“الصقر المالطي” رواية وفيلم وشهرة لاحدود لها

"الصقر المالطي" رواية وفيلم وشهرة لاحدود لها
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام
ويل هودجكينسون ترجمة  ـ أحمد فاضل كان الروائي الأمريكي داشيل هاميت قد فتح آفاقا جديدة من الخيال الممزوج بالجريمة ممهدا الطريق لفيلم نوار بإسلوب هوليوودي يختلف عن مصدره الفرنسي خصوصا وأنه يرتكز بمحتواه على التصرفات المفعمة بالتهكم والتشاؤم والدوافع الجنسية ، وقد امتدت أفلام النوار الكلاسيكية الهوليوودية من بداية أربعينيات القرن العشرين حتى أواخر الخمسينيات منها  وقد لازمها في تلك الفترة تحديدا أسلوب بصري قائم على التصوير بالأبيض والأسود حيث يعود بجذوره إلى التصوير السينمائي الخاص بالموجة التعبيرية الألمانية ، ويلاحظ أن الكثير من قصص أفلام النوار الأولى وسلوكياتها استمدت قصص بوليسية تمزج بين العنف والجريمة استهلتها هوليوود بفيلمها الكبير " الصقر المالطي " المأخوذ عن رواية بنفس الإسم للروائي هاميت حيث عرض أمام الجمهور عام 1941 في خضم احتدام معارك الحرب العالمية الثانية ، وهي أي الرواية في قصتها تناولت المجتمع الأمريكي بكافة أطيافه والذي يتفشى في بعض شرائحه الجشع والخداع ومركزا فيها على الجانب الأقل نبلا والخالي من الإنسانية  بتوليفة رائعة من الخيال البوليسي الممزوج بالواقع المعاش ، الصيغة نفسها تكررت مرة أخرى في فيلم " النوم الكبير " عام 1946 ، و " الحي الصيني " عام 1974 ، و " دم بسيط " عام 1984 .

هاميت كان قد أدخل على روايته عناصر رئيسة أدار من خلال شخوصها أحداثا مشبعة بالمغامرة ، كامرأة خطرة ومؤامرة تشعبت فصولها ، وكذب خفي ستكشفه الحقيقة آنفا ، الرواية وعند صدورها استقطبت الإعجاب بها من عدد من أشهر الكتاب آنذاك الذين اعترفوا بفضلها عليهم بترسيخها نمطا حداثويا للقصة البوليسية في كتاباتهم كريموند تشاندلر وجيمس إلروي وإلمور ليونارد ووليام بوروز ، والطريف في رواية ” الصقر المالطي ” أنها ومع سيل المغامرات الجارفة لأحداثها يقف معها تمثال صغير لصقر مرصع بجوهرة ثمينة لاتقدر بثمن يصبح هدفا للمطاردة من حفنة من المحتالين تحدوهم رغبة جنونية بالإستيلاء عليه وامتلاكه بشتى الطرق .

الروائي هاميت لم تكن تنقصه الخبرة لكتابة مثل هذه الرواية فقد كان يعمل في المباحث الأمريكية منذ عام 1920 وسبق وأن خاض غمار عمليات عديدة تتعلق بجرائم القتل والتهريب ، لكن اعتلال صحته نتيجة لإصابته بمرض السل الذي جعله يتقاعد عن عمله ويتفرغ للكتابة حيث كانت له تجارب سابقة في القصة القصيرة ما أهلته على كتابة روايته الأولى هذه التي سرعان ما لاقت نجاحا كبيرا وشهرة واسعة إضطر ناشرها إلى إعادة طبعها سبعة مرات في سنة صدورها الأولى لنفاذ طبعتها وهو ما لم يتمكن كاتب كهمنغواي أو دوروثي باركر أو الكاتب المسرحي ليليان هيلمان من تحقيق ذلك وقتها ، هاميت وبعد تلقيه مبالغ خيالية عن طبعه لروايته إنشغل بلعب القمار وتناوله الكحول ومصاحبة العاهرات وإغداق الهدايا عليهن فأضاع تلك الثروة وصاحب كل ذلك الحكم عليه بالسجن مدة أربعة أشهر عام 1946 لتورطه مع مجموعة من الشيوعيين الأمريكان لإثارتهم المشاكل مع بعض الشركات العاملة في قطاع البناء وقد أفرج عنه بكفالة ، لكنه في نفس العام حكم عليه بدفع غرامة مالية كبيرة لتهربه من دفع الضرائب المستحقة عليه نتيجة لتراكمها بسبب تلك الرواية  وبعض أعماله الأخرى ما أجبر على إشهار إفلاسه ومات عام 1961 متأثرا بتشمع كبده نتيجة إدمانه الكحول .

الحديث عن هذا الفيلم عاد من جديد ليتصدر الصحف العالمية وكتابات النقاد وتهافت الجمهور لاقتناء نسخة منه  بلوراي عالية الوضوح بسبب أن تمثاله المصنوع من الرصاص وبعد مشاركته الفيلم الهوليوودي الشهير قبل 72 عاما بيع عن طريق دار بونهامز للمزادات مؤخرا بأكثر من 4 ملايين دولار في مزاد علني بمدينة نيويورك ليقارب أعلى الأسعار التي حققتها من قبل تذكارات معروفة شاركت أفلام شهيرة مثل سيارة الرجل الوطواط الأولى في الستينات وسيارة أستون مارتن التي قادها سين كونري في فيلم ” الاصبع الذهبي ” .

تدور قصة الفيلم حول سيدة تقوم باستئجار محققين خاصين للقيام بمراقبة أحد الأشخاص مدعية أنه هرب مع أختها فيغتال أحدهم أثناء تأديته لمهمته فيقرر شريكه إتمام المهمة والبحث في معرفة خفايا جريمة قتل زميله وسر السيدة الغامضة ليجد نفسه أيضا في طرف صراع كبير بين بعض العصابات المحترفة التي تتصارع على سرقة هذه التحفة التاريخية التي تعود للقرن السادس عشر وهي عبارة عن تمثال لصقر يقف بشموخ على قاعدة صغيرة ، والشيئ الذي يمكن ملاحظته في هذا الفيلم والذي يثير دهشتنا هو تماسكه وترابطه الشديد نتيجة لإخراجه الإحترافي المتقن من مخرجه الكبير جون هيوستن والسيناريو المحكم ونجومه الكبار وعلى رأسهم الممثل الأسطوري همفري بوغارت والحسناء ماري أستور ، وقد تكفلت بإنتاجه وتوزيعه شركة أفلام وارنر بروز العريقة كما ترشح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار واختير لإدراجه في السجل الوطني لمكتبة الكونغرس عام 1989 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن صحيفة الديلي تلغراف

*شاعر ومترجم عراقي

خاص الكتابة

مقالات من نفس القسم