جعله هكذا؟، وهل هو بالفعل مجنون؟!، وهل ما يقولونه عنه صحيح،؟!!…؟… وما الجنون،.؟، وكيف يكون؟ وما أسبابه،.؟.. وما الحد الفاصل بين العقل والجنون؟ ولماذا يرفض المجتمع المجانين؟.. ومن هو المجنون؟….؟!.. أوليس من الممكن أن يكون هذا المجنون أعقل من الناس جميعا..؟!!. وما مقياس الجنون؟ آمن أجل بعض التصرفات الشاذة والغريبة،. والغير مألوفة يصير مجنون. ؟ ويحكم عليه الناس بالجنون؟.. ومن من الناس ليس له تصرفات غير عاقلة، أو مسئولة؟! ومن منّا ليس لديه مسحة من الجنون؟.. أو ليس لكل منا مسحة من الجنون ؟ وأسئلة أخري كثيرة محيرة، تقتحم رأسي، وتلح عليّ عقلي لتعصف به وتلقيه إلي الجحيم،؟ ولا أجد لها إجابة مقنعة؟ صنعت كوباً من الكر كتيه،. أخرجت بعض من الكتب المتعلقة بالجنون. قلبت في بعض الصفحات، قرأت شيئاً، ثم طوحت به بعيدا عني،. تملكني القلق، والأرق،. أطفئت المصابيح ، استرخيت على فراشي، في محاولة أخيرة يائسة في استجداء النوم، ولكن هيهات، هيهات، ففكرة الجنون المسيطرة علي رأسي، والحد الفاصل بين العقل والجنون جعلني لا أنام.