هدى عبد القادر
اعتدتُ أن ألعب كل الألعاب الممكنة عندما تغيب ..
أعُّد السيارات المارقة على الطريق البعيدة، وأقول: خمس سيارات حمراء ويذكرني حبيبي .. اذا حضرت السادسة زرقاء سيهاتفني حتماً!
عند تنقية الأرز أعد الدنيبة بترقب.. اذا زادت على سبعة سأجد منه ايميلاً طيباً يعتذر فيه عن نسيان موعدنا.. واذا وصل للتسعة ربما حتى يحضر لي مفاجأة ما ..
أما أوقات السير في الطريق للعمل فكانت مُكتظة بعّد الشجر، الأطفال، البنايات القديمة .. النوافذ المفتوحة، القطط، الكلاب … وفي مرة كنتُ أعد بلاعات الصرف الصحي! اذا زادت على عشرة فلن تعود مهما حدث!
أما مرات ارتداء ملابسي دون أن أفتح عينيَّ لتحديد اللون ومن ثم إطلاق نبوءة ما تخص مدى اتساع ابتسامتك ومدى دفء صوتك ومدى استجابة طيفك القريب فلا تُحصى!
كل مرة كانت نبوءاتي الساذجة تُمهد للصبر بشكلٍ ما ..
لتقبل الخذلان بشكل مُضحك!.. وكأنها تواسيني
لكن المرة الأخيرة التي مارست فيها العد والتنبؤ كانت قاضية . كنتُ أراهن على اعترافك لي أنك لن تنساني يوماً ووضعت شرطاً تافهاً كي تتخطاه، لكنك لم تفعل ..
فلقد حددتُ لك ثلاث مرات متتالية لتُهاتفني ولا أرد ..
لكنك لم تتصل إلا مرتين فقط
عندما حاولت مهاتفتك بعد وقت طويل، صك أذني الصوت الآلي: هذا الرقم الذي تحاول الاتصال به ربما يكون غير صحيح …
ولم أتوقف بعد.