إنكار
جيورجيوس سفريس
ترجمة: نزار سرطاوي
على شاطئ البحر السريِّ
الأبيضِ كما الحمامة
عطشنا ساعة الظهيرة.
لكن المياه كانت مالحة.
على الرمال الذهبية
كتبنا اسمها
لكنّ نسيم البحر هبّ
وتلاشت الكتابة.
بأية روح، بأيّ قلب،
بأية رغبة وشغف
عشنا حياتنا: هفوة!
وهكذا قمنا بتغيير حياتنا.
-----------------------------
يعد الشاعر جيورجيوس سفريس الحاصل عل جائزة نوبل للآداب لعام 1963 واحداً من أكبر الشعراء اليونانيين في القرن العشرين. تعبر أعماله عن قوميته الإغريقية وتجاربه الحياتية. فبلده اليونان المطلة على البحر المتوسط هي وريثة الحضارة الإغريقية القديمة، لذا يصطبغ شعره بالتاريخ اليوناني وتمتزج فيه الحداثة مع الأسطورة الهوميروسية. كما أن الكثير من قصائد تصور مشاهد من منطقة البحر المتوسط. كذلك فإن خروج عائلته من مسقط رأسه في أزمير بعد الحرب اليونانية التركية في عشرينيات القرن الماضي،بالإضافة إلى عمله مع البعثات الدبلوماسية الذي تنقل فيه بين قارات العالم القديم الثلاث – كل ذلك جعله في الكثير من قصائده يعبّر عن الشعور بالغربة وبأنه يعيش في المنفى.
ولد سفريس في 13 آذار عام 1900 في بلدة أورلا، قرب سميرنا (حالياً أزمير في تركيا) إبّان الحكم العثماني. كان والده شاعراً ومترجماً وقد عمل محامياً ثم تحول لاحقاً إلى التدريس الجامعي. في عام 1914 انتقلت العائلة إلى العاصمة اليونانية أثينا، حيث أكمل سفريس دراسته الثانوية. وفي عام 1918 سافر إلى باريس والتحق بجامعة السوربون لدراسة القانون. ومكث في باريس حتى عام 1925. وأثناء تلك الفترة شنت تركيا حملة عسكرية على الأناضول وانتزعت سميرنا (أزمير) من اليونان. وقد أدى ذلك إلى فرار الكثير من اليونانيين ومن بينهم عائلة سفريس. وقد كان لتلك الأحداث أثرها الواضح في شعره.
إثر عودته من باريس عمل سفريس موظفاً لدى الوزارة الملكية اليونانية للشؤون الخارجية، وكانت تلك بداية لحقبة طويلة من العمل الدبلوماسي الناجح الذي استمر يزاوله حتى تقاعده في عام 1961. وقد أتاح له عمله مع البعثات الدبلوماسية التنقل بين عدد من دول العالم. فقد عمل في إنجلترا وألبانيا قبل الحرب العالمية الثانية. أما أثناء الحرب فقد لازم الحكومة المؤقتة في المنفى في كل من تكريت ومصر وجنوب أفريقيا وإيطاليا، ليعود إلى أثينا بعد أن تحررت عام 1944. بعد أنتهاء الحرب تابع عمله الدبلوماسي مع وزارة الشؤون الخارجية اليونانية، فعمل بين 1948 و 1953 في العاصمة التركية أنقرة والعاصمة البريطانية لندن، وعمل خلال السنوات الثلاث التي تلتها (1953 – 1956) ممثلاً لحكومته في لبنان وسوريا والأردن والعراق. أما السنوات الأخيرة من عمله الدبلوماسي، والتي استمرت حتى عام 1961 فقد كان خلالها سفيرا لبلاده في بريطانيا، وأحيل في ختامها إلى التقاعد.
حظي سفريس بالتكريم والعديد من الجوائز. فقد منحته جامعات أكسفورد وكامبرج وسالونيك وبرنستون شهادة الدكتوراه الفخرية خلال السنوات 1960 – 1965. كذلك تم اختياره عضواً أجنبياً في الأكاديمية الأميركية للآداب والعلوم وزميلاً فخرياً لجمعية اللغات الحديثة
صدرت للشاعر مجموعات شعرية متعددة منها الأستروفية(المقطوعة الشعرية، 1931)،الخزّان (1935)، كتاب التمارين (1940)، سجل ّالسفينة – 1 (1940)، سجل ّالسفينة –2 (1944)، طائر السِّمَّن (1957)، سجل ّالسفينة –3 (1955)، ثلاث قصائد سِّرية (1966)، كتاب التمارين –2 (1976). كما صدرت له كتب في الشعر والمقالة والسيرة الذاتية والترجمة.
في عام 1967 استولى الجيش اليونانيعلى السلطة في انقلاب عسكري، وتم أنشاء مجلس عسكري حكم اليونان حتى عام 1974. وعرفت الطغمة الحاكمة في تلك الفترة بنظام العقداء، حيث مارست السلطات القمعَ والاضطهاد والاعتقال والتعذيب. وقد عبّر سفريس عن موقفه المناهض للسلطة الحاكمة من خلال كلمة بثتها هيئة الإذاعة البريطانية في آذار / مارس عام 1969 وأرسِلت منها نسخة لكل صحيفة من صحف أثينا. وقد استنكر سفريس في كلمة ممارسات الطغمة العسكرية وطالب برحيلها. غير أنه توفي في 20 أيلول من عام 1971، دون أن يشهد نهايتها.