فتحي مهذب
رفرفة الجناح الأبيض لصوتك المقوس
نقترب كثيرا من سمائك
من نظامك الفلكي الغامض
مجرة أحاسيسك الملغزة
كهوفك البدائية
أنا وظلي المتساقط كالبرج الهرم
ثمة سرد ناعم
يتدفق من عينيك الكستنائيتين
معبأ بجماليات اللامعنى
أنت شبه ميتة
غير أن وجهك مرصع بالياقوت والنوستالجيا
الكرسي المتحرك يتكلم أيضا
على إيقاع مفاصله
ينقر قلبي تينة علاقتنا الناضجة
أنت تتألمين
كما لو كنت رسولة في قرية مليئة بكفار قريش
كنت أطرد الجواسيس
من شرفة المساء
أهب هذا الزمن التراجيدي
المزيد من حقن المورفين
لئلا تسقطين في شرك المحو
وتمتلىء روحي المسحورة بالضوء
بالعظايا والسحليات
يطلع النهار من قبعتك الكنسية
والليل من أظافر الموتى
أو من برية متناقضاتي
ترشقين عينيك في ساعتي اليدوية
حيث يبدو الزمن مثل أرنب عجوز
مهدد بطلقة طائشة
الفراغ متجمد تحت كتفيك الغائمتين
الهواجس تتحرك مثل كلاب الصيد
قلنا بعد هذا القصف
سيهبط الملاك
يملأ بيتنا المتداعي
بالأزهار والمعجزات
سنرمي تابوت الحظ السيء لكلاب المجرة
نتحرر من أفاعي السحرة
سأسحب غيمة الوداع من عينيك
العالم جميل خارج البيت
القطارات ملآى بالقمح والنبيذ والسكارى
والنساء يطردن ذئاب الأسئلة الكبرى
بكعوب أحذيتهن
المجانين يقرعون النواقيس
في الحلبة
تحت رعاية الشمس
الصلوات تتطاير في الهواء
وعلى ثوب الراعي رائحة الكنيسة
الغفران بقدمين متوثبتين
القتلة في قاع البئر
إذن
هشمي كرسيك الأشيب
بضحكة مدوية
لنقفز من أكواريوم العذاب
إلى سحر الواقعي
المستقبل في انتظارك
بتاج من الذهب الخالص.
**
الأشجار أكثر نبلا من الانسان
الأشجار لا تذرف الدموع..
حين تحاورها الفؤوس بنبرة القتلة..
وترن أجراس البرقماتيزم
في دم الحطابين..
حين تتكسر ظلالها مثل زجاج الذكريات المريرة..
تواجه مصيرها بضحكة مجلجلة..
تعامل الريح بحكمة الفلاسفة..
الأشجار لم تك عدوانية بالمرة..
لم تهدم ضريح شاعر موهوب..
لم تطلق رصاصة واحدة
لقتل زهرة متظاهرة..
أو لقلق اختلسوا راتبه الشهري..
لم تنفق أموالا طائلة لارتكاب ابادة جماعية..
لا تملك طائرات تجسس..
أو أسلحة ثقيلة ..
لم تقتل عصفورا واحدا أو تطارد نسرا معارضا ..
لم ترم قذيفة باتجاه بستاني..
لم تشتم قانون الجاذبية..
أو تقذف العابرين بالحجارة..
مجهزة بشقق جميلة للطيور..
وفواكه طازجة جدا..
ملابس خضراء مطرزة بأصابع الله
تنادي الفراشات بأسمائها ..
لا تخفي نقودها في الينابيع..
وحدها الأشجار تعي لغة المطر..
وأغاني الرعد الهارب من جند المغول…
فعلا الله يحب الأشجار..
لذلك فهي معمرة جدا..
وسعيدة ومتفائلة حد البذخ..
متجذرة في رحم الأرض..
مشغولة بأوركسترا عصافيرها الصباحي..
لا تفكر في إيذاء الآخرين.
المجد للأشجار المليئة بايقاع الحكمة الأبدي .
***
الهجرة
كلما أممنا البحر
هاربين من جحيم البغايا والصيارفة..
من خدع المهرجين ورماد المعنى.
هاجمتنا قافلة الدموع والنوستالجيا.
رفقا يا عمنا إسرافيل
الريح
تضرب قاربنا بعصاها الغليظة
مثل خادمة مقوسة الظهر
تلسع جباهنا بنبرتها الرجيمة
خذها بعيدا في سيارتك الليموزين
لتذرنا نتطوح في عرض البحر
تربكنا نواقيس المياه
رقصة التابوت في الأفق
زعانف السمك مناديل عزاء.
يا عمنا إسرافيل
يا ملك الرياح البراقماتي
فقدنا مصابيحنا في قاع النص
ومن صلصال أيامنا اللزجة
صنعنا جرارا
ثم ملأناها بالعرق والدموع
وكلما مر ملاك من هنا
آملين حملها إلى الله
طاردته كلاب سلوقية.
الخفافيش وبومة الحظ العمياء.
السحرة بأسمال مرقعة
وعيون أفاعي المامبا.
إنتظرناك طويلا يا عمنا إسرافيل
لتحملنا في سيارتك الفاخرة
إلى الفردوس الموعود.
لا استوى المعنى على سوقه
ولا انكشفت مستدقات السجف.
***
يا لسخرية عالمنا الفاني.
يا لضجيج النوارس!
على الجسر
الريح تكاد تتكلم أيضا.
****
يا للريح!
تحرك الأغصان
ونهديك المتبرعمين.
****
يا للقيظ!
الشمس تحتكر جميع المقاعد
في الحديقة.
****
صراخ الخطاف;
قلبي مذعور جدا
مما يخبئه الغد.
****
ضربة شمس;
الفزاعة تتدلى
كما لو أنها مغمى عليها.
****
على الحائط المهترئ
وجه غوريلا
يحدق في اللاشيء.
****
رائحة الصنوبر;
الغابة تكبر
في أعماقي
****
على ضريح
دون شاهدة
حزمة أقحوانات.
****
على الحائط
ظل السحلية
أسرع من الضوء.
****
هدية للضفدع;
القبعة التي تحملها الريح
إلى البركة.
****
بعد موسم الحصاد;
من الوحدة
يكاد يشيب رأس الفزاعة.
****
مظاهرة;
رائحة سمك السردين
تتعالى أصوات القطط.
****
يا لمسكني الأبدي!
على قدم وساق
يجري ترميم ضريح الأم.
****
آناء المطر
عينا التمثال
مغرورقتان بالدموع.
****
المصابيح كابية
كومة أوراق
في شكل ضريح.
****
تملأ الفراغ
بصوتها الأجش
ذبابة المشرحة.
****
بعد قطع قدميه;
يصنع طائرة من ورق
الجندي المهزوم.
****
دم على اللحاف;
عن غير قصد
يدهس العجوز ذبابة.
****
إلى القمر
متجه سرب اللقالق
ليت لي جناحين.
****
يا لسخرية عالمنا الفاني!
ما أقصر الخيط الرابط
بين القماط والكفن.
****
طائر الغاق
كا لو أنه ينادي:
هناك تسونامي شمسي .
****
على علو منخفض;
الكراكي
كما لو أنها تتبع الجنازة.
****