(جعلت في القلب مكانه بس.. بس لو يكفيه)
قبل سفري بثلاثة أيام.. كنت في غرفتي أحاول البدء في حزم الحقائب، أم كلثوم تغني في الخلفية “حبيبي يسعد أوقاته” وعندما وصلت ل ( جعلت في القلب مكانه بس.. بس لو يكفيه) انخرطت في نوبة بكاء! كانت أكثر فكرة مسيطرة على ذهني طوال الأسابيع السابقة لسفري هي تغيير عنوان سكني، سأستبدله بمكان أخر أجهله، مؤقتا بالطبع ككل شيء! حالا، أدركت بعدًا أعمق لتغيير العنوان، ف” شارع الشيخ محمد رفعت” هو المكان الوحيد الذي قد يعود إليه الغائب -إن عاد- والآن لم يعد هناك من ينتظر!
لقد حزمت كل شيء؛ ملابسي، أدوات الطهي التي اشترتها لي أمي، صناديق ممتلئة بهدايا وألعاب.. وبعض الكتب ووحدات الإضاءة.. مفارش، بطاطين.. وحقيبة ظهر ممتلئة بصور يعود تاريخها لأكثر من خمسة وثلاثين عام وخطابات تبادلها أبي وأمي!
وحدها الكتب مازالت في المكتبة، ربما في زيارة ما أتمكن من جمع الكتب في صناديق أيضا..
ولكن إلى أين سأشحن كل هذا؟! لأ أعلم بعد.
مكتب التأمينات الاجتماعية فرع وسط البلد!
في محاولة لاستكمال أوراقي، ذهبت صباحا لمكتب السوشيال سكيوريتي في 77 ويست جاكسون بوليفارد.. بعد توهة قصيرة وصلت.. لم ينبهني أحد قبلها للاجراءات الأمنية! لكن كل شيء مر بسلام.. يبدو المكان كمكتب السجل المدني الذي نعهده، اختلافات طفيفة، تخص عدد المترددين على المكان، وكراسي الانتظار.. ورجال الأمن المسلحين بالطبع!!
في الطريق من وإلى هناك كنت وحدي بين ناطحات سحاب وسط المدينة، في الزيارة الأولى لوسط البلد كنت مع رضوى نشاهد كل هذا وننشغل في لحظات كثيرة في الحوار!
هذه المرة كنت وحدي..
أقف بين كثيرين أنتظر أشارة المرور لعبور الشارع، مجرد فرد في كتلة بشرية سيالة لا يجمعها أكثر من الصفات البشرية وظرف الزمان والمكان.. ولكني لم أشعر بأي غربة!
اليوم تذكرت نصف ساعة في سبتمبر 2014، كان ثاني أيام العيد تقريبا، وكنت مع صديقتين في زيارة لسيدي أحمد ابن عطاء الله السكندري.. عدنا سويا حتى ميدان نهضة مصر، ثم ودعتهم.. ولأن الشارع كان مغلق بالمتاريس والأسلاك الشائكة حينها؛ أضطررت للسير حتى ميدان الجيزة عبر شارع مراد وسط جمع كبير من الأسر التي كانت في زيارة لحديقة الحيوان كأحد مظاهر الاحتفال بالعيد! أتذكر قدر الغربة الذي غمرني وقتها ولازمني لفترة طويلة جدا تجاوزت السنة!
في الحقيقة لا أجد مبرر حقيقي لتوحش الغربة حينها وغيابها اليوم!
إلكترودايناميكس!
أحلى محاضرة إلكترودايناميكس حضرتها خلال سنوات، كنت محتارة قليلا بين طلب إعفائي من المقرر لمعرفتي الجيدة بالمادة العلمية، وتسجيله لشغفي بالطرق المختلفة لتقديم المفاهيم الفيزيائية، اخترت تسجيل المقرر في النهاية .. والأن يملأني الحماس لحل المسائل.. والمناقشات اثناء المحاضرة 🙂 عندي الكثير جدا من الحكي بخصوص المقررات ومبني المعامل الهندسية والعلمية الذي يقع فيه “مكتبي”.. المبني الضخم جدا الذي أتوه فيه يوميا مرات متعددة في المحاولة للوصول للسلالم، او مكتبي.. أو غرفة محاضرات!
لكنني الآن مرهقة بشدة..
وللحديث بقية،،
مودتي وحبي،
رضوى داود