نادراً ما نجحت الأفلام الموسيقية طوال عقودها المديدة التي تجاوزت قرناً وربع في استقطاب اهتمام شرائح واسعة من الجماهير ونيل إعجابهم. ونادراً ما نجحت رواية قُتلت تمثيلاً في السينما والتلفزيون والمسرح والأوبرا في تقديم إضافة فنية حقيقية جعلت غالبية النقاد يجمعون على إطرائها. ذلك ما حصل مع رواية “البؤساء” للكاتب الفرنسي فيكتور هيجو. فهذه الرواية التي تُرجمت إلى لغات عديدة ومُثلت بأكثر من ستين لغة عالمية بدت ملحمة موسيقية حُق للمخرج البريطاني الشاب توم هوبر أن يفخر بها بعد مفخرة فيلمه السابق “خطاب الملك”.
صحيح أن التفكير في تحويل رواية “البؤساء” إلى فيلم موسيقي بزغت نهاية ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان هوبر لا يزال يافعاً، فهُجرت الفكرة وتُخلي عنها، وعادت للظهور في 2011 على يديه وقد صلُب عوده الإخراجي وتفتقت مواهبه. قرر هوبر خوض التحدي، وتبنى مقاربته مقاربة إخراجية فذة وأضفى على الفيلم لمسته المبدعة وحدسه الفني العالي، واتخذ قرارات جريئة فريدة فتحت له أبواب النجاح على مصراعيه. فقد أبحر عكس التيار التجاري السائد، ورفض إخراج النسخة الموسيقية من الفيلم بتقنية ثلاثية الأبعاد، مؤمناً أن هذه التقنية كانت لتنتقص من قيمة هذا العمل الكلاسيكي الرائع، ورفض استخدام تقنية الفلاش باك ومزامنة الشفاه عند تسجيل الممثلين نص حوار الفيلم، وأقنعهم بتسجيل أدائهم الحي خلال تصوير الفيلم، ما جعل أداء كل واحد منهم أكثر صدقاً وإبداعاً وتفاعلاً. خياله المبدع الواسع دفعه أيضاً إلى تقديم شروط متطلبة على الممثلين الذين اختارهم، فطالب بطل سلسلة “إكس مان” و”وولفرين” الأسترالي هيو جاكمان الذي اختاره لأداء دور “جان فالجان” بالإقلاع عن شرب القهوة والمواظبة على التمرن ما لا يقل عن ربع ساعة كل يوم وشرب سبعة لترات ماء كل يوم والجلوس في حمام بخار ثلاث مرات في اليوم والاستحمام بماء فاتر ووضع منشفة مبللة على وجهه عند سفره جواً، كما طالب أن هاثاواي “فونتين” بقص شعرها الحريري الطويل حقيقة خلال الفيلم كنوع من التضحية لإعالة ابنتها كوزيت “أماندا سيفريد”. وأخذ الممثلين إلى منزل فيكتور هيجو ليستشعروا البيئة التي عاش فيها هذا الكاتب خلال كتابته لتراجيديا البؤساء المفعمة بالحب والقوة والأمل، فجعله يغلف روايته بقيم إنسانية تدور في فلك الحب والأمل، وتتسامى في عرض جحيم الظلم والجور باسم القانون والاضطهاد الاجتماعي والمخاض العسير الذي مر به مسلسل الثورات الفرنسية والتي أُجهض عدد منها قبل أن ينجح الفرنسيون في النهاية في التخلص من الملكية ويؤسسوا جمهوريتهم الثالثة مؤثثة بثلاثيتها المخلدة “حرية، مساواة، إخاء”.
لم يكلف الفيلم أكثر من 61 مليون دولار، لكنه قدم مشاهد استهلكت 49 مقطوعة موسيقية مغناة بشكل بديع ويطفح عمقاً شعورياً لما يقارب ساعتين ونصف الساعة من الفرجة والإبهار، بل إن مفعوله على المشاهد يتعدى الفرجة إلى ما يشبه التنويم المغناطيسي اللذيذ، الذي يسبح بك في عوالم عديدة قاسمها المشترك هو الحب والمعاني الإنسانية السامية.
رقم قياسي
يبدأ الفيلم الذي صورت مشاهده في فرنسا وإنجلترا، بمقطوعة موسيقية قوية جداً هي “اخفض بصرك”، وسط مشهد قوي جداً في سجن تولون الذي يقبع فيه أعتى مجرمو فرنسا في القرن التاسع عشر وهم يعيدون توازن سفينة ضخمة، ومن بينهم جان فالجان الذي يكون أحدهم وأقواهم، ويرفع سارية علم ثقيلة جداً قبل أن يتم إطلاق سراحه المشروط بعد قضائه 19 سنة بسبب قطعة خبز سرقها لإنقاذ ابن شقيقته من الموت جوعاً، وينتهي داخل دير صغير يفضل جان فالجان الاحتضار فيه بعد حياة حافلة منح فيها الحب والخير للجميع، وكاد يخرج منها خاوي الوفاض لولا حب ابنته المتبناة “كوزيت” الذي ملأت دنياه رغم قساوتها وجورها، وكانت أجمل شيء فيها. حطم الفيلم رقماً قياسياً في الأرباح في أول يوم يُطلق فيه بالقاعات السينمائية، وتخطى الأفلام الموسيقية كافة التي سبقته وآخرها “هاي سكول ميوزيكال”. قدم ملحمة غنائية أوبرالية من الطراز الرفيع امتزجت فيها الأغاني بالدموع، والأمطار بالدماء، والحب بالأسى، واليأس بالأمل.
صدمة لذيذة
عند مقارنتنا فيلم “البؤساء” بنسخته الموسيقية مع النسخة “الفرنسية” و”المصرية” و”الأميركية” و”البريطانية” من الأفلام الروائية الطويلة، نجد أن النسخة الأحدث نجحت فيما فشل فيه سابقاتها من الأفلام الروائية الطويلة. وهذا نادراً ما يحدث نظراً لأن الأفلام الموسيقية تميل بطبيعتها إلى الاحتفالية ومسرحة الأحداث. وهو ما لم يحصل في فيلم توم هوبر الذي يحبس أنفاسك بالمعنى الحرفي للكلمة ويُطيل نفسَك الفرجوي فيأسرك إلى آخر لحظة، ويجعلك تذرف الدموع ولو كانت مقلتاك مجمدتين، ويجعل رموشك تتبلل وقلبك يخفق حباً وأملاً وعشقاً لشخص “جان فالجان” وأصحاب النفوس النبيلة والأرواح الشفافة الرقراقة، ويجعلك تتمنى قراءة رواية البؤساء لفيكتور هيجو مرة ثانية وثالثة ورابعة للتعبير عن امتنانك وتقديرك لعملاق الأدب العالمي، الكاتب الفرنسي فيكتور هيجو، الذي ترك هذه الجوهرة الأدبية الخالدة تقطر معاني إنسانية وجمالاً وروعةً ورومانسية وشعراً وحكماً، وجدة وقوة حتى بعد مرور أكثر من قرن على كتابتها.
ثورة مُجهَضة
من رحم ذلك الجحيم الاجتماعي الذي عاشه جان فالجان وفونتين وكوزيت، والقسوة التي مارسها المفتش المطارد لفالجان والنظام الحاكم في القرن التاسع عشر عقب سقوط نابليون بونابرت، يستل المخرج عناصر ديكور منتقاة لنقل واقع أحد فصول الثورة الفرنسية التي أُجهضت وسُحق على متزعميها من الطلبة. يظهر فيل الباستيل الذي أمر نابليون ببنائه ليوضع في قصر الباستيل قبل أن يتحول إلى نصب في باريس ما بين 1813 و1846، ويتنقل ما بين شوارع باريس ومقهى اجتماع الثوار وموقع متاريسهم بشارع سوفلوت الذي انطلق منه الثوار، وتحصنوا فيه بعد تشكيل متراس من الأثاث الخشبي الذي رماه بعض سكان المنازل المحيطة بشارع سوفلوت خلال مطاردة الجيش الفرنسي للثوار بعد قطعهم جنازة لامارك، ويُقحم بذكاء الطفل الذكي “جافروش” الذي يضطلع بدور كبير مع الثوار ويفضح مفتش الشرطة جافير بعد تسلله إلى صفوف الثوار للتجسس عليهم. لكن الثوار مع ذلك يُقمعون ويُسحقون مخلفين وراءهم كراسي فارغة وطاولات فارغة في المقهى الذي كانوا يخططون فيه للثورة، وينجو منهم فقط الشاب ماريوس بفضل جان فالجان الذي ينقذه بأعجوبة بعد الفرار به عبر المجارير، ليس دفاعاً عن الثورة، بل من أجل ابنته بالتبني كوزيت التي تحب ماريوس ويحبها.
وقد نجح المخرج في نقل الفقر المدقع الذي عاشت فيه شرائح واسعة من المجتمع الفرنسي، والطبقية الاجتماعية التي أعطت كل شيء للغني وحرمت الفقير من كل شيء: أظهر حجم الدماء التي سالت خلال الثورة الفرنسية، وكيف أنه اختلط فيها الثوار الحققيون بالانتهازيين واللصوص من أمثال الزوجين تيناردييه. أظهر بشاعة العسكر والآلة التي قمعت الثوار وكيفية قتلهم الطفل “جافروش” وإيبونين، الابنة البيولوجية لصاحبي الحانة، تيناردييه.
أظهر قسوة الزمان، وعدله أيضاً مع كوزيت التي عاشت طفولة بئيسة، لكن يفاعة وشباباً رغيدين، عكس إيبونين التي عاشت طفولة مدللة ومراهقة وشباباً تعيسين، وحباً من طرف واحد للثائر المغرم بكوزيت، قبل أن تنضم إلى الثوار من أجله وتفديه بحياتها بصدها رصاصة عنه. وتذهب دماء الثوار هدراً بعد فشل ثورة الطلبة الفرنسيين سنة 1832 في إسقاط الملك لويس فيليب الأول، وينتظر الفرنسيون إلى أن تندلع ثورة أخرى في سنة 1848 لتشكيل الجمهورية الفرنسية الثانية.
الصك.. العار
يرمز الصك الذي مُنح لجان ،فالجان بعد إطلاق سراحه المشروط على يد جافير والذي كُتب عليه “مجرم خطير” إلى الثغرات القانونية الكبيرة التي زخر بها القانون الفرنسي المتحيز جداً لمصلحة الحاكمين والبورجوازيين والأرستقراطيين على حساب الفقراء. فهذه الوثيقة الثبوتية الفاضحة، كانت بمثابة عار طوق عنقه وجعل كل الذين لجأ إليهم من أجل العمل لكسب قوت يومه بسبب محتوى الصك العار الذي يصف صاحبه بأخطر المجرمين في نظر القانون الفرنسي آنذاك بسبب تجرئه على سرقة رغيف خبز ثم محاولاته الفرار من السجن. يصبح فالجان مذلولاً، وينبذه الجميع ويرفضون تركه ينام، باستثناء أسقف يظهر في أحلك فترة يمر بها فالجان بعد خروجه من السجن، يرق لحاله، ويدعوه إلى الاحتماء من زمهرير البرد وغزير المطر إلى بيته، فيشفي غليله من أكل وشرب ظل محروماً منه قرابة عقدين، ويُمنح أخيراً سريراً لينام فيه. لكنه في لحظة ضعف وبسبب ما راكمته فيه سنون السجن يسرق الأسقف الذي آواه فيرجعه رجال الشرطة، لكن رجل الدين ينقذه من قبضتهم ويقول إنه هو من أعطاه تلك الأواني الفضية، ويزيده شمعدانين ويطلب منه ألا يستخدمهما إلا في الخير. يحدث هذا الفعل مفعولاً عجيباً في نفس جان فالجان، ويبدأ خيط الحبكة ليحيك شخصية فالجان الجديدة، فيقطع الصك العار ويمزقه إرباً إرباً ويعتزم بدء حياة أخرى بهوية جديدة واسم جديد ويخرق بذلك سراحه المشروط.
فونتين وكوزيت
بعد ثماني سنوات، يتحول فالجان إلى صاحب مصنع وعمدة مدينة فرنسية ويُشيع القيم الإنسانية في المدينة، ويلتقي فونتين (آن هاثاوي) التي يجور عليها الزمن ويقودها تمنعها عن مراودات مدير العمال ووشاية زميلاتها العاملات بإعالتها لابنة متخلى عنها إلى طردها من مصدر رزقها الوحيد لإعالة كوزيت، والتي تعمل في الواقع خادمة لدى زوجين شريرين جشعين يديران حانة هما “تينارديي”. أبدعت آن هاثاواي في أدائها في مشاهد بيع شعرها وأضراسها قبل أن تُدفع دفعاً إلى بيع جسدها حتى لا تفقد ابنتها كوزيت، وبرعت في تجسيد ذلك الكبرياء الحر الذي يتدفق منها فجأة في لحظة ضياع وشعور بفقدان كل شيء ويدفعها إلى غرز أظافرها في وجه أحد البورجوازيين المقتاتين على لحوم الفقراء ثم البصق في وجه السيد العمدة الذي لم يُغثها لحظة طردها المتعسف من مصنعه. يحمل العمدة فونتين على كتفيه وينقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج. فتلفظ أنفاسها قبل رؤية ابنتها كوزيت. يذهب العمدة لجلب كوزيت فيجدها تجلب ماء من بئر في ظلمة حالكة، ويدفع مالاً طائلاً لاستعادتها من الزوجين “تيناردييه” الجشعين الشريرين، ويواصل فراره من مطارده جافير. تنشأ كوزيت حياة كريمة وكأنها بنت بورجوازي ميسور، وتصبح بعد تسع سنوات شابة في منتهى الجمال والفتنة، فيقع في حبها شاب من أعضاء جماعات الثورة الفرنسية وتقع هي أيضاً في حبه.
ثورة وحب
كان المشهد الذي رُددت فيه المقطوعة الغنائية “أحمر أسود” من أبهى المشاهد، ففيها يتقابل اللونان الأحمر والأسود في ساحتي الحب والثورة. يتحول الحوار إلى ملحمة شعرية فيها من السجع والنثر والشاعرية. يقع جان فالجان في حيرة ويتمنى في البدء لو يموت الثائر الذي يعشق ابنته حتى لا يخطفها منه، لكنه يكون هو من ينقذه من نيران القوات الفرنسية لدى قمعها للثوار الشباب. ينقذه جان فالجان من أجل كوزيت، وأيضاً من أجل روحه السامية وإنسانيته العميقة، تماماً كما سبق له إنقاذ فوشلوفان من الموت بعد أن رفع عنه عموداً كاد يكشف أمره لدى جافير أثناء عموديته. وقد حبلت مشاهد فيلم هوبر بإحالات وإشارات بعضها صريح وغيرها ضمني إلى شخصيات فرنسية تجلت فيها معاني كثيرة واختزلت كل قيم الفلسفة والأخلاق والقانون والعدالة والحب والرومانسية والدين في فرنسا القرن التاسع عشر.
سقوط مدو
تأتي الفرصة لجان فالجان للانتقام من المفتش جافير بعد أن يصل إلى علمه أنه قُبض على الهارب “جان فالجان” وهو يحاكم، ويأتي جافير للاعتذار لأنه شك في أنه هو جان فالجان، فيسامحه، لكن العمدة يذهب ويدخل المحكمة ويصرح بأنه هو جان فالجان، وليس ذلك الرجل المسكين الذي يشبهه. لكنه يفر مرة أخرى من أجل فونتين وكوزيت. تأتيه فرص عديدة للانتقام من جافير أو قتله، لكنه يعفو عنه، بل وينقذه ويطلقه حائراً إلى أن ينتهي به المطاف منتحراً في “المجارير”، بعد أن يسقط بإرادته سقوطاً مدوياً شطره إلى نصفين. ويكون مشهد انتحار جافير من القوة، بحيث يعلن هزيمة القانون الفرنسي آنذاك وانتصار قيم التسامح والحب التي يحملها قلب فالجان. فهذه القيم في النهاية هي من قتلت المفتش جافير وأنقذت جان فالجان.
يموت جان فالجان وهو مطمئن وراضٍ عن نفسه، وعن كوزيت التي يعتبرها أجمل شيء طرأ في حياته، ويلتحق بروح فونتين تاركاً دموع كوزيت تنسكب في حديقة الحب التي بدأت إرواءها رفقة خطيبها مورياس، الذي لم يمنعه نسبه وانتماؤه لأسرة بورجوازية غنية إلى الالتحاق بالثوار الفرنسيين. هي إلياذة سينمائية جمعت الكثير من المعاني الإنسانية السامية، هي ملحمة أوبرالية شبيهة بما كتبه جلجاميش وهوميروس. هو فيلم جمع نخبة من أمهر نجوم هوليوود، فكان حرياً بأن يصبح “تايتانيك” عصره. يأسرك نصه، وتفتنك موسيقاه التصويرية ومقطوعاته الغنائية، ويجعلك تتحد مع شخصية جان فالجان في كل أفعالها، وتتعاطف معه إلى النخاع، حتى عندما يسرق الأواني الفضية من الرجل الذي آواه، يجعلك تتساءل هل هو ملاك في صورة بشر، أم بشر بلغ ذلك السمو وحافظ على إنسانيته العالية رغم ما ناله من جور الزمان وأهل ذلك الزمان. يجعلك تؤمن بالقيم الجميلة، وتخرج من قاعة السينما وأنت أكثر توقاً للتسامح، وشغفاً بالحب الأصيل، وقلبك ينبض بالرحمة والرأفة والاحترام والإجلال لتلك القامة السينمائية الهائلة، هيو جاكمان، وأيضاً للمخرج الذي أبى إلا أن يواصل مسيرته على درب التميز وحصد الأوسكارات. فها نحن مع إبداع من نوع جديد، يضيف إلى رصيده مزيداً من الجوائز والأوسكارات، بعد أوسكار خطاب الملك الذي أبدع فيه أيضاً كعادته.
جوائز وشرائط
فاز فيلم “البؤساء” الموسيقي لمخرجه توم هوبر مسبقاً بأحسن فيلم للسنة من معهد الأفلام الأميركية والمكتب الوطني للنقد والنقاد السينمائيين بنيويورك، وبأفضل ممثلة مساعدة لأن هاثاواي من جائزة بوسطن لنقاد الأفلام، وبمنتج السنة في مهرجان هوليوود السينمائي، وأحسن تصوير، وفازت بعض أغنياته مثل “فجأة” بجائزة أفضل أغنية أصلية، وهو مرشح للفوز بجوائز أخرى وحتى أوسكارات. ويُتوقع بأن تجد المقطوعات الغنائية التسعة والأربعين التي شكلت نص الفيلم طريقها إلى سوق أشرطة الموسيقى والغناء، وأن تشهد رواجاً مماثلاً لذلك الذي لقيته أغنية سيلون ديون بعد عرض فيلم “تايتانيك”.
استراحة كوميدية
لم تخلُ نسخة هوبر من “البؤساء” من كوميديا رغم كل ما حملته من مشاعر مثخنة بالبؤس والحزن والجراح ودماء ثورة 1832 المجهضة، إلا أن مشاهد أسرة تيناردييه صاحبة الحانة كانت حافلة بالكوميديا والطرافة. النجمة الإنجليزية سيلينا بونهام المشهورة بدور الساحرة بياتريكس مساعدة فولدمورت في سلسلة أفلام هاري بوتر أدت دور السيدة تيناردييه بمنتهى الإتقان، وأخذت دروساً في “النشل” وسرقة زبائن حانتها على يد اختصاصي نفسي قبل تمثيل الدور. ولم يقلّ ساشا بارون عنها إتقاناً لدوره. وكان هذا الثنائي يكسر الطابع الحزين للفيلم كلما ظهر وينقل المشاهد من حالة الحزن الطاغي إلى حالة الكوميديا الخفيفة والمرحة. ما يدل على أن المخرج هوبر نجح بامتياز في توظيفهما وتقديمهما في قالب كوميدي يخيل للمشاهد أنه ما كان الدوران سيليقان بآخرين غيرهما.