اسمي “ياسر شعبان”

ياسر شعبان
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

ياسر شعبان

هل اخترت القراءة والكتابة لأنني أميل إلى العزلة منذ طفولتي، واستغرقتني طويلا حكايات الجدات وأحلام اليقظة، أم اختارتني القراءة والكتابة لأصبح من الذين (أدركتهم حرفة الأدب) في تواطؤ قدري ليتحول مصيري من دراسة الطب، لأصبح طبيبا محققا حلمي وأنا صغير وحلم أهلي مع كل تفوق أحققه في مراحل دراستي، إلى عوالم القراءة والكتابة السحرية؟
مبكرًا انتبهت، أو للدقة انزلقت داخل لا وعيي، لفكرة أنني بطل في فيلم يبدأ بلحظة ميلادي وينتهي بلحظة وفاتي، فيلم لست مؤلفه أو مخرجه، لكنني البطل الذي يسعى للتمرد دائمًا على ما ظنه مصيره، مطاردة لا تنتهي لمصائر متقاطعة مع مصائر آخرين، عابر وعابرون، لكن دون صراع مع شيء أو أحد.
فقاعة وعي طفولي ما زلت أجد سكينتي داخلها ولا أفتقد شيئًا أو أحدًا..
دائم البحث عن التميز لكن دون مقارنة أو منافسة، وعن الانتصار دون صراع..
وبمرور السنوات، وكثير من القراءة ومحاولات الكتابة، بدأت تتبلور لدي مجموعة من الأفكار لتشكل صياغات أنضج لما شغلني طوال فترة مراهقتي وطفولتي، أفكار مثل:
– أنا كون مصغر microcosm..
– الفرق بين التفكير الخطي والتفكير الجانبي
– الصيرورة
– اللامنتمي
– قوقعة باشلار
– التغيير الكمي والنوعي
ولأنني مولود في العام 1969، مررت بمراحل المراهقة والشباب خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي (القرن العشرين)، عقدان شهدا خلخلة وسقوط الأفكار التي سيطرت على السياسة والاجتماع والثقافة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وبلغت ذروتها في ستينيات القرن العشرين (وربما في عقد الستينيات ظهر مصطلح الجيل لوصف حركات الشباب السياسية والفنية والثقافية..) عقدان من السيولة (سيولة الأفكار والمعتقدات والمبادئ) في غياب الحكايات الكبرى (حركات التحرير – الشيوعية- الاشتراكية- الرأسمالية..) لتظهر الحكايات الصغرى (أكوان صغرى) تبحث في خضم هذه السيولة عن شواطئ نجاة تصنعها أفكار ومعتقدات ومبادئ في طريقها للتبلور.. صراع هائل داخل الحكايات/الأكوان الصغرى بين أفكار في طريقها للتخلي عن هيمنتها وأفكار لا تسعى للهيمنة (كله ماشي.. الكيتش.. العادي واليومي والمعاش..)..
شباب جمعتهم الندوات الثقافية (ندوة الأستاذ محمد جبريل في جريدة المساء.. ندوة نصوص 90 في مقهى ريكس ثم في مقهى دار الكتاب المصري واللبناني.. تجمعات زهرة البستان وأتيليه القاهرة) ولم تجمعهم اللجان الثقافية بالأحزاب السياسية. ولغياب دور مؤسسات الدولة والأحزاب، ظهرت الحاجة للنشر الخاص لتظهر مجلات الأربعائيون والجراد وإيقاعات والكتابة الأخرى وتكوين، ودور نشر مثل شرقيات وميريت.. وجاء صدور جريدة أخبار الأدب ليمثل نقلة نوعية لتقديم إبداعات متنوعة من بينها إبداعات هؤلاء الشباب، وتقدم أخبار الأدب مسابقتين (شعر وقصة) للأجيال الشابة وتحتفي بهم وبإبداعهم، ولحسن حظي تم اختيار عمل لي في كل مسابقة ليكون ضمن الأعمال الفائزة، ولتظهر صورتي لأول مرة في الصحافة، وشرفت بالوجود ضمن أول تحقيق صحفي للتعريف بهؤلاء الشباب قدمه الصديق العزيز الأستاذ (ياسر عبد الحافظ). وتدريجيا بدأ المشهد يتبلور وتظهر أسماء ويبدأ الصخب لتقديم ما أطلق عليه النقاد جيل التسعينيات وتدشينه بوصفه الانفجار الكبير في مجال الكتابة والنقلة النوعية سواء فيما أطلقوا عليه قصيدة النثر أو فيما قدمته النصوص والروايات وصولًا لأزمة الروايات الثلاثة عام 2000 والتي مثلت ذروة الجدل حول كتابات التسعينيات.
اسمي (ياسر شعبان).. أنحاز للسلالة وليس القبيلة، فأنا من سلالة الكُتّاب ولا أنتمي لأي قبيلة أو جيتو.
لا أؤمن بالتصنيفات، أكتب ما أريد وقتما أريد بالطريقة التي أريد. فالكتابة سابقة على النقد وليست تابعة له.
اسمي (ياسر شعبان).. عابر سبيل، وتلويحة قد تكون تلويحة ترحيب أو وداع.

مقالات من نفس القسم