القتلة

موقع الكتابة الثقافي uncategorized 71
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

عزمي عبد الوهاب

يا إلهي
إنهم يشبهوننا تماما!
أيديهم تتحرك في الهواء حين يسيرون
أقدامهم ترتكب الخطايا ذاتها
عيونهم ترى ما نرى
ولابد أن دما يجري في عروقهم
أنا متأكدٌ
أنهم يشبهوننا تماماً
ولهم زوجاتٌ تفوح رائحة الطبيخ من ملابسهن
وأطفالٌ صغارٌ يخبئون في حقائبهم علب العصير
قبل الذهاب إلى المدرسة
ويقولون صباح الخير للجيران
وهم يقطعون الشارع مسرعين
في الطريق إلى الوظيفة
ولابد أنهم يفرحون ويغضبون
لأسباب تافهة
مثلنا تماماً
أحدهم بالتأكيد
يغازل زميلته في العمل
ويشعر بتأنيب الضمير
وهو يداعب زوجته ليلاً
أنا رأيتهم كثيرا على الشاشة
كان الكلام يخرج من شفاههم
عادياً جداً
وإذا عجز الواحدُ منهم عن التعبير
يشيح بكلتا يديه
بعنفٍ أحياناً
وبهدوءٍ أكثر
إنهم يشبهوننا تماماً
يصيبهم الأرق فجراً
ويخشون المجهول
وقتما تزورهم الكوابيس
فلا ينامون حتى الصباح
وينتظرون رسائل تصلهم من أشخاص بعيدين
تخفف عنهم قسوة الصيف
في البلاد الواطئة
وتمسح عن جبينهم لزوجة الظهيرة
إنهم يشبهوننا تماماً
لكنهم يختبئون في الملاجئ
حين تناديهم صفارات الإنذار
بينما يحشو أقاربهم الطائرات بالقنابل،
القنابل التي لا تأسى لبكاء طفلٍ
أو شيخٍ
يتكئ على حزنه في صمت
أطفالهم يكتبون على الصواريخ
تحية المساء لأطفالنا،
أطفالنا الذين يبحث جنود الإغاثة الآن
عن أشلائهم تحت الأسِّرة
والحوائط المهَّدمة،
أحدهم لابد يستعد لوجبة العشاء
بذات الشهية
التي كان يحرق بها البيوت
في مدينة لم يجلس على مقاهيها
أنا متأكدٌ
أن الخوفَ يأكلَ روحه
وهو يحكي لزوجته
عن شوقٍ أرقه طوال أسبوعين من القصف
بينما تتابع على الشاشة
أشباحاً لأعدائه
صوراً لمدينة هدها التعب
فنامت تحت الظلام
لأطفالٍ يتحدثون عن حروبٍ
تختبئ خلف شبابيكهم كالعناكب،
لذلك لا تصدقوا
الغبار الذي يغطي وجوه أولئك الجنود
والدماء التي تسيل من أصابعهم
وإذا رأيتم على الشاشة أقدامهم
صدقوا فقط
أنهم يشبهوننا
في الهزيمة التي تأكل الروح
أنتم لابد تعرفون
أن اليد التي تقتل الحياة هناك
هى اليد التي ترفع الشعار هنا
أن يداً صغيرة تمتد من تحت الركام
نهديها دمعة مالحة
لنصبح نحن أعداءنا
الذين يشبهوننا تماماً!

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

بستاني