صدر أخيراً عن مسعى للنشر والتوزيع في البحرين كتاب “مريم: سيرة الخضاب والنسوة اللواتي ضاعت أسماؤهن”، للكاتب البحريني حسين المحروس، وفيه يواصل اشتغاله على فن السيرة، حيث يسرد هذه المرة سيرة جدته “الحناية” أو “الخضابة” وعلاقتها بمن حولها من النساء والرجال.
وبلغته الأنيقة وانتباهاته الذكية، يُدخلنا الكاتب في أجواء عالم نسوي شديد الخصوصية، يصف من خلاله منطقة “النعيم” البحرينية بدقة متناهية، ليس عبر المباني أو الأماكن فحسب، بل يتعمق أبعد باتجاه ناس تلك البلدة، ففي الكتاب المقسم على هيئة فصول يسرد في كل واحد منها حكاية من حكايات علاقة “مريم” بغيرها من النسوة، وحكايا تلك النسوة عنها؛ يقرأ المحروس شخصية المرأة في البحرين في تلك الفترات “الثلاثينات وما بعدها” ليُظهر التباينات فيما بينهن.
كتاب “مريم” بقطعه الصغير، هو كتاب يشتعل بمتعة السرد، وبمتعة العيش مع شخوص تلك المرحلة من خلال ملاحقة أدق تفاصيل حياتهم، فالمحروس المهتم بفن السيرة، والكاتب الروائي، يمزج هنا الفنين بتناغم شديد ومدهش.
ومن أجواء الكتاب: “لجدتي مريم ولنساء حيها عمل في الوقت، لا مساحيق لتجميل الوجه، لا مراهم، لا كريم أساس، لا روج، ليس سوى الكحل والديرم، وليس في الحيّ درّامة، وكلاهما: الكحل والديرم أدوية أولاً، وربما للزينة. لا عطراً نفاذاً غير زيوت عطرية لا تتجاوز أنواعها اثنين. لا تخرج المرأة في عطر، ولا تحوم في الحيّ فتلحق بها النساء نعت “حوام”. وقد يتهامسن حولها: “طيارة لن تعود حتى يطير العطر منها”.
وللمحروس روايتين هما “قندة” 2006م، و”حوّام” 2008م، إضافة لمجموعة من كتب السيرة، ومجموعة قصصية واحدة هي “ضريح الماء” 2001م.