الإثنوغرافيا في مجابهة الرؤى العنصرية دفاعاً عن وحدة إنسانية الإنسان

د. حسام الدين فياض
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

د. حسام الدين فياض

” يعتبر الغربيون أن أول إثنوغرافي عرفه العالم هو هيرودوت الذي ساح في أقطار العالم القديم ودوّن ملاحظاته والخلاصات التي توصل إليها بالمشاركة والاستجواب. ويمكن لنا أيضاً أن نعتبر ابن بطوطة أو ابن جبير من أعظم إثنوغرافيي القرون الوسطى “ (من كتاب الأجساد الثقافية، الإثنوغرافيا والنظرية، ص 12).

يُنظر إلى الإثنوغرافيا في أدبيات علم الإنسان باعتبارها وصفاً لثقافات الشعوب، حيث يعتبر الهدف الأساسي للبحوث الإثنوغرافية هو دراسة المجتمعات البدائية، ولكنها في وقتنا المعاصر تخطـت الإثنوغرافيا ذلـك إلى دراسة الثقافات في المجتمعات الحديثة والصناعية والمتطورة، وهذا بكل تأكيد جعل منها مجهوداً نظرياً له أهميته الحياتية من حيث الوصف والشرح في الماضي والحاضر.

اشتقت كلمة إثنوغرافيا من الأصل اليوناني إثنوس والتي تعني ” جماعة “، وفيما بعد أصبحت تعني الناس أو الشعب، وكلمة غرافيا التي تعني وصف أي وصف الشعوب. تتركز الدراسات الإثنوغرافية حول مجموعات ثقافية كبيرة من الناس الذين يتفاعلون عبر الزمن. الإثنوغرافيا هي مجموعة من المناهج النوعية التي تُستخدم في العلوم الاجتماعية، إذ تركز على ملاحظة الممارسات والتفاعلات الاجتماعية. فهدفها هو ملاحظة الموقف أو الظاهرة بدون فرض أي إطار أو بناء استنتاجي على تلك الظاهرة، ورؤية كل شيء بوصفه غريباً أو فريداً من نوعه.

ومن المعروف تاريخياً أن ممارسة الإثنوغرافيا قد اشتملت على العيش بين الناس والتحدث معهم و” الوجود بينهم ” والملاحظة من خلال المشاركة، ومحاولة فهم كيف ترى الجماعة الخاضعة للدراسة عالمها وتفسر ظواهره، ومن بينها عالم الأنثروبولوجيا نفسه. كذلك درج ربط الإثنوغرافيا بفكرة الشمول، فالثقافات مترابطة فيما بينها وغير مجزأة وتمثل أنظمة متكاملة، ولذلك فإن أي وصف لها يجب أن يتناولها جميعاً حتى يكون كاملاً غير منقوص. وغالباً ما يكون إجراء الدراسات الإثنوغرافية وكتابتها في حقيقته أكثر تعقيداً من مجرد افتراض أو حتى مناقشة أوجه الارتباط والتداخل بين العناصر الثقافية. فهل تسجل الدراسات ما يدعي الناس فعله؟ أم مشاهداتنا لأسلوب حياتهم؟ أم المنظور الذي يرغبون هم أن يراهم من خلاله عالم الأنثروبولوجيا القائم بالملاحظة؟ لم تكن الإثنوغرافيا يوماً مجرد وصف، بصرف النظر عن تعريفها، بل إن أسلوب وصفها أسلوب نظري في حد ذاته، فالإثنوغرافيا هي تنظير للوصف. لا يمكن افتراض الحجم الكلي لأي ثقافة، كما أنه لم يحدث إجماع كامل قط حول المدى الذي يعد معه هذا الحجم الكلي لثقافة معينة مقبولاً، وخاصةً عند التعامل مع مسألة الحدود، ولم يحدث كذلك أي اتفاق حول معايير اعتبار النقل الإثنوغرافي نقلاً ” قائماً على وقائع فعلية “، وهو ما يمثل مشكلة في الممارسات العلمية التي تشكل التيار السائد. ويعد غياب الاتفاق أو الإجماع التام نقطة قوة إثنوغرافيا الأنثروبولوجيا، إذ تشجع على إجراء عملية حيوية تتلاءم مع العوالم المتغيرة داخل الأوساط الأكاديمية وخارجها.

وهكذا نرى كيف أن الجدل مستمر منذ بدايات تطور علم الأنثروبولوجيا حول تجميل عملية الوجود بين جماعات معزولة وغريبة، بالتزامن مع الشكوك التي تكتنف أوجه القصور في منهجية سعت في بعض الأحيان إلى الإجابة عن جميع التساؤلات الأساسية المتعلقة بالوضع الإنساني. في الوقت نفسه سبب المناقشات حول كثرة احتمالات الإثنوغرافيا قلقاً، أو على الأقل ارتباكاً، حول مدى استقرار الجهود الميدانية والحاجة المستمرة للتجديد.

إن البحث الإثنوغرافي يُعنى بالثقافة بـشكل خـاص، فسؤاله الدائم هو: ما ثقافة هؤلاء الناس؟ وهل يفترض أن أي مجموعة من النـاس تعيش مع بعضها لفترة زمنية معينة ستكون ثقافة معينة خاصة بها؟ وما انعكاسـات هذه الثقافة على تشكيل سلوكهم، وممارساتهم الحياتيـة، ونظـرتهم إلى الواقـع الاجتماعي والثقافي الذي يعيشون فيه؟  ويرى جون أوجبو John Ogbu  (1939-2003) أن البحث الإثنوغرافي طريقة وأداة لفهم أساليب مجتمع (جماعة ما) وطرقه في الحياة اليومية، من خلال معرفة أفكار أعضائه ومعتقداتهم وقيمهم وسلوكياتهم، وما يصنعونه من أشياء يتعاملون معها، ويتم ذلك عن طريق الملاحظة بالمشاركة الإثنوغرافيا تعني الدراسة الوصفية لطريقة وأسلوب الحياة لشعب من الشعوب أو مجتمع من المجتمعات او مجموعة التقاليد، والعادات والقيم والأدوات والفنون، والمأثورات الشعبية لدى جماعة أو مجتمع معين، خلال فترة زمنية محددة… إذن يتحدد مفهوم الإثنوغرافيا (أكاديمياً) بأنه: الوصف الدقيق والمترابط لثقافات الجماعات الإنسانية، واصطلاح الإثنوغرافيا Ethnography في بريطانيا يعني البحوث الوصفية والتحليلية التي قام بها علماء الأنثروبولوجيا البريطانيون حول الشعوب والأقوام والمجتمعات البدائية التي درسوها دراسة ميدانية، وبالرغم من أن الاثنوغرافي يهتم بالدراسة الوصفية للمجتمعات البدائية والمتحضرة، والأنثروبولوجي الاجتماعي يهتم بالتحليل البنائي أو التركيبي للمجتمعات البدائية فإن هناك ارتباط وتداخلاً وثيقاً بين هذين العلمين بخصوص الدراسات العلمية التي يقومان بها. غير أنه في الولايات المتحدة الأمريكية لا توجد هناك علاقة وثيقة بين علم الاثنوغرافيا وعلم الأنثروبولوجيا الاجتماعية بل توجد علاقة مرتبطة بين الإثنوغرافيا والاثنولوجيا. ويرى عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي ميلفيل جان هيرسكوفيتس  Melville Jean Herskovits (1895-1963) في كتابه: ” الإنسان وأعماله ” 1948 بأن الإثنوغرافي هو وصف للحضارات وبحث مشاكل النظرية المتعلقة بتحليل العادات البشرية للمجتمعات الإنسانية المتباينة.

إذن الإثنوغرافيا أو وصف الأعراق البشرية أو وصف الشعوب هي الدراسة المنهجية للناس والثقافات. بمعنى أوسع الإثنوغرافيا هي العلم الذي يهتم بالبحث عن ثقافة شعب معين أو فئة معينة من الناس. وهو علم ميداني نوعاً ما. فلكي يقوم عالم الإثنوغرافيا ببحث إثنوغرافي عن القرية ما على سبيل المثال يجب عليه السفر إلى تلك القرية والعيش فيها مدة كافية تساعده على فهم أهالي القرية ومراقبة عاداتهم وتقاليدهم وسلوكهم بشكل عام. ومن ثم عليه تدوين ما شاهد من مراسيم تقام بهذه القرية وكيف يتعامل الناس مع بعضهم. في المواقف المختلفة كمراسيم الزفاف، والدفن، الأعياد، الملابس، أماكن العيش. باختصار يدون عالم الاثنوغرافيا الطريقة التي يعيش بها الناس على هذه البقعة من الأرض لاستكشاف الظاهرة الثقافية، إذ يلاحظ الباحث المجتمع من وجهة نظر موضوع الدراسة. كما تعتبر الإثنوغرافيا من أقدم فروع المعرفة في علم الأنثروبولوجيا بدليل أن الأوروبيين عندما وصفوا القبائل والشعوب المحلية في أمريكا وإفريقيا واستراليا وآسيا، وصفوا أدواتهم وعاداتهم وتقاليدهم وكل ما يتصل بثقافاتهم المادية المختلفة وسرعان ما التقط وتبنى الانثروبولوجيون هذه المعلومات واستخدموها في دراساتهم – حسب زعمهم- لتطوير المجتمع البشري، إما في علم الآثار  فقد استخدمت هذه المعلومات من المجتمعات البدائية والبسيطة والتقليدية لنماذج لمجتمعات ما قبل التاريخ والتاريخ القديم، وذلك عن طريق عقد المقارنات البسيطة وحتى أسماء ووظائف الأدوات التي توجد في المواقع الأثرية أخذت من ما هو معروف لدى الشعوب البسيطة التي درسها ووصفها الإثنوغرافيون. وهكذا فإن استخدام الإثنوغرافيا في الآثار قديم قدم العلم نفسه.

نستنتج مما سبق أن من المميزات المهمة للإثنوغرافيا أنها تتيح للباحث الوصول المباشر إلى ثقافة المجموعة المستهدفة وممارساتها. أي إنها نهج مفيد للتعلم المباشر عن سلوك وتفاعلات الناس في سياق معي، من خلال الانغماس في بيئة اجتماعية، قد تتمكن من الوصول إلى المزيد من المعلومات الموثوقة وأن تراقب تلقائياً ديناميكيات لم يكن من الممكن أن تكتشفها بمجرد السؤال. فالمنهج الاثنوغرافي هو طريقة مفتوحة ومرنة تهدف إلى تقديم سرد ثري لثقافة معينة، مما يسمح لك باستكشاف العديد من الجوانب المختلفة للمجموعة والإطار. ومن أهم خصائصه أنه يقوم على دراسة مجتمع صغير أو جماعة معينة، ويعتمد الباحث على دراسة السلوك في الوضع الطبيعي أو كما يحدث في الواقع دون تحكم أو ضبط، ويتصف المنهج الإثنوغرافي بالمرونة، فلا توجد آلية موحدة لجمع المعلومات وتحليلها، ويعتمد منهج الإثنوغرافي على منهجية الملاحظة بالمشاركة والمقابلة كأداتين أساسيتين في جمعه للبيانات، كما يهدف إلى وصف وتحليل الظاهرة محل الدراسة وهو لا يهدف إلى الوصول إلى نتائج يمكن تعميمها، ويركز البحث الإثنوغرافي على وصف السياق دون محاولة من الباحث فرض نظامه أو معتقداته على الموقف البحثي. وأخيراً ينظر الباحث إلى السلوكيات والممارسات الاجتماعية نظرة كلية شمولية ضمن إطار الأبعاد الاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية، والتنظيمية.

– الإثنوغرافيا والعنصرية علاقة اتصال وانفصال: في حقيقة الأمر للعنصرية تاريخ طويل تقاطع في الماضي مع الاستعمار والعبودية، وقد تفاعلت منذ نشأتها مع النزوع القديم إلى إضفاء صفاتٍ وراثية على الفوارق الطبقية بين العائلات الأرستقراطية وعامة الناس في الدول المستعمِرة. وشهد القرن التاسع عشر نزعة وضعية علمية تحمست لتطبيق الاكتشافات العلمية في العلوم الطبيعية على الإنسان والمجتمع، بإسقاط مناهج مواضيع مثل: البيولوجيا بتفرعاتها المختلفة على العلاقة بين البنية الجسدية لمجموعات بشرية وصفات أفرادها الشخصية وقدارتهم العقلية وأخلاقهم وثقافتهم عموماً. ومثلها في أميركا الشمالية الطبيب صامويل جورج مورتون1799-1851 Samuel George Morton ، الذي تخصص في علم قياسات حجم الجمجمة، واعتُبِرَ مؤسس المدرسة الأميركية لوصف الأعراق البشرية “ الإثنوغرافيا الوصفية “، وقام بجمع جماجم بشرية من مناطق مختلفة من العالم وتصنيفها بناءً على حجم التجويف موضع الدماغ. وافترض مورتون أن العرق الأبيض (القوقازي) متفوق على غيره من حيث القدرات العقلية استناداً إلى تجويفات الجمجمة في الدماغ، وصنف الأفارقة السود في أدنى مرتبة، ووضع الهنود ومن يشبههم في الوسط. وقرر على أساس تحليله لجمجمة مومياء فرعونية، أن الفراعنة كانوا من العرق الأبيض؛ فقد شق عليه، كما يبدو، تصور أن من أنشأ كل هذا المعمار كانوا أفارقة سود البشرة. وقد سبقه إلى تطوير هذه العلوم المزعومة علماء وأطباء أوروبيون، وتلقت أشباه العلوم هذه دفعة من الداروينية، ولاحقاً من الداروينية الاجتماعية. ويمكن القول في هذا السياق إن نشأة الإثنوغرافيا، كاختصاص وعلم، كانت متأثرة تأثراً مباشراً بتلك الإدعات العلمية الزائفة لتبرير العنصرية والسيطرة على الآخر، ولم تتحرر من هذه النزعة إلا مع الثورة العلمية النقدية في موضوعها بعد تخصيبه بعلوم التاريخ والاجتماع.

ومع أن تسمية العنصرية Racism حديثة، وتعود إلى فكرة الأعراق Races العلمية الزائفة Pseudo-scientific، فإنها ليست مصدر العنصرية الثقافي والاجتماعي. فقد كان الموقف السلبي الذي يتضمن آراء مسبقة عن جماعات بشرية كاملة قائماً في ثقافة المستعمِرين، ليس فقط قبل التنوير والثورة العلمية، بل حتى قبل اكتشاف أميركا. كما عرفت الحضارات القديمة الخوف من الآخر المختلف الذي تراوح بين التوجس منه والشك فيه وبين شيطنته. وإذا ما ترافق التوجس من الآخر مع التفوق التنظيمي والتقني العسكري إلى درجة إخضاعه، نشأ النزوع إلى تبرير عملية الإخضاع بالتفوق من جهة، تقابلها الدونية من جهة أخرى، وكذلك ربط التفوق والدونية بالاختلافات المرئية في المظهر الخارجي، أو بالفوارق الثقافية أو الدينية. والعبودية ذاتها، ولا سيما عبودية المهزوم للمنتصر في الحرب، أقدم بكثير من العنصرية الحديثة المرتبطة بفكرة وجود أعراق أكثر وأقل تطوراً من الأخرى. لقد كان ثمة عبيد سود وبيض، وارتبطت العبودية بالهزيمة. وحصل في الماضي أن استعبدت شعوب وقبائل مقاتلة شعوباً أكثر تحضراً ومدنية منها بعد أن هزمتها في الحرب.

ولكن بالمقابل هناك سياق انفصال الإثنوغرافيا عن العنصرية، حيث قام فريدريش تيدمان الذي يعتبر من أوائل العلماء الذين حاربوا العنصرية علمياً من خلال توظيف الإثنوغرافيا في دحض ادعاءات العنصرية الكاذبة فيما يتعلق بالفوارق بين الأجناس الإنسانية. ففي عام 1836، استخدم قياسات القحف والدماغ (التي أخذها من الأوروبيين والسود من أنحاء مختلفة من العالم)، لدحض اعتقاد العديد من علماء الطبيعة وعلماء التشريح المعاصرين بأن الأشخاص السود لديهم أدمغة أصغر وبالتالي هم أدنى مرتبة من الأشخاص البيض، قائلاً إن هذا لا أساس له من الصحة من الناحية العلمية ويستند فقط إلى الآراء المتحيزة للمسافرين والمستكشفين. ولكن على عكس التوظيف السلبي السابق للنظرية التطورية صرح داروين في عام 1871 أنه على الرغم من اختلاف أجناس الإنسان الموجودة في كثير من النواحي، كما هو الحال في اللون، والشعر، وشكل الجمجمة، ونسب الجسم، وما إلى ذلك، ولكن إذا أخذ الهيكل بالكامل في الاعتبار، ستجد أنها تشبه بعضها البعض عن كثب في العديد من النقاط.

كما روّج عالم الإثنوغرافيا الألماني أدولف باستيان Adolf Bastian (1826- 1905) للفكرة المعروفة باسم ” الوحدة النفسية للبشرية “، وهي الإيمان بإطار عقلي عالمي موجود في جميع البشر بغض النظر عن العرق. كما انتقد رودولف فيرشو Rudolf Virchow (1821-1902)، عالم أنثروبولوجيا بيولوجي، تصنيف إرنست هيغل للإنسانية إلى أعراق أعلى وأدنى. أثر المؤلفان على عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي فرانز بواس Franz Boas (1858-1942) الذي روج لفكرة أن الاختلافات في السلوك بين البشر هي ثقافية بحتة وليست محددة بالاختلافات البيولوجية. واصل علماء الأنثروبولوجيا لاحقاً مثل مارسيل موس وبرونيسلاف مالينوفسكي وبيير كلاستر وكلود ليفي شتراوس التركيز على الثقافة ورفض النماذج العرقية للاختلافات في السلوك البشري.

وفي سياق متصل، يرى الفنان الإثنوغرافي الفرنسي شارل كوردييه  Charles Cordier (1827- 1905)، بأن الجمال ليس حكراً على عرق نبيل أوحد، لقد روجتُ عبر أعمالي الفنية لفكرة أن الجمال موجود بكل مكان. كل عرق أو جنس له مميزاته الجمالية التي قد تختلف مع المميزات الجمالية لبقية الأعراق. فإنسان جميل ذو بشرة سوداء هو بالضرورة ليس الأجمل بالنسبة لنا.

وفي مذكراته، يقول كوردييه: ” منحوتاتي تجسيد لنبذ العبودية وتؤرخ لبداية الإثنوغرافيا فنياً “. وكنحات مؤسس للإثنوغرافيا، كان هدف كوردييه ترسيخ أفكاره التي بشر بها عن كونية الجمال، وكان دائماً ينحت تمثالين نصفيين لامرأة ورجل من العرق نفسه. وفي سنوات عمله في متحف التاريخ الطبيعي كنحات متخصص في الإثنوغرافيا، أبدع سلسلة من التماثيل النصفية النابضة بالحياة التي استوحاها من المشاهدة العميقة والدقيقة للسكان المحليين وأزيائهم وملامحهم خلال رحلاته التي قام بها إلى شمال إفريقيا واليونان. وكانت تماثيله النصفية تظهر الذوق السائد لمنحوتات القرن التاسع عشر من تداخل البرونز والمرمر وغيرها من المواد، وكذلك استعمال أكثر من لون في التمثال الواحد، وهي ظاهرة انتشرت عقب نقاشات الفنانين في تلوين أو استخدام المرمر الملون استلهاماً للمنحوتات الرومانية وتماثيل عصر النهضة. حيث طعّمَ كوردييه أغلب منحوتاته ببراعم برونزية مطعمة بالمينا، ما أضاف إثارة واقعية وجعلها أكثر رواجاً.

لم تقتصر منحوتاته على أناس الشرق الأوسط وإفريقيا، بل نحت تماثيل نصفية لأناس من مختلف أنحاء فرنسا وأوروبا، لكن عقيدته الفنية كانت تعارض النظرة الاستعلائية للعرق الأوروبي. وأغلب منحوتاته ما زالت موجودة في متحف الإنسان في باريس. كان لكوردييه مساهمة فعالة في بناء عدة مبان في باريس خلال حكم نابليون الثالث (1848 – 1870) مثل دار الأوبرا ومتحف اللوفر ومبنى بلدية باريس.

لقد قدم التبرير العلمي الزائف تأسيساً للإيديولوجيات العنصرية بواسطة الإثنوغرافيا في عصر العلمنة والعقلانية في صورة نظرية قابلة بيسر للتحول إلى إيديولوجيا أو اعتقاد، وأدت هذه الإيديولوجيا دوراً خطيراً في التاريخ الحديث والمعاصر. ولا شك في أنها أثرت في القيادات السياسية والعسكرية والمستوطنين في مرحلة الاكتشافات الجغرافية والاستعمار. لكن لم تنشأ مواقف قطاعات واسعة من الناس من آخرية الآخر (حب الاستطلاع والاستعداد للتواصل والتعايش معه في مقابل التوجس في الحد الأدنى وصولاً إلى الشيطنة بدرجات مختلفة) نتيجةً لهذه التنظيرات شبه العلمية، سواء أتجلى الداعي إلى الموقف المسبق في لون الجلد أم اللغة أم الدين أم مجرد كون الآخر ” غريباً “. فهذه الدرجات من المواقف تجاه المختلف جسدياً أو دينياً أو إثنياً أو حتى قبليّاً كانت قائمة لدى قطاعات واسعة من الناس قبل رواج هذه النظريات وظلت قائمة بعدها وبغض النظر عنها، وهي تجعلهم معرضين في العصر الحديث أيضاً لتقبّل الإيديولوجيات التي تستخدم نظريات شبه علمية أو تستند إليها. كما تقبلت الطبقات العليا في البلدان المستعمِرة فكرة التفوق على المستعمَرين، إذ كان الإيمان بالتفوق على العامة من سكان بلادها منتشراً في أوساطها التي عدتهم عاجزين وجهلة بالوراثة، بحيث يكرس التكاثر بالتزاوج فيما بينهم تلك الصفات الوراثية. أما الأرستقراطية الأوروبية فكانت واثقة بأن دماً مختلفاً سرى في عروق أفرادها، وأن نسب الأرستقراطي يؤهله جينياً للسلطة والثروة. من جهة أخرى، تقبّل عوام المجندين للقتال في المستعمَرات فكرة أن المستعمَرين أدنى مرتبة منهم بسبب الموقف الموصوف أعلاه من الآخر عموماً، ولأن نزع الإنسانية عن المستعمَرين يمنحهم امتياز التفوق، والانتماء بهذه الصفة إلى قوم المستعمِرين. كل هذا قبل أن تنشأ الإيديولوجيات القومية وفكرة انتماء الطبقات كلها إلى الأمة ذاتها، وحلول التأكيد على الفرق بينها وبين الأمم الأخرى بطبقاتها المختلفة محل ” الفوارق الجوهرية ” الثابتة بين نبلائها وعامتها.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه علينا هل يولد الطفل عنصرياً؟ طبعاً لا… يولد الطفل دون أن تربطه بعالمه الجديد ومجتمعه الأول أية روابط من نوع خاص، عدا رابطته الغريزية بأمه، وهو إلى الآن ليس جديراً بلقب (إنسان) حتى يتصف بجملة من الصفات التي تؤهله للانخراط في مجتمعه الصغير أولاً أي أسرته ومن ثم مجتمعه الأوسع المحيط. ومن الأمور التي ترسخ صفة الإنسانية لدى ذلك الضيف الجديد، أن يألف من حوله ويستأنس بهم، ولا يكون هذا إلا بدوام الاتصال، فهذا الطفل لن يشعر بالألفة المعتادة تجاه هؤلاء الذين لا يتواصل معهم بكثرة، ذلك لأن المسالمة طبيعة فطرية، ومن النادر أن يولد الطفل عدوانياً، إلا تحت تأثير عوامل وراثية أو بيئية غير سوية، والقوة الطبعية في الطفل المماثلة لهذا الخُلُق (أي خُلُق المسالمة)، والتي تصير بعد التعديل خُلُقاً، هي الألفة أي الاستئناس. والظاهر أن الإنسان في حالته الطبعية، قبل أن يملك القدرة على التعقل، لا يستطيع أن يفهم معنى السلم ولا حقيقة الحرب، إلا أنه يتمتع عندئذ أيضاً بعادة الاستئناس والوفاق، وهذا هو المنبع لخلق المسالمة. على أية حال ينبغي إدراك أن الوليد كي يترقى إلى مستوى الإنسانية، عليه أن يتحلى بخُلق المسالمة، وهذا لن يتأتى إلا بعد أن يألف مَن حوله ويستأنس بهم. وخلال فترات الاستئناس الأولى، ومع ازدياد ما يشاهده الطفل من أشخاص وأشياء، يشرع في عملية التصنيف، حيث يصنف الأشخاص والأشياء من حوله، فيُدخِل كل ما يشاهده تحت تصنيف ما (أشخاص، حيوانات، نباتات، جمادات)،  وشيئاً فشيئاً تأخذ عملية التصنيف هذه في التفرع والتشعب، فالناس بدورهم عنده  يصنفون إلى (ذكور، إناث)، … إلخ، ومع كل عملية تشعب في التصنيف يُحدد الطفل مكانه من هذا التصنيف الذي صنعه بنفسه، وبالتدريج تتضح له هويته، فيبدأ في البحث الجاد عمن تشبه هويتهم هويته، ويلتمس الاندماج في مجموعات تشاركه اهتماماته، كتشجيع فريق معين لكرة القدم على سبيل المثال، ومن ثم يبادل مشجعي فريقه المشاعر الإيجابية، بينما لا يقابل مشجعي الفرق الأخرى بالمشاعر ذاتها، ناهيك عن مشاعر العداء والكراهية أحياناً. فالواضح إذن أن منشأ آفة العنصرية في واقع الأمر ليس سوى طبيعة فطرية أُسيء صقلها وتثقيفها ثم توجيهها خلال رحلة التشعيب المشار إليها آنفاً، وما ينطبق على هوية تشجيع فريق كرة القدم ينطبق بنفس التفاصيل على الهوية القومية، الدينية، والثقافية، إلى آخر قائمة الهويات المتوقعة.

– عنصرية القرن الحادي والعشرين: جميعنا عنصريون، ولكن بدرجات متفاوتة، وهذه حقيقة علينا مواجهتها بالإقرار بها أولاً، ثم التعامل معها بموضوعية ثانياً، فعلى الأقل لم يتخلص العالم نهائياً من الممارسات العنصرية القائمة على أساس اللون، وتكفي الأحداث الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية دليلاً قائماً على أن المجتمع الأمريكي الذي يدعي أنه الراعي الرسمي للعدالة في العالم لم يتخلص تماماً من هذا المرض، والذي بدت أعراضه مع مقتل المواطن من أصول إفريقية ” جورج فلويد “، وقبله المواطنة ” برونا تيلور “، وكلاهما لقي حتفه على يد عناصر الشرطة. وقد لفت الكثيرون الانتباه إلى إحصائيات مفزعة لحالات توثق انعدام المساواة، الذي تعيشه النساء الأمريكيات من أصول إفريقية. وبحسب مركز مكافحة الأمراض، فإن الأمريكيات من أصول إفريقية عرضة للموت أثناء الحمل، أكثر بثلاث مرات من الأمريكيات البيضاوات. كما أنهن يعانين ظلماً كبيراً في الأجور مقارنة بغيرهن، إذ تشير إحصاءات مركز التقدم الأمريكي إلى أن النساء الأمريكيات من أصول إفريقية يكسبن 61 سنتاً مقابل كل دولار كسبه رجل أبيض، خلال عام 2017.

خلاصة القول إن تعريف العرق هو محل خلاف. فمن جهة، يُعرف العنصر بالتشابهات البيولوجية، الفيسيولوجية، الوظائفية، الفيزيائية، السلوكية، اللونية، وتقارب العائلات والأصول اللغوية كذلك. وهنا يمكن أن يصنف البيض، السود، الآسيويين، البنيين، الصفر وغيرهم على أنهم عرق أو عنصر. ومن جهة أخرى، يرى منظرو دراسات العرقية والقومية من منظور سوسيولوجي – بنيوي، أن العنصر لا يتمثل في كيان حقيقي، بمعنى أنه ليس له وجود طبيعي، وإنما هو مُتخيل النشأة ومُكون اجتماعي، وهنا لا مجال للحديث عن الصفات البيولوجية، اللونية أو الشكلية. أو يمكننا القول ” بأنها كل الأفكار والمُعتقدات والقناعات والتصرفات التي ترفع من قيمة مجموعة معينة أو فئة معينة على حساب الفئات الأخرى، بناء على أمور مورّثة مرتبطة بقدرات الناس أو طباعهم أو عاداتهم، وتعتمد في بعض الأحيان على لون البشرة، أو الثقافة، أو مكان السكن، أو العادات، أو اللغة، أو المعتقدات. كما أنها يمكن أن تعطي الحق للفئة التي تم رفع شأنها بالتحكم بالفئات الأخرى في مصائرهم وكينونتهم وسلب حقوقهم وازدرائهم بدون حق أو سبب واضح. فالعِرقية (العنصرية) بذلك ” الاعتقاد ” تعتبر من أهم عوامل تأجيج مشاعر الكراهية تجاه الآخر على اعتبار أنها تؤمن بأن هناك فروقاً وعناصر موروثة بطبائع الناس أو قدراتهم وعزوها لانتمائهم لجماعة أو لعرق ما – بغض النظر عن كيفية تعريف مفهوم العرق – وبالتالي تبرير معاملة الأفراد المنتمين لهذه الجماعة بشكل مختلف اجتماعياً وقانونياً.

إن التصالح مع تاريخنا المتنوِّع والمشترك فيما يخص العرق والعنصرية هو نقطة انطلاقٍ جيدة لأولئك الذين يرغبون في نبذ فكرة العرق. وفي الواقع، ثمة أمور أكثر محل تفكير فيما يتعلق بقدرتنا الجمعية أو بعجزنا الجمعي عن مواجهة ماضينا العرقي بإنصاف، من مجرد تكرار أخطاء الماضي وجرائمه، لأنه يُمثل تاريخاً حياً. إن هذا الماضي يعيش معنا وبداخلنا، ويمنعنا من مواصلة حياتنا معاً كأنداد. في بعض الأحيان، تُعاود الأحداث التاريخية المرتبطة بالعرق والعنصرية الظهور على السطح، بالمعنى الحرفي للكلمة، لتعيد صياغة ماضينا وحاضرنا.

 وفيما يتعلق بالتاريخ الثقافي للسلالات يقول علماء الإنسان (الأنثروبولوجيا) إن جميع السلالات قادرة بشكلٍ متساوٍ على إنشاء الثقافات والحضارات. لكن التفوق الحضاري يرجع إلى عوامل بيئية تاريخية ثقافية بحتة ولا يدل على تفوق سلالي وراثي. فالثقافات الإنسانية أساساً وفي جوهرها واحدة، ولكن ثمة فوارق كبيرة بينها وهذا الفوارق ترجع إلى الوسط الفيزيقي الذي يعيشه فيه الإنسان، كما ترجع إلى عوامل بيئية ولا ترجع إلى استعدادات فطرية مبثوثة في السلالات وتميز سلالة عن الأخرى. وهذا يعني أن كل السلالات قادرة على تحقيق الحضارة ولكن الفوارق التي تظهر بين حضاراتها هي فوارق في عمليات النمو الثقافي الذي يرجع إلى عوامل بيئية وتاريخية ولا يرجع إلى عوامل فطرية وراثية.

لذا يجب علينا أن نتخلص من عنصريتنا تجاه بعضنا البعض على الرغم مما وصل إليه الإنسان في هذا العصر من معارف في شتى المجالات، وعلى الرغم من أن الإنسانية تعيش أزهى عصورها، لا سيما فيما يتعلق بقوانين حقوق الإنسان، يبقى أصل العنصرية متمثلاً في شعور العنصري بأنه الأفضل من غيره. ومن يدري! ربما تحمل الأيام القادمة ظروفاً تفهم الشعوب من خلالها أنها عاجزة عن العيش في عزلة عن غيرها، فمتى يحين ذلك اليوم؟! عسى أن يكون قريباً!

وفي الختام، نجد أن الإسلام بنى خُطته في القضاء على العنصرية من خلال التغيير الفكري والنفسي في نظرة الإنسان للإنسان، فلم يكتف الإسلام بالحديث عن المساواة بل وضع تشريعات تصون الكرامة الإنسانية وتحفظ حقوق الضعفاء، لكننا ونحن ندخل القرن الواحد والعشرون لم يسدل الستار بعد على رحلة معاناة واضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان حول العالم.

فالعنصري الذي ينادي بالعرقية هو الذي يفضل عنصره على غيره من عناصر البشر ويتعصب له، وأول من نادى بها هو إبليس عليه لعنة الله تعالى حيث قال: ]أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ[ (ص:76). وهي من آثار الجاهلية الأولى التي قضى عليها الإسلام وحذر من التفاخر بها والتعامل على أساسها. وعن الاختلاف الطبقي الذي نعيشه في مجتمعنا تحت مسميات عديدة: مدينتي وقبيلتي وعرقي ولغتيفهذه النظرة المريضة دمرت الكثير من المجتمعات وأدخلتها في نزاعات وصراعات أهلية أزهقت أرواح ملايين البشر، وأفشلت حالات التعايش والتسامح بين أبناء البشر، كما أنها أدت إلى التنافر والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد في بعض المناطق، وقد دعا الإسلام إلى لتجاوزها، وقال الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ[ (الحجرات:13).فالإسلام منهج إنساني لا مكان فيه لتعصب وعصبية ، فإنسانيته فوق كل الاعتبارات الطائفية والمذهبية والقبلية والقومية، وفي هذا الصدد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أذهب عنكم عُبِيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء…. أنتم بنو آدم وآدم من تراب…) رواه أبو داود وحسنه الألباني.

…………………………

مراجع المقال:

– هيلين توماس، جميلة أحمد: الأجساد الثقافية (النظرية والإثنوغرافيا)، ترجمة: أسامة الغزولي، المركز القومي للترجمة، القاهرة، العدد: 1595، ط1، 2010.

– فطوم بلقبي، باية سيفون: الإثنوغرافيا منهج حديث في الفضاء الاتصالي الجديد، مجلة الخلدونية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، الجزائر، المجلد: 13، العدد: 01، 2021.

–  حسن شحاته سعفان: علم الإنسان (الأنثروبولوجيا)، منشورات مكتبة العرفان، بيروت، ط1، بدون تاريخ.

– حسام الدين فياض: تمظهرات السلوك الإنساني في المجتمع المعاصر، سلسلة نحو علم اجتماع تنويري، الكتاب: السادس، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2024.

– لورا نادر: الثقافة والكرامة: حوار بين الشرق الأوسط والغرب، ترجمة: آيات عفيفي، مراجعة: إيمان عبد الغني نجم، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط1 العربية، 2015.

– سامح مصطفى: العنصرية مقابل تعارف الشعوب، مجلة التقوى النسخة الكترونية، المجلد:33، العدد: 6، تشرين الأول/ أكتوبر 2020.

– عزمي بشارة: ملاحظات في سياق انتفاضة “حياة السود مهمة”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، سلسلة مقالات، قطر، 18حزيران/ يونيو 2020.

– فريق التحرير في الموسوعة الرقمية العربية: الإثنوغرافيا، تاريخ الدخول إلى الوقع 23/06/2024. https://2u.pw/oVS9qToW

– آلان إتش جودمان ويولاندا تي موزِس وجوزيف إل جونز: الأعراق البشرية: هل نحن حقاً على هذا القدر من الاختلاف؟، ترجمة: شيماء طه الريدي وهبة عبد المولى أحمد، مراجعة: هبة عبد العزيز غانم، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة، ط1، 2019.

– حسام الدين فياض: الانثروبولوجيا الطبيعية والعِرق: “نحو فهم أعمق لحقيقة الأعراق البشريَّة” ج2، مجلة التنويري، عمان (الأردن)، 1 سبتمبر، 2023. https://altanweeri.net/10760/

– حافظ لصفر: أنثروبولوجيا الإعلام – نحو بناء وعي إعلامي، مركز الأمانة للأبحاث والدراسات العلمية، تاريخ الدخول إلى الموقع 23/06/2024. https://2u.pw/J8N1jK

– Charles Darwin: The Descent of Man, Chapter VII: On the Races of Man, Date of access to the site: 24/06/2024.

https://web.archive.org/web/20210628213940/https://en.wikisource.org/wiki/The_Descent_of_Man_(Darwin)/Chapter_VII

– Friedrich Teidemann: On the brain of the negro, compared with that of the European and the orang-outang, Royal Society, Volume 126, 31 December 1836. https://doi.org/10.1098/rstl.1836.0025

 

…………………

* الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة قسم علم الاجتماع كلية الآداب في جامعة ماردين- حلب سابقاً

 

مقالات من نفس القسم