إبراهيم داود
1
قيل إنها مريضة
وإن أهلها انصرفوا عنها
الأسطورة تنبأت بهذا
ولكن المدينةَ تعافت
وأضاءت الشوارعَ من جديد
عاشقٌ غريب ظهر فى الناسْ
وبدأ يكنس الشوارعَ
ويسقى الزرعَ
قيل إنه مجنون
الأسطورةُ تنبأت بطوفانٍ من العشاق المجانين
احتلوا الأسطح والمداخلَ
وحرسوا الحدائق القليلةَ
وراحوا يغنون معا
لأطفالٍ لا وجود لهم..
الغناء كبر مع الوقت
وصار نحيبا
المدينة كشفت شَعرها
وجلست فى منتصف الطريق
الأسطورة تنبأت بموتها فى حادث سير
ولكنها عاشت
ومات عشاقُها
………..
2
الليل.. إلى وقتٍ قريبٍ
كان شاعرا
له رائحةٌ غامضةٌ
.. غامضةٌ
وطازجةٌ
… كانت تأخذنا الى “وَسط المدينةِ”
وَسطُ المدينةِ…
كان رساما وموسيقيا
وشاعرا
.. وتجرى من تحته الأنهار
تعامل مع حماقاتنا برفقٍ..
برفقٍ
لا يليقْ
حماقاتنا كانت ناصعةً
فى آخر المطاف
الليل.. ينام فى الخارج
ونحن ننهض كل صباحٍ
كل صباحٍ
نواجه أيامنا
إلى وقتٍ قريبٍ
كان الظلام واضحاً
………..
3
استيقظ الناس ذات صباح على رائحة جديدة
قيل لهم: المدينة أصبحت قديمة
وأن الطلاء الجديد ضروريٌ
.. لأننا فى انتظار زائرين
مياسر الناس خرجوا إلى المدن الجديدة
وأخذوا معهم الماءَ والشجرْ
وتركوا الآخرين يقاومون
ذهبوا إلى النهر
فلم يجدوا نهرا
الرائحة جلست
ولم يأت أحد
رائحة أخرى استقبلت الذين خرجوا
تعايشوا معها
بعد سنوات…
صار للرائحة صوت
ولَم يعد هناك من يصغى إلى أحد
ولم يعد للمدينة صوت
…………
4
جاءنى النيل فى المنام
وكنت جنودا تستعد
لفرض السلام
وكان الطغاة يزفون أمراضهم
للظلام
كنت أبنى بلادا على تلةٍ من حنينٍ
وأشرح للعابرين الكثار ِ..
الغرام
جاءنى النيل مرتبكا
عاجزا عن مجاراة مجراه
وكان الحنان رتيبا
رتيبا رتيبا
رتابة آخر العمر
كأننى جثة فى مقام
جاءنى بإيقاع غريبٍ
كأننى فى أول العمر
ألملم أعمدة الخوف
لأسند هذا الحطام
…………
5
الخطر لا ينتظره أحد
هو يأتى فقط
يظهر مع غُبارٍ ما
يظهر مخفورا بوجوهٍ
تطاردك طوال الليل
فى الكوابيس
فى اللحظة التى يختفى فيها
تضع كفك اليمنى على قلبك
وأنت تعبر الطريق
وتأخذ نفسا عميقا
نَفَساً واحدا
وتُكمِل مبتسما
ـ ابتسامةً فارغةً ـ
ما بدأتْ.