نزرع ما لا يرضينا حصاده

نزرع ما لا يرضينا حصاده
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

 

أحمد محمد الفخراني

 

يجلس شخص ما أمام التليفزيون كل يوم، تجلس أجيال متعاقبة أمام التليفزيون، وتلاحظ التطور الهائل الذى يحققه الإنسان كل يوم فى صناعة الطائرات والصواريخ، من حجرة نومه يتابع هذا الشخص كل ليلة ابتكارًا جديدًا من أسلحة القتل، وعملية عسكرية هنا أو هناك يفنى فيها عددًا لا بأس من البشر، وينتظر هذا الشخص أن يخترع الإنسان أو يبتكر شيئًا يُطوّر به علاقته الإنسانية مع أخيه الإنسان، نعم، المشاعر ليست أسلحة أو خططًا يمكن تطويرها، لكن، هذا الشخص يتوقع أن المشاعر الإنسانية تطور نفسها، ويمكن إيجاد حلول ما لتكون أجمل وأقوى، وأن يبتكر الإنسان أشياء تدعم كل ما هو إنسانى، كما أنها فى النهاية قابلة للتخطيط والتطوير، لا أن نعمل على تدميرها، والتخلص منها، فمع كل سلاح، وكل معركة، وكل مجموعة تفنى من البشر، تتراجع المشاعر الإنسانية وتخبو، ويستمر الحال كما هو عليه، فنواصل صناعة الحروب، وتدمير الإنسانية والمشاعر الإنسانية.

 

هذا ما نفعله، نشكو ونعانى القتل والعنف الذى يجرى فى أىّ مكان في العالم، دون أن ننتبه إلى أننا لا نحصد إلا ما زرعناه، فهؤلاء من يسمون أنفسهم راشدين، عقلاء، فى أىّ مكان من العالم، وفى نفس الوقت يُعلّمون أولادهم العداوة، وكراهية الآخر، والخوف منه، ويغرسون فيهم أفكارًا سوداء ضد كل ما هو “غير”، حتى يصيرون متحفزين تمامًا للقتل، ثم يغرس هؤلاء من صاروا متحفزين للقتل نفس الأفكار السوداء فيمن بعدهم، وهكذا، لا تنتهى الدائرة، تلك التى نتخبط داخلها، ونحصد منها ما زرعناه فيها.

أهذا ما نريده؟

القتل، الحرب، العداء، الكراهية؟

بالتأكيد ليس هذا ما نريده، لكن هذا ما نفعله، فارق كبير بين ما نريده وما نفعله.

طبيعتنا الإنسانية الصرفة ترغب فى المحبة والسلام، وإعلاء قيم الجمال والخير، نحن كبشر نأمل فى ذلك، نأمل، ونظل نأمل فى الجمال والخير، لكننا نظل نفعل ما يفجر بيننا الحرب، ويشعل العداء والكراهية.

هلاّ توقفنا، لنفعل ما نرغب فيه بالفعل، وما تطمح إليه طبيعتنا الإنسانية الصرفة.

هلاّ توقفنا عن الحرب والكره؟

العلاقات الإنسانية أبسط وأعمق وأجمل ما لدينا، فقط لنمنحها الفرصة، لنمنح إنسانيتنا الفرصة، هى تستحق ذلك، ونحن البشر أيضًا نستحق.

*كاتب مصري

مقالات من نفس القسم