لا أعتقد أننى فى حاجة إلى تقديم جديد لهذا الكتاب، وهو الجزء الثانى فى مشروعنا الذى بدأناه منذ سنوات بعيدة فى التأريخ للثقافة المصرية، ورغم أن عددا من الكتب قد صدرت لنا من قبل فى هذا الشأن، إلا أن الصديق القاص والمثقف دكتورعاطف عبيد، هو الذى وضع عنوان هذه السلسلة التى تحمل عنوانا طموحا، أرجو أن يفى بما يحمله من وعود ومن محتوى، ألا وهو “الثقافة المصرية..سيرة أخرى”
فى العام الماضى صدر الجزء الأول، وهاهو الجزء الثانى، وهذا الجزء يطرح بعضًا من القضايا والشخصيات التى لم نتناولها فى الجزء السابق، ويعرف الباحثون فى مجال التأريخ الفكرى أو الثقافى أو الأدبى أو السياسى بشكل عام، أن ثمة مآزق حادة لا بد أن تواجه الباحث، مثل التكرار الذى يفرض نفسه بين حين وآخر على المادة المدروسة، وهنا سيجد القارئ الكريم أننا اضطررنا إلى تكرار أحداث معينة فى سياقات مختلفة، حيث أن تفادي ذكر تلك الأحداث فى واقعة خاصة، من الممكن أن يفقد الواقعة مغزاها الخاص الذى أردنا إطهاره، وهناك وقائع وأحداث لعبت دورا محوريا فى تطور الثقافة فى مصر، منها صدور مجلة جاليرى 68 على سبيل المثالـ ولأن كثيرا من الكتّاب الذين تناولناهم هنا بالمناقشة، لهم تقاطعات خاصة مع المجلة، من ثم وجدت أننى لا أستطيع الفكاك من طرح تلك التقاطعات الخاصة لكل كاتب مع تلك المجلة|الجماعة، وبالطبع هناك أحداث ووقائع كثيرة بعينها تم ذكرها، ولكنها جاءت فى سياقات مختلفة، ورغم ذلك، فليغفر لى القارئ الكريم ذلك التكرار الاضطرارى، وأرجو ألا يكون مملا
ما عدا ذلك، فالكتاب يتناول شخصيات، كان ومازال لها حضور نوعى فى الثقافة والإبداع والفكر المصرى، وساهموا بقدر كبير فى إثراء المشهد الثرى للثقافة المصرية، وأزعم أننى بذلت مجهودا كبيرا فى تقديم قراءة خاصة بى، أتمنى أن تلقى قبولا كريما، فمن الشخصيات التى حضرت فى مجال السرد:
يحيي حقى، ويوسف ادريس، ونجيب محفوظ، ومحمد متولى، ومحمد جاد، سلوى بكر، ومجيد طوبيا، وبهاء طاهر، وصنع الله ابراهيم، ومحمد حافظ رجب، ويحيي الطاهر عبد الله، وجميل عطية ابراهيم، وأمينة السعيد، ومحمد تيمور وغيرهم،
وحضر من الشعراء: صلاح جاهين، وبيرم التونسى، نجيب شهاب الدين، وحسن عقل، ومحمود نسيم،
ومن المفكرين الذين لعبت جهودهم وكتاباتهم دورا ثريا فى التطور الفكرى والثقافى: أحمد بهاء الدين، وعبد العظيم أنيس، وفرج فودة، ورباب كمال، وراوية عبد العظيم وأحمد رجب وغيرهم،
كما تناولنا بعض القضايا التى رأينا أنها تحتاج إلى بعض من القراءة والتأمل، مثل:
الجوائز بين القيمة الأدبية والتسليع التجارى، والمسافة الشائكة بين المبدع والناقد، وفلسطين والفلسطينيون فى القصة المصرية من الذى يدافع عن الثقافة مصر؟ ومتى وكيف؟
أرجو أن أكون وفقت فى ذلك المسعى، وأرجو أن يجد القارئ الكريم في الكتاب ما يفيده ويمتعه فى الوقت نفسه.