في “مدينة الألعاب” للكاتب الطاهر شرقاوي، حكاية عن الدخول إلى الحلم والخروج منه: “أدركت سما أنها لا تعرف كيفية الاستيقاظ من النوم، كل ما تعرفه أنها تنام بسرعة، ثم تحلم، ثم تسمع لعبتها (القرد) وهو يدق على طبلته، لتجد نفسها تفتح عينيها، حينها ترى نور الشمس ينير حجرتها، بينما عصافير تزقزق في الخارج، الأمر يتم ببساطة وسهولة، كل ما تعرفه الآن أنها تعيش في حلم، الأصح أنها تائهة في حلمها، ولا تعرف وسيلة للخروج”.
الأمر يتم ببساطة، لكن هذه المرة لم يكن حلم سما بسيطًا داخل مدينة الألعاب، التي تعودت أن تحلم بها. فكانت تحلم سما مؤخرًا بمدينة مدهشة للألعاب، لكن المدينة مليئة بالمغامرات، ويمكن أن تأخذها المغامرات ولا تعرف كيف تصحو من النوم مرة أخرى. حكاية جميلة يقدمها لنا الطاهر شرقاوي عن الأحلام، وقوة الأحلام وقدرتها على تغيير حياتنا. مجموعة صور نراها تتحرك ونحن نائمون، لكنها مليئة بالرسائل، أحد تلك الرسائل تغير حياة سما، وتجعلها تتحول في حياتها الحقيقية إلى بنت أخرى تحس بالمسؤولية.
“تغيرت سما قليلاً، يبدو وكأن حلمها الأخير جعلها تفكر في أشياء كثيرة، وأخذت تنظر إلى العالم بشكل مختلف، ربما كان هذا التغيير في حياتها هو السبب في أن الجيران كانوا يفتحون النوافذ لخيوط الشمس الذهبية، غير قلقين من حدوث كوارث كانوا يتوقعونها سابقًا”.
تساعد الأحلام سما على اكتشاف قدرات جديدة عندها، فبسبب الأحلام تجرب أن تحكي، وتجرب أن تكون أميرة، وتجرب أن تسأل نفسها عمن حولها هل هم أشخاص حقيقيون أم هم أفراد داخل اللعبة وبالتالي عليها أن تدخل معهم لعبًا جديدة لتعرف أشياءً جديدة عن نفسها.
بدأت حكاية “مدينة الألعاب” بداية عادية، فلم نتوقع أن تتحول هذه الحكاية العادية إلى حكاية مدهشة وسحرية كما حدث، فمن قصة البنت التي فرحت بحصولها على أجازة نصل إلى حكاية الأحلام المدهشة.
ويضم الكتاب حكاية داخل حكاية، فهناك القصة الأصلية عن سما وأحلامها، وقصة أخرى عن الصيف والشتاء والخلاف بين الفصلين الذي أفسد الأرض. وكانت القصة الخارجية جميلة، والقصة الداخلية مستقلة تمامًا وجميلة أيضًا، فكانت كأنها حكايتان في كتاب.
تأثرت الحكاية ببعض الأساطير القديمة، فنحس مثلاً روح قصة الأميرة النائمة والأقزام السبعة من خلال فكرة مقابلة سما للأقزام، ثم وقوعها على الأرض مغشيًا عليها. ويصنع الطاهر شرقاوي أساطيره أيضًا فيكتب أسطورته عن الصراع بين فصل الصيف والشتاء، ومجيء فصل الربيع والخريف لفض هذا الصراع بينهما.
جاءت مدينة الألعاب إلى سما في الحلم ولم تعد تأتي، ربما كانت المدينة قد أنهت لعبتها مع سما وأطمأنت إلى أن سما تلعب هي الأخرى ألعابها الآن وهي مستيقظة.
رسمت غلاف الكتاب للفنانة آية عبد الرحيم وهو غلاف قيم هادئ، والجميل فيه أنه غير مزدحم، نجد فقط في سماء مدينة الألعاب الهدهد، وهو العنصر الذي يحمل سر مدينة الألعاب.
عن الكتاب
اسم الكتاب: مدينة الألعاب
اسم المؤلف: الطاهر شرقاوي
رسوم: آية عبد الرحيم
سنة النشر: 2016