إتيكيت

موقع الكتابة الثقافي
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد صادق

علمونا صغارًا

أن الوقوف للمرأة من أساسيات الأدب

لكن لا تقف إلا لامرأة جميلة,

أنثى تستحق معاناة الاعتدال

حينها كان الوقت غير الوقت

والنساء يحترمن تلك الطقوس

بابتسامة خفيفة، وإيماءة: "أشكرك على ذوقك"

سألت حينها, لماذا لا تقف المرأة للرجل؟

ألأنها لم تعتد ذلك,

أو أنها بكل بساطة,

لا تستطيع.

 

وقتها، كانت واحدة فقط تستحق تلك الطقوس

تأتى من بعيد، وسراب خفيف يحفّ كل تفاصيلها

أنثى, من خامة أخرى, غير بقية الإناث

أنتفض حين أراها

أتمدّد بطول روحى

أفقد كل “كعمشات” جسدى

ألمح فوق رأسى لمعانًا طفيفًا

أنتصب كعسكرى مرور

وسط زحمة سير, واختناق مرورى

لكنها تنظر لى بكل ازدراء,

وتعطينى ظهرها, وسببًا آخر لأتسمّر على حالتى

لم أكن أعرف كيف أثير إعجابها/ دهشتها.

 

كنت صغيرًا, نزقًا, شبقًا، وفتيًّا

ولم أتردد لحظة فى استهلاك قوتى

للوقوف لكل أنثى تستحق،

فى ممارسة الإتيكيت بكل أشكاله.

 

بعد فترة نهشنى العطب

خارت قوتى,

واندفاع الدم فى شرايينى صار مؤلمًا حقًا

تناسيت التقاليد القديمة

فلم يعد أحد يحتفى بها

ولم أعد أستطيع احتمالها.

 

يدور الزمن بى

ولا أصبح سوى فرع يتيم

مبتور من جذع ميت

وأتحوّل إلى عينة

مسجونة فى برطمان لعين

مملوء بالفورمالين

على رف كئيب

وسط مئات البرطمانات

وبجانبى ورقة صغيرة مكتوب فيها

(الحالة 350, الطوال 15 سنتيميتر, ……….).

 

مرت الأنثى الخارقة –لم تتغير كثيرًا–

تتفقد محتويات البرطمانات الكئيبة

وتمهلَت أمام برطمانى قليلاً

لكنها

تسمّرت فى مكانها,

سقط ما كان فى يدها,

وتخشّبت ملامحها

حين رأتنى وللمرة الأخيرة

– وأنا غارق فى الفورمالين –

أمارس مجددًا

إتيكيت الوقوف

بحذافيره.

ــــــــــــــــــــ

*شاعر مصري

 

خاص الكتابة

  

مقالات من نفس القسم