أنت المقيم، وأنا أجيء ساعةٌ وأروح

وحل الثوابت
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

فرانسوا باسيلي 

 وجهٌ يلوح 

خلف نخيل التجاعيد 

جسدٌ تجلي؟ أم الروح 

تسللت تقتفي دمي 

في كل أرضٍ خاضت بها قدمي 

وجهٌ يلوح 

ساهماً وغائما

ربما وجه أبي 

ربما وجه أمي 

وربما وجه وطنٍ ينوح 

وهو ينأي 

إلي أين يا وطن؟

أنت المقيم دائما

وأنا أجيء ساعةٌ 

وأروح.

 

ما الوطن 

سوي أسراب طيورٍ

تحمل السحب القديمة  

والبخور الصاعدة

من تسابيح المعابد قبل أن تغرق 

تلقي بها علي رأسي المعلق 

في نيويورك علي رؤوس الناطحات  

كمصلوبٍ مجفف الشفتين لا ينطق 

كتمثال حريةٍ 

بشعلةٍ مطفئةٍ وثوبٍ ممزق

وأعينٍ من زجاجٍ شاردة  

لا ترى الصرخات في وجوه القادمين 

الحاملين أساطيرهم كالأكفان 

تطاردهم من التاريخ أشباح الخيول 

والمغول

ومن قال ومن يقول 

ولا شاهد ولا شاهدة 

علي الدم المراق 

من جسدي الذي يظل غير قادرٍ 

علي الفراق 

وغير قادرٍ علي المثول

لا الجنة ولا الجحيم هنا 

ولا هناك 

كل البلاد ضدي 

أين أفر من أهلي

وبمن ألوذ أنا؟

 

 

أيهما له المجد المقدس والطبول 

أقدام الغزاة أم الطغاة؟

وأين نرفع الصلاة 

وبيوت الله في الشرق وفي الغرب 

مغارات لصوص 

ظلمٌ علي ظلمٍ 

وظلمةٌ من زقاق لزقاق  

ونصوصٌ تتلوي أعناقها علي نصوص 

باطل الأباطيل، ونار الأناجيل خامدة 

في الدهاليز وفي “وول ستريت” 

كل النهارات صكوكٌ وخسارات 

كل الليالي باردة 

وأنا في الطريق إلي الخلاص بلا خلاص 

أصلي إلي نفسي 

أصلي إلي روحي، إلي جسدي 

صاعدٌ وحدي إلي القصاص

علي جبال سيناء 

أو في وهاد القدس، أو دمشق، أو العراق 

وأفواجٌ من الأرواح هابطةٌ وصاعدة 

أحياءٌ بلا حياةٍ، وأمواتٌ بلا انعتاق 

نام الرفاق 

أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي 

ساعةً واحدة؟

 

وطنٌ نأي 

من أفقٍ إلي أفق 

من نفقٍ إلي نفق 

إلي أين يا وطن؟ 

أنت المقيم دائماً 

وأنا أجيء ساعةٌ 

وأفترق

والذي بيني وبينك 

ما زلتُ أحفظه 

كأنه عهدٌ مقدس 

بيني وبين الشمس 

كلما أتتني علي مراكب الشفق 

 

 

عهدٌ قديمٌ، وجديد 

وأنا بعيد 

في متاهات المنافي

طيرٌ وحيدٌ يحترق  

لا ظل لي 

إلا الذي فوق المقابر 

ينزلق

وأنا المهاجر 

ما الذي يبقي من الوطن القديم  

سوي الورد المسافر 

يطفو علي نهرٍ 

يفيض علي الضفاف 

والورد مذهولٌ بعشقه لم يفق 

فأقول يا شجر المحبة،

أيها الصفصاف 

لا تبكي كثيراً أو قليلاً 

حينما أرجع في ثوب الزفاف

محمولاً علي الأكتاف 

فلا أحضر عرس الشمس 

ولا أري في صفحة النهر المقدس

غير زهرة لوتس 

تنأي بعيداً 

عبثاً تناديها الضفاف.

 

مقالات من نفس القسم

خالد السنديوني
يتبعهم الغاوون
خالد السنديوني

Project