محمد عبد النبي: الترجمة تشبه أحياناً التبرع بدم الكتابة للغرباء من أجل كسب الرزق

محمد عبد النبي: الترجمة تشبه أحياناً التبرع بدم الكتابة للغرباء من أجل كسب الرزق
فيسبوك
تويتر
واتس أب
تيليجرام

محمد عبد النبي: روائي ومترجم مصري، حائز على جائزة ساويرس الثقافية للرواية في دورتها التاسعة، وهو مؤسس ورشة «الحكاية وما فيها» المهتمَّة بتطوير مهارات الكتابة الأدبية. وُلِدَ « محمد عبد النبي محمد جمعة» في محافظة الدقهلية سنة ١٩٧٧م، وتعلَّم تعليمًا أزهريًّا، حتى تخرَّج في جامعة الأزهر، كلية اللغات والترجمة، قسم اللغة الإنجليزية. وبعد تخرُّجه اتَّجَهَ للعمل بالترجمة بدوام كامل، ثم بشكلٍ حرٍّ فيما بعدُ؛ في محاولة لتكريس مزيد من الوقت للكتابة. بدأت ممارسة محمد عبد النبي للكتابة الأدبية في منتصف التسعينيات، ووجَّه طاقته نحو كتابة القصة القصيرة تحديدًا؛ لتثمر الثمرةَ الأولى: «في الوصل والاحتراق»؛ المجموعة التي فازت بالجائزة الأولى في المسابقة الكبرى للأدباء الشبان التي عقدها صندوق التنمية الثقافية بمصر عام ١٩٩٩م. في العام التالي، صدرت له رواية صغيرة بعنوان: «أطياف حبيسة»، تَلَتْهَا في ٢٠٠٣م المجموعة القصصية «وردة للخونة» التي يَعُدُّها بدايته الحقيقية، أتبعها بالمتتالية القصصية «بعد أن يخرج الأمير للصيد» في ٢٠٠٨م، و«شبح أنطون تشيخوف» في ٢٠٠٩م. 

محمد عبد النبي: روائي ومترجم مصري، حائز على جائزة ساويرس الثقافية للرواية في دورتها التاسعة، وهو مؤسس ورشة «الحكاية وما فيها» المهتمَّة بتطوير مهارات الكتابة الأدبية. وُلِدَ « محمد عبد النبي محمد جمعة» في محافظة الدقهلية سنة ١٩٧٧م، وتعلَّم تعليمًا أزهريًّا، حتى تخرَّج في جامعة الأزهر، كلية اللغات والترجمة، قسم اللغة الإنجليزية. وبعد تخرُّجه اتَّجَهَ للعمل بالترجمة بدوام كامل، ثم بشكلٍ حرٍّ فيما بعدُ؛ في محاولة لتكريس مزيد من الوقت للكتابة. بدأت ممارسة محمد عبد النبي للكتابة الأدبية في منتصف التسعينيات، ووجَّه طاقته نحو كتابة القصة القصيرة تحديدًا؛ لتثمر الثمرةَ الأولى: «في الوصل والاحتراق»؛ المجموعة التي فازت بالجائزة الأولى في المسابقة الكبرى للأدباء الشبان التي عقدها صندوق التنمية الثقافية بمصر عام ١٩٩٩م. في العام التالي، صدرت له رواية صغيرة بعنوان: «أطياف حبيسة»، تَلَتْهَا في ٢٠٠٣م المجموعة القصصية «وردة للخونة» التي يَعُدُّها بدايته الحقيقية، أتبعها بالمتتالية القصصية «بعد أن يخرج الأمير للصيد» في ٢٠٠٨م، و«شبح أنطون تشيخوف» في ٢٠٠٩م. 

شارك عبد النبي في العديد من الورش المسرحية، ويتَّسع مشروعه الأدبي ليشمل الإبداع الجماعي والتفاعلي، وفي سبيل ذلك يقدِّم عددًا من الورش الإبداعية، أبرزها ورشة «الحكاية وما فيها» وفيها يمارس مجموعة من الشباب والمبتدئين تمارينَ مبتكرة لتناقُل خبرات الكتابة القصصية ومراكمتها عمليًّا. أمَّا أعماله المترجمة، فمن أبرزها: رواية «ظلال شجرة الرمان» لطارقي علي البريطاني من أصل باكستاني، ورواية «اختفاء» لهشام مطر البريطاني من أصل ليبي، والرواية المصوَّرة «فلسطين» للكاتب والرسام جو ساكو. وله إصدارات أخرى مُعَدَّة عن نصوص سابقة، منها: «٣٠ حكاية لا تنسى: من قصص الأطفال العالمية»، فضلًا عن متابعته النشر الورقي والإلكتروني، في عديد من الصحف والدوريات، مثل: «أخبار الأدب»، و«الثقافة الجديدة»، و«البديل»، و«موقع الكتابة»، وله حاليًّا مقال أسبوعي يُنشر كل يوم أربعاء في «مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة» يقدِّم فيه سلسلة متميِّزة من الأفكار والتمارين.

وصلت روايته «رجوع الشيخ» إلى القائمة الطويلة للبوكر العربية عام 2014، وحصلت على جائزة ساويرس الثقافية كأفضل رواية لكاتب شاب، وقد رأت لجنة الجائزة أنها «عمل روائي متميز يكشف عن خبرة صاحبه العميقة بعوالم السرد، وتمكنه الجلي من تقنياته.» وفازت مجموعته القصصية «كما يفعل السيل بقرية نائمة» في ٢٠١٤م بجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب 2015 عن أفضل مجموعة قصصية.  واليوم تحاوره القاهرة بمناسبة هذا الفوز في محاولة للتعرف على ما يؤرقه وما المشاريع الإبداعية التي يعمل عليها في الوقت الحالي.

الحوار

– انت مترجم وكاتب له أعمال قصصية وروائية، فهل لترجماتك أثر على ما تكتبه سواء من ناحية اللغة أو الأفكار أو التقنية؟

بالطبع هناك تأثيرات – أي كاتب يعمل في مهنة ما تترك أثرها على حياته وكتابته، فما بالك والمهنة وثيقة الصلة باللغة مثل الترجمة. أما عن حجم وطبيعة التأثير فلا أستطيع تحديده بالضبط. ولكن الجميل إنه أحيانا ما تدخل بحكم كونك مترجم إلى مطبخ الكاتب لكي تنقل عمله للعربية. وعندما يكون الكاتب الذي تترجمه “شاطر”. تجد ذلك يعود بالفائدة عليكِ وعلى كتابتك. ولكن أحيانا ما أشعر أن الترجمة تشبه التبرع بدم الكتابة للغرباء من أجل كسب الرزق. كما أنني أعترف بأن خبرتي في الترجمة ليست طويلة، فقد سبق مشواري في الكتابة ما قطعته في طريق الترجمة. ولكن تستطيع اعتبار الترجمة مثل القراءة، ولكن أعمق وأكثر هدوءا، فبالتالي تأثيرها تأثير القراءة تقريبا.

– ولكن ما قصدك بأن الترجمة تشبه التبرع بدم الكتابة للغرباء؟

أقصد أن طاقة التي من المفترض أن توجه للكتابة تذهب في ساعات ترجمة الأدب.

– ما الذي تجده في مجموعتك القصصية “كما يذهب السيل بقرية نائمة” مختلف عن أعمالك السابقة؟

هذا سؤال صعب. وأفترض أن إجابته سوف تكون عند القراء والنقاد. أما أنا، فطموحي أن كل قصة أكتبها تكون ذات طابع مختلف. كما أن أغلب القصص بها درجة من الشطح الخيالي مع ارتكان هش على الواقع بقوانينه المعروفة.

– يقول الكاتب الياباني هاروكي موراكامي أن كتابة القصة لعبة، ربما هي تمارين ذهنية نمارسها بين كتابة الروايات، ما رأيك في هذا الرأي وإلى أيهما تميل أكثر: كتابة القصة أم الرواية؟

أميل لكتابة السرد بصرف النظر كونه قصة أو رواية. لا أستطيع القول إن كتابة القصة مجرد تمرين ذهني إنما إحساسي أن مساحة القصة الصغيرة مغرية أكثر ومحفزة على التجريب واللعب. بالطب يمكن أن يكون هناك تجريب في الرواية، لكن غالبا ما يجب أن يكون بها حكاية واضحة المعالم إلى حد ما.

– عملك الجديد رواية بعنوان “بيت العنكبوت”، هل هناك أرق ما ترى إنك تناولته أو بلورته فيها! تساؤلات بشكل أو آخر حتمت عليك أن تكتب هذا العمل؟

الرواية معتمدة على قضية عرفت إعلاميا باسم الكوين بوت – تم القبض فيها على مجموعة كبيرة من الرجال بتهمة المثلية الجنسية – التحدي الذي كان أمامي يتمركز في تقديم قصص حب مثلية دون ابتذال ولا أدري إن كنت نجحت في ذلك أم لا.

–  هناك رأي لـ د. جلال امين عن أن الثقافة الرفيعة بطبعها انتقائية، فما رأيك في هذه النظرة وهل ترى أنه بذلك يرفع جزء من مسؤولية المثقف ناحية المجتمع؟

مسألة مسئولية المثقف تجاه المجتمع غير مريحة وتعطي إحساس بأنه مدرس في المرحلة الابتدائية أمام تلاميذ. ناهيك عن ارتباك مفهوم المثقف أساسا. المبدع مسئوليته يصنع أشياء جميلة، مسئوليته تجاه نفسه أولا. الرواية مثلا كانت ابنة البرجوازية (طبقة صغار التجار) فهل هذا معناه أنها ليست فن رفيع؟ حتى الدراما التليفزيونية ممكن أن تكون فن رفيع المعيار. حجم الجمهور ليس معيار بالمرة. كما أن مفهوم النخبة أيضا غير مريح بالنسبة لي. يبدو تصوّره طبقي للغاية.

– بحكم قراءاتك بالإنجليزية كيف ترى المشهد الثقافي العربي بالمقارنة مع المشهد في الغرب، وهل جودة الأعمال تقترب بين المشهدين أم هناك فجوة ما؟

حتى ولو كنت أقرأ 24 ساعة في اليوم فلا أستطيع أن أصدر حكما بهذه السهولة. المسائل نسبية تماما. لكن المؤكد بالنسبة لي، إن الناشرين في الغرب لديهم معايير عالية وواضحة تماما. في العالم العربي، أي شخص ممكن أن يكتب أي شيء ويمكنه أن يجد جهة أو ناشر يتحمس له لكن هناك – على ما أظن – النشر وخصوصا لكاتب جديد ليس سهلا بالمرة كما أن عملية إنتاج الكتاب تمر بمراحل كثيرة من التحرير والتدقيق كثيرا ما يتم إهمالها في العالم العربي. حتى كبار الروائيين الغربيين يتعاونون مع محرر لهم بصفة مستمرة – فكثيرا ما أقرأ رواية عربية بها مادة خام جيدة لكنها كانت بحاجة لتدخل محرر يضبط هندستها أو يشد اوتارها.

– من ناحية كونك مترجما، هل ترى أن هناك مؤسسة عربية ما لديها خطة استراتيجية في اختيارات الأعمال التي تترجمها، وما السبب في ضعف حركة الترجمة من العربية إلى لغات الاخرى، وهل هو سبب تسويقي بحت أم أن هناك أسباب مختلفة؟

المؤسسات العربية التي تعمل بالترجمة كثيرة ومهمة – سواء التابعة لجهات حكومية أو خاصة – أمّا مسألة الاستراتيجية دي فلا أستطيع القول فيها. أظن إن حركة الترجمة من العربية الآن أفضل من السابق كثيرا.

– ما أسباب تحسنها في رأيك؟

أشياء كثيرة، مجهود جامعات مثل الجامعة الأمريكية، مسابقات مثل مسابقة نجيب محفوظ والبوكر – وفوز محفوظ نفسه بنوبل من الثمانينات، واهتمام الغرب بالجزء الذي نعيش فيه من العالم لأسباب اقتصادية وسياسية، أعني أن هناك الكثير من الأسباب.

– طقوس الكتابة، هل لديك طقوس معينة أثناء ممارستك لفعل الكتابة، أوقات محددة من اليوم، طعام أو شراب ما، مكان تفضل أن تكتب فيه وما إلى ذلك؟

ليس هناك طقوس. الكتابة هي الطقس. قبل سنوات كنت أكتب ليلا ومع الوقت صرت أفضل الكتابة نهارا، وهذا هو الطقس الوحيد لكن هذا لا يمنع من ممارسة الكتابة ليلا إذا اقتضى الأمر.

– عندما تعمل على مشروع ما هل تقرر أن تكتب يوميا أم كيف تسير الأمور؟

الأفضل (الوضع المثالي) هو الكتابة يوميا – لكن يظل ذلك بعيدا عن المنال لأسباب عديدة منها ظروف العمل أو غيره. أي أن القرار شيء والممارسة ذاتها شيء آخر.

– هل هناك مشروع أدبي ما تعمل عليه أم إنك تنشغل بكل عمل بشكل منفرد دون ضرورة وجود وحدة أو اتساق مع باقي أعمالك من الناحية الثيمة مثلا؟

كل نص هو مشروع (ولو إن كلمة مشروع غير مريحة لإن بها معنى استثماري وتجاري) – كل نص (قصة أو رواية أو غيره) مختلفة. لا أتمنى أبدا يكون لدي نصين متشابهين في اللغة أو الأسلوب أو العالم أو غيره. ليس فقط خشية التكرار والتكلس، بل أيضا حبا في المغامرة وتجريب مناطق مختلفة في الكتابة – لو لم نقم بذلك سنمِلّ. وأظن أننا لا نكتب من أجل أن نشعر بالضجر أو نتسبب فيه للقاريء – هناك كتّاب يكفي أن تقرأ لهم عملين أو ثلاثة لتعرف عالمهم وأسلوبهم – لا أتمنى أن أكون واحد منهم. وهناك كتّاب لا تستطيع أن تتوقع كتابه القادم وهذا هو طموحي المنشود

*نشر في “القاهرة”

مقالات من نفس القسم