اللبنانية جنى الحسن.. ضد النسوية

69.jpg
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

إيهاب الملاح

تخوض اللبنانية الشابة جنى الحسن سباق البوكر بروايتها «أنا، هى والأخريات» الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون. جنى هى الأصغر سنا بين الروائيين الست، لكنها تمتلك حضورا قويا وواثقا، تعشق فيرجينيا وولف وتتحدث عنها باحترام وتقدير كبيرين، ترفض مصطلح "كتابة المرأة" أو "كتابة البنات" الذى شاع استخدامه فى مصر فى عقد التسعينيات لوصف الأعمال الروائية التى كتبتها روائيات، تتساءل جنى متهكمة "شو يعنى كتابة البنات؟!"، معتبرة أن هذا المصطلح "يجتر كل ما تحمله عبارة "نسائية" من تحقير فى المجتمع العربي. أنا كتبت عن الشيوعي، اليسارى المحبط، ووضعيته مقابل التديّن.. أليست هذه الإشكالية الاجتماعية الأبرز اليوم؟" تقول جنى.

 

إيهاب الملاح

تخوض اللبنانية الشابة جنى الحسن سباق البوكر بروايتها «أنا، هى والأخريات» الصادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون. جنى هى الأصغر سنا بين الروائيين الست، لكنها تمتلك حضورا قويا وواثقا، تعشق فيرجينيا وولف وتتحدث عنها باحترام وتقدير كبيرين، ترفض مصطلح “كتابة المرأة” أو “كتابة البنات” الذى شاع استخدامه فى مصر فى عقد التسعينيات لوصف الأعمال الروائية التى كتبتها روائيات، تتساءل جنى متهكمة “شو يعنى كتابة البنات؟!”، معتبرة أن هذا المصطلح “يجتر كل ما تحمله عبارة “نسائية” من تحقير فى المجتمع العربي. أنا كتبت عن الشيوعي، اليسارى المحبط، ووضعيته مقابل التديّن.. أليست هذه الإشكالية الاجتماعية الأبرز اليوم؟” تقول جنى.

“استحوذت الحرب اللبنانية على نصيب الأسد من الكتابة الروائية للأجيال السابقة.. فيما الأجيال الجديدة تبتعد نسبيا عن المساس بالموضوع. لماذا؟” سألتها، فاندفعت بحماس ومرارة معا لتجيب “الجيل الأقدم فى لبنان ما زال يفرّغ أهوال الحرب الأهلية، وهو أمر طبيعى فذاكرة هذا الجيل من اللبنانيين موصومة بالخراب الذى أنتجته سنوات من الاقتتال المذهبى وحالة التشرّد التى عانى منها المجتمع اللبنانى على امتداد أعوام. وهناك كتّاب استطاعوا أن يتخطوا الحرب فى كتاباتهم.. أما أنا فلست من جيل الحرب ولم أشهدها، ولهذا نظرتى مختلفة للأمور كليا. ومع ذلك فإن رؤيتها من المسافة الزمنية التى فصلتنى عنها وعن جيلى كله، جعلتنا نريد أن نسمع غير حكاياها، وربما نرويها بأقلامنا، ربما!”

عن الثورات العربية حدثتنى جنى “الثورة مثل امرأة عربية مطلّقة، أوّل ما تصير حرّة، الكل بدّو حصة فيها لحد ما تقوى وتصير قادرة تصدّ من لا تريد أو من يستغلّها” وربما يكون هذا الوصف من أصدق الأوصاف التى تجسد حال الثورات العربية، فهكذا صورتها الروائية اللبنانية الشابة وفصلت القول عنها عندما سألتها عما آل إليه الحال بعد ما قيل إنه “ربيع الثورات العربية”.

“فى شى غلط بالعالم كلّه.. كل واحد بيمسك مركز، ولو صغير يصير بدو يتحكم بالعالم، يعتقدون أن السلطة سيطرة مش مسؤولية..كل شيء بالحياة له ثمن. للأسف بالعالم العربى وحده الموت مجاني” رسالة ربما من الكاتبة الروائية الشابة إلى حكام مستبدين لا يقرؤون الروايات ولا يعترفون بالروائيين، لكنها فى كل حال تبدى تفاؤلا محدودا، تقول “ستستقيم الأمور فى النهاية.. أنا أخاف من الندب التى تتركها الأحداث على العائلات والروابط الإنسانية”.

صاحبة «رغبات محرمة» ليست مهووسة بالهم النسوى “مو همى المرأة بس أعنى لست نسوية بهذا الشكل، فهناك نساء لا تليق بهن الحرية كما الرجال”، وعندما سألتها عن تصورها لطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة فى المجتمعات الشرقية، باعتباره أحد الموضوعات المتكررة فى الرواية العربية، أجابت “أنا مؤمنة فقط أن المجتمع يكرّس هذا النوع من العلاقة بين المرأة والرجل ليحكم السيطرة عليهما”.

“فى ظنى أن استخدام ما يسمى (كتابة المرأة أو البنات) أو غيرهما مصطلح عنصرى ليُشعر المرأة أنها أقل شأنا” تقول جنى، وتضرب مثالا بفيرجينيا وولف التى كتبت عن المرأة وعالجت قضاياها، لكنها وفى الوقت ذاته كانت رائدة فى الأدب العالمي، بشكل عام.

الروائية الشابة لا تتعصب للمرأة ولا تهوى المزايدات عليها أو باسمها، هى ترى أن “المرأة جزء كبير من المجتمع ولا ضرر فى الكتابة عنها.. كُتّاب رجال كتبوا عن المرأة ووصفوا حالتها أفضل حتى من النساء. ولكن هذا لا يعنى أن تجربة الكاتبات تنحصر فقط فى هذا الإطار. روايتى الجديدة سيكون راويها رجلا..”

عن روايتها الجديدة سألتها، فأجابت “بدأت فيها فعلا، وأكتب بصيغة مختلفة. بدأت أنا وشخوص روايتى الجديدة نجلس كل مساء ونسجّل أحداث الحكاية.. المنطقة التى تدور فيها أحداث الرواية مختلفة كليا عن (أنا هى والأخريات) وتمتد لأبعد من بلد واحد”، “ألم تستقرى على عنوانها بعد؟”: تقول “لدىّ عنوان لكن قد يتغير فى أى لحظة، وما زلت فى البداية”. لاحظت جنى محاولات استدراجى لها للحديث عن عملها الجديد، بادرت بالإضافة “أفضّل التحفظ فى الحديث عن الموضوع حاليا.. أنا ما بحب أحكى قبل ما يكتمل العمل وبعد بكييير”.

جنى الحسن قارئة نهمة للأدب العالمي، تحب كتابات مارغريت دوراس، وفيرجينيا وولف، كثيرا، وترى أن رواية «شيطنات الطفلة الخبيثة» للبيروفى ماريو بارجاس يوسا، هى “الرواية الكاملة”، وتحمل عشقا خاصا لأعمال الإيطالى ألبرتو مورافيا والأمريكى فيليب روث.

وتتابع جنى، الأدب اليابانى المعاصر (هاروكى موراكامى تحديدًا وأعماله التى وصفتها بالمذهلة) وتقول عنه “إنه تيار أدبى جديد معاصر وعميق فى الوقت نفسه”.

صاحبة «أنا هى والأخريات» درست الأدب الإنجليزي، وتخرجت فى الجامعة بتفوق كبير، تتقن الإنجليزية بطلاقة، وتعمل محررة ومترجمة بإحدى المؤسسات الصحفية بلبنان، تطمح للفوز بالجائزة، لا تخفى هذا ولا تنكره، وتجيب عن سؤالى حول توقعاتها بالفائز بلبنانيتها الدارجة: “أنا ما عم بسمع شي، وما بدى أعرف. إذا ربحت بكون كتير منيح (سعيدة).. وإذا لا فأنا متأكدة أن الكتاب الآخرين كان لهم حصتهم من الجهد ويستحقون أيضا التقدير”، تضحك جنى وتقول “كله على الله زى ما بتقولوا فى مصر”.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا هي والأخريات

“سحر”، هي بطلة رواية «أنا هي والأخريات»، امرأة تشعر بالوحشة والفراغ منذ صغرها، داخل أسرتها لأم ملتزمة بالطقوس والشعائر الدينية دون وعي، وأب يساري مهزوم ومحبط. وبعد الزواج٬ أرادت أن تكون صورة مغايرة لأمها “النمطية” فوجدت نفسها تسير في ذات مسار أمها عندما تزوجت من “سامي”، إذ لم تجد ملاذًا في الحياة الزوجية إلا في اصطناع الآخر في مخيلتها الذي يكملها وجدانيا وفكريا. رواية تتسم بالابتكار في بنائها الفني٬ وتتضمن تحليلا ناجحا لنفسية المرأة. تتميز الرواية بنظرات فلسفية عميقة٬ مع تعاطف إنساني قوي.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلا عن صحيفة “التحرير” المصرية

مقالات من نفس القسم