ويرنِّمُ بصوتٍ مجروح

ويرنِّمُ بصوتٍ مجروح
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

مؤمن سمير

يَسْحَقُ الزجاجَ تحتَ قدميهِ

جفوني تَدلَّت وأصبحتُ قبيحاً يومَ غابَ صاحبي الشرير. صدرُهُ كان يبرقُ فينفتحَ بابُ المَسَرَّاتِ وإن أشارَ بإصبعهِ تحجِلُ الذكرى وأنا ورائها نحو الضوءِ . حتى لو كان هو السارق ، الذي ربطَ في ذيلهِ عشرة أعوام مني وهو يهرب ، فأنا أصفحُ .. صاحبي العجوز الماكر ، الأطيب قليلاً من ركلةٍ مفاجئةٍ ، سَابَ عندي ظلهُ الحكيم وخنقَ الذئب الذي سَدَّ عليَّ الحلمَ وناوشَ العساكر لأعتادهم قبلَ القتلِ .... يُطلقُ ذراعي على أفكارِ العابراتِ ويقول انسها وسأحفظها ، حتى طارت قربَ حِجرهِ وباعها المجرم واعتذر في الصباحِ محدقاً بقوةٍ

حتى طأطأتُ رأسي ..

هو الذي حَصَّنَنِي ضد الحَيَّاتِ والجرذانِ ، كان يأكلهم بنظرةٍ واحدةٍ ويُخرج ناراً من عظمِهِ وأمطاراً من ثقبٍ في كفهِ ، كنتُ أخافُ لكنَّ قلبي يقولُ المتعةُ اقتربت والخمرُ تَعَتَّقَ في صندوقِ السفينةِ .. قلتُ ماتَ ، سخروا مني ، قلتُ الخيولُ تدوسُ عليهِ بعد أن حَبَسها في الصور ، قلتُ الشجرةُ ركضت وقَبَّلَت ظِلَّهُ بعد اللُّهاثِ الأخيرِ ..

.. قلتُ قلتُ سخروا مني ...

صاحبي هَجَرني ، وأنا لا أملِكُ إلا جفوناً تتهدَّلُ فيرفعها بضحكةٍ وبَصَّاتُها تهتزُّ ، فيرِّبتَ عليها ...،

برصَاصَةٍ .....

 

الأرواحُ لونُها حزينٌ .. وقديم

في بلدتِنا تَلٌّ ، يَقسمُهَا من محبتها إلى الأطرافِ ويسمونهُ ” الكوم ” . الولدُ يُفَجِّرهُ كل يومٍ ويَسُدُّ برمالهِ عيونَ الوحشِ المختبئِ في الشَهيقِ وتحتَ الوسادةِ .. الناسُ الذين زحفوا ببطءٍ وسكنوا فوقَهُ ، خافوا في البدايةِ من النجومِ .. التي لا تلقي كلامها عليهِ في الأعيادِ .. وبعد أن يناموا ، يُفضِّلُ المطرُ أن يُفْرِغَ ذاكرتَهُ في الممراتِ الوحيدةِ .. لكنهم أحبوهُ عندما أظهر لهم دفئَهُ في أحلامهم .. وبعدها أَعْلَمَهم بالخبيئةِ :

أغاني الرَحَّالةِ الذين ذرفوا دمعتين لأجلِ حبيباتهم المأسوراتِ والجوارحُ التي اختطفت الضحكَ الكاذبَ من فمِ الأميرةِ .. ذَهَبٌ على هيئةِ فلاحينَ في حدائقِ الفرعون .. تمائمُ وتماسيحُ .. قرابينُ وصمتٌ وحُفَرٌ ورقصاتٌ .. دبيبُ الولدِ الذي يصنعُ الطلقاتِ ويجري نحو أبعدِ بيتٍ في الناحيةِ ويقف فجأةً ، ويلهثُ ، ويَلِفُّ رأسَهُ ببطءٍ نحو النارِ التي تثيرُ الطبولَ وتفتح سماءً  في الليلِ …..

.. عندنا تَلٌ عجوز ،

كان يتمنى أن يكون مُصَوِّرَ أحزانٍ وينجبَ أولاداً وينطَّ على سجادةِ الهواءِ ..

يبيتُ في غَبَشِ الصبحِ ويرنِّمُ بصوتٍ مجروحٍ … 

.. في بلدتِنا شَبَحٌ

يُكوِّمون عندهُ الذكرياتِ

ولهذا يسمونَهُ ” الكوم ” …..

 

براءةُ الألَمِ

فَزَّ الزجاجُ إليَّ

من طاقة الطائرِ المرسومةِ

في عَيْنِ البنتِ ..

وتمشَّى فوقَ هالةِ العضوِ المُجَنَّحِ .

النافذةُ

عابثةٌ كشمسٍ في العَظْمِ

قويةٌ بينَ الحبوِ تحتي

والإبط .

على فخذٍ طيبٍ حقاً

الجبانُ يلهو

والزجاجُ قَسَّمَهُ ببلطةِ القَنَّاصِ

الغامضِ  ..

ثم في سكةِ الغدير على قَوْسْ ..

حضنُكَ تائهٌ في الدم

يوم انسلَّت الطَيِّعَةُ من رفقةِ الخديعةِ ..

هو الماءُ الساخنُ الذي ربَّتَ على الجَبَلِ

هو اللهُ صدقيني

من أحبَّنا وخَبَّانا في الخَرَابةِِ

ودَعَكَ اللمعةَ في فلقتها

وشافَ القبلةَ تصطادُني من الكهفِ مشطوراً ..

أشارَ على قمةِ الشَعْرِ من اليمين

والشارع الخاوي من القلبِ

كأن الرحمةَ إذا دخلت الأسهمُ فينا

تنفلتُ

أو كأن الكَفَّ المقطوعَةَ هناكَ .. وراءَ ثديها ..

.. كان فقط ، يُوائِمُ أشباحهُ

لرتقِ ألمٍ جَوَّالٍ وثائرٍ في أكياسهِ

أو لتكديرِ فَرْجٍ ينبضُ

من فرطِ البراءةِ ……..

…………. 

أحجارٌ تشبهنا

سَتَّفْتُ أحجاراً عريقةً

وضربتُ بقوةٍ واعتزاز .

كنتُ أودُّ تحطيم غرور الساقِ

التي مرَّ عليها أيامٌ

ولم تبكِ في حضني مثل إخوتها

فقلتُ ألصقها في ملامح الصخرةِ

ليظنَّ الأولادُ أنها نتوءٌ قبيحٌ

في ذكرياتٍ بيتٍ

يكتبونَ على شرفتهُ عباراتهم الملتبسة

ويسبُّونَ على أيامهِ الاحتلالَ والقَدَر ..

لكنَّ الخيانة هذه المرة

أن الساقَ قالت أتفتتُ

وأعودُ لجذوري ..

صارت مسحوقاً خبيثاً

يلتصقُ بالذراعِ

فتسقطَ ..

وبالأخرى وبالعيْنِ

والأنفِ والجذعِ ..

انهرتُ تماماً

وانفضَحَت الشقوقُ

التي كنتُ أُعِدُّها جيوبَ مقاومةٍ

إزاءَ زلزال الشارعِ المجاورِ ..

والناسُ ..؟

مرَّ الناسُ سريعاً

ولم يكلفوا عزمهم

عناءَ تجميعي في الجيوبِ

والأكياسِ ..

أو حتى ملاحظةِ ساقٍ وحيدةٍ

عندها بقايا كبرياء

ومرسومٌ عليها كل مشاويرِ الخيالِ

والحروبِ

وصالات الرقصِ

والأجنحةِ ..

.. وفردةِ عَيْنٍ

تظهرُ فيها قراصنةٌ ومخالِبُ

وتفردُ في الشمسِ عناقاً مفلوتأً

بدونِ أشباحٍ ولا عِواءٍ ..

.. مركونينَ على حجرٍ

يغني تحتهما

بصوتٍ مبحوحٍ ..

 

مقالات من نفس القسم

يتبعهم الغاوون
البهاء حسين

هاواي

يتبعهم الغاوون
موقع الكتابة

إلى أين؟!