وليد علاء الدين
أيها الموت،
كن رشيقًا
ربما تكون رقصتَنا الوحيدة
ولم تمهلنا الحياةُ فرصة للرقص.
أيها الموت،
كن شفيفًا
ربما رأينا في ظلك
كلَّ ما لم تُرنا الحياةُ،
مرةً،
فتكون أنت الحياة،
لا عليك من اسمك
فكم من صخرة أرق من قلب.
أيها الموت
كن طيبًا، لا تتمهل،
كلُّ نظرة زائدةٌ
صَدْعٌ في القلب،
كل لمسةٍ، ثقبٌ لا يزول.
أيها الموت
لا تسمع لهم، قم بواجبك،
لا تكترث بنا،
نحن أبناؤك المنذورون لك -شئنا أم أبينا
فكن أبانا بحق،
حقّق أحلامَنا، وَعُد
ضُمَّنا بصدق كما ينبغي لأب.
أيها الموت
كن رشيقًا
فقد حرمَتنا الحياةُ من رقصة تليق،
فلا تبخل بها.
يا صديقي، أعرف أنك حزين
وربما اختمار الحزن في قلبك
أورثك الغضب
لكن، لا تنتظر منهم أن يحبوك
فبينك وبين هذا الكثير.
تعرف أننا بلا عقول،
مجرد آلات تجتر الصور والأفكار
أضاعنا أجدادُنا، ونحن أضعناهم
وبتنا بلا أب، ولا جد
نعيد اجترار الأفكار وندعيها،
نمعن في صنع نسل،
نبصق أفكارنا في نسغه،
نسقيها، نظللها، ننسقها، نضبط نموها، ونعبدها
ثم نقتل من أجلها،
نقتل ونقتل ونقتل
ونقتل ونقتل ونقتل ونقتل
ونقتل ونقتل ونقتل
وندعي أننا أنجزنا المهمة،
ثم نلعنك في كل لحظة
يا حاصد الأرواح، يا جالب الأحزان،
يا مفرق الجماعات، يا صانع الجثث،
يا مشتت الأحباب، يا مقطع نياط القلوب،
يا وحش،
يا مجرم،
يا سافك الدماء، يا ميتم الأطفال،
يا صانع الثكالى، والأيامى، واليتامى،
يا قاتل.
من قال إن الموت وحش له نابان يمتصان رحيقَ الحياة من أجسادنا،
وجناحان أسودان من رمادٍ يلتقطان النسغَ من رحم الحياة؟
من قال إن الموت وحش؟
من قال إن الموت جامع جثث، يهوى التجول في المقابر؟
من – في الأصل – قال
إن الموت قاتل؟
الموت لا يقتلنا،
الموت رحيم
يستقبل أرواحَنا بعد أن ضاقت بها الحياة.
يا صديقي،
كلنا نحمل ذنبك،
وأنت الوحيد الذي لا تعاقبنا بذنب،
أيها الموت العظيم
يا جامع الأرواح من فساد الأمكنة،
كما يجمع الأزهارَ طفلٌ عاشقٌ…
كيف احتملتَ كلَّ هذا القتل؟
……………………………………..
*قصيدة من ديوان يصدر قريباً بنفس الاسم، عن “بيت الحكمة”.