سائد السويركي*
أَزعمُ ما أزعمُ، أنَّ الليلةَ قالَ الربُّ: سأُطلقُ كلَّ عصافيرِ الرغبةِ فيكَ، فكُنْ ومضةْ، ولتذهبْ هذي المرةَ للحُلمِ نقياً
أَزعُمُ أنَّ الوردةَ، يُمكِنُ للوردةِ أنْ تخلُقَ كوناً آخَر، أنْ تفتحَ أبواباً أُخرى للنصِ، لتعلمَ كيفَ تُشكِّلْ مِن نارِكَ نوَركَ، مِنْ وردِكَ عِطراً بَرياً
أَزعُمُ أنَّ الليلةَ لم تكُنْ الليلةْ، كانتْ جسداً يتوحدُ في جَسدٍ … لا تصلحُ هذي اللغةُ المأزومةُ للوصفْ
أزعمُ، أنَّ اللمسةَ كانتْ تُشبِهُ فكَّ رموزِ العشاقِ جَميعاً، أنَّ القبلةَ معجزةُ اللهِ ، وظلُّ الليلةِ كانَ مُضيئاً جِداً، أُبصِرُ ما أُبصِرُ، شيئاً بِي، أشياءً أُخرى لمْ يُغلِقها النصُ بِوجْهي
أنكشفُ الآنْ، ماذا عَنكِ؟ وماذا عَن ومضةِ رُوحكِ في الرَّغبةِ، يسقطُ هذا الشِعُر العربيْ، فالموسيقى في النصِّ رديئةْ، كيفَ سيحملُ نصُكَّ كلَّ أَغاني اللهِ المنثورةَ فِي الكَونِ، أُريدُكِ في رحلةِ كَشفِي عَنِّي، لأقولَ أُحبُّكِ أكثرْ مِن كُلِّ عَصافيِر الشعرْ
كانَ الظلُّ مُضيئاً جِداً، لمْ يقفِ الحارسُ بينَ النصِّ وبينِكْ، لمْ يضعِ الصخرةَ والسيفَ على كفِّ رموزِي المغلقةِ عليّ
سأقولُ لقهوةِ ظِلكِ حينَ امتزجَ الظِّلانِ، أُحبُكْ
أتشكَلُ فيكِ، لن أخسرَ شيئاً حينَ أقولُ أُحِبُكِ إِلا هذا التَهشيم، لنْ أخسرَ غيَر دموعٍ تُسرِجُ خيَل الليلْ، لنْ أخسرَ غيرَ الخَجلِ التيهِ الحجرِ الجاثمِ في رُوحي، الصحراءِ السيفِ القسوةِ، لن أخسرَ غيرَ رصيفٍ وَحقائبْ، سأقولُ أُحِبُكِ كي أُصبحَ طيراً يَغزِلُ من خيطِ الرغبةِ هذا العشْ، لنْ أَخسَرَ إِلا الحزنَ، الزاويةَ الموجوعةَ في النَّصِ الموجوعْ، لنْ أخسَر إلا خَوفي مِنْ شيءٍ يُدعى الغدْ، سأقولُ أُحِبُكِ، حينَ أَقولُ أُحِبُكِ، سَأَعرِفُ أَني لمْ أسقطْ بَعدْ في فخِ اليُتمْ
أتشكلُ فيكِ لأنامَ على خدِّ الدهشةِ كُلَّما غَفا نورسٌ على خدِّ موجةّْ، هكذا ألقتْ عصفورةٌ فُتاتِ الخُبزِ لتطلعَ شمسٌ مِن هذي العتمةِ، هكذا يُورِقُ الحُزنُ ليُنبِتَ عِناباً في حضرةِ عَينيها، ما هذا ؟؟ لا أعرفْ، شيءٌ يُشبِهُ ! ماذا يُشبِهْ ؟ شيءٌ يُشبِهُ نبضَ فراشاتٍ تغفو في النصِّ لتغزلَ نصاً مِن تُوتِ دَمِيْ
قالتْ سأنهضُ من الموتِ بعدَ ستينَ عاماً … ستراني أتنفسُ الترابَ قبلَ أنْ تُوغِلَ الحياةُ في أَشلائي، ستنظرُ كيفَ ستورِقُ نبتةٌ خرجتْ حيةً مِنَ الموتْ، مَعْ كلِّ خُطوةٍ سأعودُ جميلةً كما كُنتْ، ومع أَولِ عناقٍ ستعرِفُ كمْ كُنتُ أُحِبُكْ، هكذا كانتِ الرؤيةْ
ما الذي جَعلَ العدَو صَديقَاً، مَن ذَا الذي فَتَحَ التَابوتْ، وَلمَاذَا خَرجتْ من حُضنِ المَوتِ ضَاحِكَةً ، أُنثَى تَتَجَلى كَأجمَلِ وَردةٍ، وَلمَاذَا بَعدَ سِتينَ عَامَاً ؟ هَكَذَا فِي الرُؤيةِ تَمتَلِكُ قَلبَ فَراشَةٍ … دَمعَةَ تِمسَاحٍ أَحيَاناً … وَأَسئِلةً مِفتُوحةْ
ثَلاثُ خُطواتٍ فَقَطْ …حَتَى تَعرِفَ كَيفَ تَموتُ الحَياةُ، وَكَيفَ يَنهضُ المَوتُ عَلى قَدَمينْ، كَيفَ تُشرِقُ شَمسٌ مِنْ تِلكَ العَينَينْ؟
لِمَاذَا ثَلاثُ خُطواتٍ … فِيمَا المَوتُ قَريبٌ جِداً
الَوردَةُ لصُوفِيةُ وَحدَها مَن أَدرَكَتْ أَنَّ مُطلقَ مَوتٍ مُطلَقُ حَيَاةْ
لِذَا تَوقَفْ عَن لَومِ نَفسِكْ.*
………………………..
*شاعر فلسطيني