أعظم 7 كُتّاب في تاريخ الأدب الأيرلندي

الأدب الأيرلندي
Share on facebook
فيسبوك
Share on twitter
تويتر
Share on whatsapp
واتس أب
Share on telegram
تيليجرام

رايفين فرجاني

على ضفتي الأطلسي تحدثنا سابقا عن الأدب الأمريكي والإنجليزي، نستأنف رحلتنا هذه بعد الاستقرار قليلا في المملكة البريطانية التي تشمل أيضا إلى جوار إنجلترا أيرلندا وأسكتلندا.

[1] جيمس جويس

موبي ديك ملحمة أمريكا، والفردوس المفقود ملحمة بريطانيا، وعوليس هي ملحمة أيرلندا،  الموصوفة بـ ملحمة القرن العشرين. وصاحب عوليس هو أديب صار باسمه الأدب بعده ليس هو الأدب قبله، فكل ما سبقه في الأدب تناوله في تحفته المخلدة عوليس. التي ورغم كونها مبنية على الملحمة الإغريقية الأوديسا، إلا أنها تناءت بأصالتها عن شبهة التقليد من أي عمل آخر. فوضع فيها تاريخ الأدب كله، بدئا من هوميروس مرورا بشكسبير وصولا حتى جويس نفسه.

هذا عن الموضوع، وأما عن الشكل فقد كان مبتكرا أيضا، اعتمد في صناعته جويس على المزج بين ثلاث وسائل أساسية

1-تيار الوعي

2-متاهة السرد

3-اللغة الإنجليزية

تيار الوعي هو أسلوب كتابي يعتمد على تجميد الزمن وإيقاف حركة الأحداث، لتجلي أفكار الشحصيات، كما في كتاب التجليات لجمال الغيطاني.

ومتاهة السرد حيث تدمير اللغة الإنجليزية، تفكيك السرد وإحلال نظم جديدة، والمسار لا يسير بشكل كلاسيكي من الخلف إلى الأمام، وهو الأب الروحي لكل النصوص التي تدعي هدمها لذاتها، أي أن النص يهدم النص.

أما عن اللغة الإنجليزية، وكونه أحد الأدباء اللذين اعتبروا مصممين للغة إلى جوار تولكين وشكسبير، فلا شاهد على ذلك أكثر من حجم المفردات التي أدخلها جيمس جويس إلى اللغة الإنجليزية التي كان كارها لها، مصرا على إتقانها، وتفكيك قواعدها. معتزا بأصله الأيرلندي وهو اللذي لا ينطبق عليه تساؤل آندي ميلر حول الكتاب الأيرلنديين، وعلى رأسهم صمويل بيكيت، اللذين قد لا تعتبر أعمالهم كتبا أيرلندية.

[2] برنارد شو

قد يكون برنارد شو أشهر من جيمس جويس، فهو معروف عند من له حظ قليل من الثقافة بينما قد لا يعرف الأخير سوى الثقاة من المثقفين.

جورج برنارد شو هو رأس ثلاثي المسرح الأيرلندي المكون من برنارد شو وصمويل بيكيت ويوجين أونيل، والأخير يحتسب على المسرح الأمريكي أيضا. (ثلاثي المسرح الأمريكي هم (يوجين أونيل – تينيسي وليامز – آرثر ميلر).

برنارد شو الذي عاش حياة كانت مسرحا كبيرا للكثير من الأحداث الصاخبة، مثلما قدم هو أهم قصصه لخشبة المسرح، وكان مفكرا ينظر إلى الدنيا والمجريات والشخصيات بحس عال من الفكاهة والسخرية والتهكم المشبع به أغلب أعماله. والكوميديا مثلما أثبت أرسطو وأرسطو فانيس (رائد المسرح اليوناني الكوميدي) منذ بواكر المسرح هي الوجه الآخر للعمل الدرامي لا يقل رقيا عن التراجيديا في تناول قضايا الواقع والمجتمع. بالتركيز على أحد الطرفين قبل أن تحطم الواقعية تلك المعادلة. برنارد شو وكومدياه اللاذعية يمكن مقارنته بعبقري المسرح الروسي تشيخوف. وهو -برنارد شو- الذي كان يكره مسرح شكسبير ويصفه بالممل، ربما تلك ليست إلا غيرة من المسرحي الكبير الذي يعرف جيدا أنه لا يوجد أي أديب آخر أعلى شأنا منه في المسرح الإنجليزي سوى شكسبير نفسه.

[3] صمويل بيكيت

القطب الثاني في المسرح الأيرلندي بالتوازي مع برنارد شو، وأحد رواد مسرح اللامعقول بالتوازي مع الروماني يوجين يونسكو. بل ويمكن القول أنه من خلال المسرحية قدم بيكيت واحدة من أقسى الأدبيات العبثية في التاريخ ليتجاور بكتاباته مع ألبير كامو (الرواية) وفرانتز كافكا (القصة القصيرة).

وروائعه الثلاث هي

1-نهاية اللعبة

2-في إنتظار جودو

3-مولوي – مالون يموت – اللامسمى

ربما أبرزهم في إنتظار جودو المسرحية التي تغلغلت في الثقافة الشعبية حتى صارت النموذج الأول لواحد من أبرز المواقف الإنسانية الذي يصف شخص ينتظر شخص لم يحضر بعد ولن يأتي قط. شخص آخر متأخر ولكنه يأبى أن يتحول إلى غائب. وهو أحد المواقف الأكثر تكرارا في حياتنا اليومية، يطفو على السطح في حدث شائع عندما تتصل بشخص تسأله عن سبب تأخره عن الموعد أو تسأله متى سيأتي؟ فتكون إجابته أنه الآن في الطريق إليك بينما لم يخرج من بيته بعد!.

[4] جوناثان سويفت

في كل الشعوب يترأس الفانتازيا الرمزية شخص ما، من العرب ابن طفيل، أو ربما هو نجيب محفوظ، ومن الإنجليز هيرمان ميلفيل، أو ربما جوناثان سويفت.

عمل واحد خلد إسمه في التاريخ، وهو رحلات جاليفر الذي يعده الكثير أعظم قصة ساخرة في الأدب الإنجليزي. وقد ذاع إسم العمل لدرجة أنه غطى على إسم صاحبه. واحدة من أبرز مغامرات البحر التي طمست أسماء كتابها؛مثل روبنسون كروز ودانييل ديفو، جزيرة البحر وروبرت لويس ستيفنسون، ورحلات السندباد الذي انطمس إسم صاحبه حتى صار مجهول مؤلفها بشكل رسمي عبر سجلات التاريخ.

ولكنها تختلف عن كل ما سبق، روبنسون كروز هي المقاومة للبقاء حيا، وجزيرة الكنز مغامرة وراء البحث عن الثروة، رحلات السندباد مغامرة من أجل المتعة وروعة السفر واستكشاف غرائبه. تلك الروعة التي يجسدها سويفت في عمله أيضا، بل كذلك تفعل كل مغامرات البحار، إلا أن مغامرته فلسفية، أقرب إلى المغامرة العلمية لجول فيرن (عشرين ألف فرسخ تحت الماء) يكتشف خلالها المغامر لومويل جاليفر الجوانب الخفية للنفس البشرية.

وخصائص النفس البشري تنعكس على المجتمع الإنساني وتحاكيها المخيلة العبقرية لجوناثان سويفت في صورة تحولات بصرية (الأقزام – العمالقة) على أجساد الأجناس الغريبة التي قابلها من البشر، أو أشباه البشر.

[5] أوسكار وايلد

صاحب واحدة من أعظم الشخصيات الرعبية في تاريخ المخيلة البشرية، وهي دوريان جراي الوارد ذكرها في روايته اليتيمة صورة دوريان جراي. قدم روايات أخرى، لكنها تصنف روايات قصيرة (نوفيلا) لصغر حجمها. وتحكي روايته تلك عن شخص تتجسد أخطاءه وعيوبه وقبحه وحتى موته، في لوحة تعكس صورته. صورته الحقيقية. تعد هذه الرواية نموذجا فريدا للانفصام، التحول، وحتى الشذوذ الجنسي الذي أدين به وحوكم لأن رفقة السوء غرروا به. وقد وجد -أو قد يجد- القضاة في نصوصه مادة دسمة تصلح أدلة ضده على المثلية والانحرافات الجنسية. صورة دوريان جراي، سالومي، وحتى الأمير السعيد. وحتى الآن يؤخذ أوسكار ويلد وميشيل فوكو كنماذج راقية للمثلية الجنسية في مفارقة مع ما بلغته الدناءة البشرية.

وهو لم يكتب في الرواية فقط، فتعددت دروبه ومسالكه في الأدب ما بين رواية

لا جدال أن الأديب التالي، يأتي تاليا على الخمسة الأوائل، ولكن قد يدور جدل طويل حول أي الأدباء الخمس أحق بأن يوصف بأنه أعظم من خط قلمه في الأدب الأيرلندي؛أوسكار وايلد،  جوناثان سويفت، صمويل بيكيت، برنارد شو، جيمس جويس. أو حتى الغائبين أمثال لورانس ستيرن، روبرت تريسيل، أو حتى رونان بينيت، يوجين أونيل، أو فورستر.

[6] سي. إس. لويس

إن تواجد سي. إس. لويس هنا هو عزاء لي لعدم حضور تولكين بين أعظم سبعة أدباء في الأدب الإنجليزي. إلا أنني قد تحيرت بينه وبين عملاق الفانتازيا الثالث في العصر الحديث جورج مارتن. أو ثالث أدباء أيرلندا في الفانتازيا لورد دانسني.

يثبت سي. إس. لويس أن الفانتازيا هي عبارة عن فضاء سردي يمكن تطويعه لإختبار ظروف ووقائع لا يمكن تجريبها على البشر في واقعنا. فقد قام بتقديم الواقع داخل إطار من الفانتازيا في محاكاة لقصة المسيح عيسى عليه السلام، عبر عمله الأشهر سجلات نارنيا. يحكي فيها عن تاريخ عالم مملكة نارنيا الذي ربما يكون محاكاة لجزء كبير من تاريخ البشرية.

1-الأسد والساحرة وخزانة الملابس

2-الأمير كاسبيان

3-رحلة بوابة الفجر

4-الكرسي الفضي

5-الحصان وصبيه

6-ابن أخت الساحر

7-المعركة الأخيرة

ونارنيا مملكة خيالية تتشابه كثيرا مع الأرض الوسطى خاصة وأن الكاتبين لويس وتولكين وضعا العديد من العناصر المسيحية هنا وهناك، وخرج العملان في فترة متقاربة ليست أقرب من علاقة الصداقة التي جمعت بين الأديبين الكبيرين. ولويس مثل تولكين مفكر أسس معه المجموعة الأدبية (الإنكلينجز).

بعكس تولكين، الذي خلق عوالم بأكملها منفصلة عن عالمنا، ينتمي لويس إلى المدرسة القديمة في بناء العوالم وربطها بعالم عبر معبر ما يختلف من عمل إلى آخر. مثل

1-الكوة أسفل الشجرة في أليس في بلاد العجائب

2-الباب في كورالاين

3-خزانة الملابس في نارنيا

وقد يجادل أحدهم حول كون لويس اختير هنا، إلا أنه وكما ذكرنا سابقا يعد أقوى عزاء لغياب تولكين عن قوائم سابقة، حتى لو يظر إلى لويس في بعض الأحيان باعتباره مجرد تكرار أو ظل لتولكين.

[7] برام ستوكر

مرة أخرى وقعت هنا في حيرتي بين ثلاث خيارات؛لورد دنساني وهنري جيمس وبرام ستوكر. قمت بتنحية لورد دنساني بسهولة وذلك لأنه لم يصل إلى ما بلغه برام ستوكر من شهرة، يكفي أنني كنت أعرف ذلك الأخير منذ طفولتي في فترة مبكرة من حياتي. أما عن هنري جيمس فقد أجلته مرة أخرى إلى قائمة للأدباء الأسكتلنديين؛وهو الإنجليزي ذو الأصول الأيرلندية والأسكتلندية.

كما أن برام ستوكر يأتي تكرارا لأدب الرعب بعد أوسكار وايلد، حتى فكرت أن استعيض عنه بالأديب الأيرلندي العظيم لورنس ستيرن لولا أنني لم أقرأ له بعد. لذا وقع اختياري هنا لبرام ستوكر متغافلا عن عظماء آخرين أيرلنديين. فهو يأتي هنا ممثلا لأدب الرعب بجدارة مؤسسا لإحدى أهم مدارسها، إن لم تكن الأهم على الإطلاق. أي المدرسة القوطية. وهي المدرسة التي تمزج بين الرومانسية والرعب، في عصف موجع ومفجع للقلوب. وقد خلد إسمه بخلود الشخصية الأشهر في تاريخ أدب الرعب، والتي طغت بشهرتها على اسم صاحبها؛دراكولا أمير الظلام وملك مصاصي الدماء. والتي حملت إسم روايته دراكولا وكانت البطل والشرير الرئيسي في هذا العمل الأدبي بالغ الشهرة والمتعة والرعب والتأثير.

لم يكتفي بذلك، بل كان مؤسسا لإثنتين أخريتين من أشهر شخصيات الرعب في التاريخ؛ المومياء والأنثى الوحش / الشيطان.

مقالات من نفس القسم