الأحلام القديمة صالحة للمشاهدة على التليفزيون

الأحلام القديمة صالحة للمشاهدة على التليفزيون
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

إنجي إبراهيم


أتصفح حائط الفيس بوك في يوم عيد الحب، أراهم يعلنون عن إذاعة فيلمي المفضل على قناة
MBC2، أرتب ميعاد الغداء كي أنتهي من غسل الصحون قبل أن يبدأ الفيلم، أفشل وأقوم بتكديسهم في الحوض كي ألحق بمشاهدته في تمام السادسة.

ميج رايان تخبر توم هانكس أن الاتفاق الوحيد الصالح كي يتبادلوا الحديث هو التعتيم التام، لا تفاصيل عن حيواتهم الشخصية، أخبر زوجي أنني كنت أشاهد الفيلم مراراً صدفة على التليفزيون، ولكن عندما أحببته شاهدت الفيلم لأول مرة بترتيب مسبق.



أشاهد حلمي القديم على الشاشة، المكتبة الصغيرة ذات الأرفف الكثيرة، والكثير من الزبائن السعداء، حلمت دوماً بامتلاك مثل ذلك المكان الساحر، خططت لشكل الحوائط وتصميم المناضد وحتى المزيكا التي سوف تدور في خلفية المشهد، كان يبدو وقتها حلماً سهل التحقيق، مثل الكثير من الأحلام التي قمت بالتخلي عنها على مدار الثمانية وعشرون عاماً الفائتة.


كم حلماً اكتشفت انه غير صالح للاستهلاك الآدمي؟؟

حلم دراسة الطب الذي عرفت أنه غير واقعي مع أول درس كيمياء حضرته ولم أستطع أن أفهم حرفاً واحداً، أم حلم الحصول على ماجيستير العلاج الإكلينيكي في تخصص علم النفس في الجامعة؟؟ حلم السفر إلى أي بقعة أخرى في العالم غير تلك المقبرة الجماعية التي نعيش فيها، أم حلم الجيران الودودين؟؟ حتى حلم تصحيح إبصاري بالليزر الذي حققته، فشل فشلاً أسطورياً.

الأحلام القديمة التي لم تتحقق، وتعلمت أن أستبدلها بأحلام جديدة، كل تلك الخطط التي وضعتها على مدار الأعوام وفشلت، أفسحت مجالاً واسعاً لأحلام أخرى تحققت، وأخرى ستفشل لا محالة.

إكتشفت وأنا أشاهد الفيلم لأول مرة بعد الزواج، أنني حققت حلماً لم يكن أبداً بذلك الوضوح، حققت حلمي بأن أكون كاثلين كيلي، بطلة You’ve got mail، حتى لو لم أمتلك المكتبة/الحلم، أردت دوماً أن أعيش حياتها، وقد عشتها، وكان هذا حلماً تحقق.

كاثلين التي حلمت أن تحافظ على مكتبتها الصغيرة، التي تعرفت على جو فوكس عبر الإنترنت، والتي ترقد في سريرها الذي تغمره الشمس وهي مريضة، التي تقرأ الروايات بنهم، والتي تؤمن تماماً بقوة الكلمات، كاثلين التي تمنت من أعماق قلبها أن يكون الرجل الذي تحادثه على الإنترنت هو جو فوكس الذي تتبادل معه الكلام بحرية، والذي أهدته لها الأقدار كي لا تبكي فتاة المتجر.

لأول مرة يهديني الفيلم جرعة طيبة من نوع مختلف، تختلف تماماً عن كل أحلام الحب الرومانسي، والأحلام مستحيلة التحقيق، أهداني الفيلم يقيناً أنه لا حلم يذهب هباءاً، كل الأحلام تتحقق بشكل أو بآخر، نعم فشلت – أنا وكاثلين – في الكثير، ولكننا حققنا الأكثر.

لم أشاهد الفيلم بحسرة، شاهدته بالكثير من الرضا، كان الفيلم تلك المرة برهاناً على قدرتي المذهلة على استبدال الأحلام بأخرى، لم أقف يوماً أنظر لأحلامي التي لم تتحقق بحزن، نظرت لها دوماً وأنا أركض نحو حلم آخر، أرض أخرى، رضا آخر يمنحني سلاماً يعينني على مشاهدة فيلمي المفضل دون الكثير من الخذلان.

لم أخذل نفسي أبداً حتى وإن خذلتني أحلامي المستحيلة.

عشت حياة كاثلين كيلي، فشلت مثلها في امتلاك المكتبة، حتى وإذا اختلفت ظروف فشلنا، أنا وهي نمتلك بيتاً تدخله الشمس من كل النوافذ، أنا وهي عندما تحطم حلم المكتبة الصغيرة، مارسنا الكتابة كي تتحقق الأحلام.

أنا وهي صادفنا الشريك/الحلم عبر الإنترنت، أنا وكاثلين كيلي حصلنا على الحبيب الذي يمكننا أن نخبره أن “I wanted it to be you, I wanted it to be you so badly“.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 كاتبة مصرية

مقالات من نفس القسم