حاوره ـ وائل السيد
يرى الكاتب المصري محمد المخزنجي أنه “لا داعىَ للطم الخدود بسبب تولي وزير إخواني حقيبة الثقافة”، مضيفاً: “لأن ذلك يحدث في كل القطاعات والمؤسسات، ولهذا ينبغي أن نتعامل مع الوضع. جوهر مأساتنا خلل ثقافي، وعلينا أن نقاوم”.
صاحب “وقائع غرق جزيرة الحوت” قال: “المثقفون مضطرون للقيام بدور سياسي إذا نجح مخطط تسييد طيف معين، وعليهم إعلان موقف، لا أن ينتظروا الحصول على جدوى”، متسائلاً بسخرية: “من نُحدث؟! نحن نتحدث مع سلطات معادية للثقافة!”، مؤكداً أن “العمل سيكون خارج أطر المؤسسات الرسمية”، وتابع: “وزارة الثقافة في معظمها تحوّلت إلى وزارة موظفين يعملون في الثقافة، مع أن تلك الثقافة عمل مبدعين، والمبدعون كانوا طوال الوقت خارج حظيرة النظام، وينتجون فنونهم، ولهذا من المهمّ أن يستمروا في القبض على جمر الإبداع الثقافي”.
كثير من أصوات المثقفين تعالت -خلال الفترة الأخيرة- مطالبة بإلغاء الوزارة لأنها عديمة الجدوى، بحسب أرائهم، ولكن المخزنجي له رأي آخر: “لست متفائلاً لا بالثقافة ولا غيرها، ولا تعنيني أن تُلغي الوزارة أو لا، لأنها ستظل بمواصفات المؤسسات المصرية التي يتم تفريغ محتواها في اتجاه يخدم الطيف المعادي للثقافة”. وهو يرى أن هناك قطاعاتٍ ستعاني بسبب أخونة الوزارة: “هذه القطاعات هي الموسيقى والمسرح والسينما، لأنها تمثل عملاً ضخماً يحتاج إلي استثمارات ومشاركين كُثر في العملية الإنتاجية”، ويستدرك: “ولكنّ الشعوب –طبعاً- ستجد منافذ للتعبير عن أشواقها الثقافية”.
الكاتب المولود في مدينة المنصورة عام 1949 والحاصل على جائزة “ساويرس” لكبار كتّاب القصة القصيرة عام 2005 قال: “لم تكن لي علاقة بوزارة الثقافة في يوم من الأيام، حيث لم أشارك في أي ندوة لها، ولم أحصل على جائزة منها، وأنا أفخر بأنني لم أتورط في أي من هذه الأمور، ولكنّ أداءها لم يكن كله ظلاماً، فقد بنت ورمّمت كماً من الصروح الثقافية، مثل بيوت وقصور الثقافة، لكنها ظلّت خاوية، واقتصر نشاط الوزارة عموماً على إقامة ضوضاء في العاصمة، وذلك سبب تغلغل الاتجاهات الدينية المتطرفة، سواء في التأويل الديني المتطرف أو المغلوط، لتملأ ذلك الفراغ الذي كان ينبغي أن تملؤه الثقافة، أو الثقافة الدينية الوسطية المعتدلة. الوزارة -في العهد السابق- لم تكن تهتم بذلك ولهذا أنا أحمّلها انتشار وتغلغل الاتجاهات الدينية التي تتبني وتطرح تأويلاً متطرفاً”.
يطرح صاحب “رشق السكين” رؤيته لإصلاح الوزارة بشكل عام، إذ لا تسير الأوضاع بشكل جيد حالياً خصوصاً بعد قدوم الوزير الجديد. يعلّق: ” نحن نتحدث في المطلق بكل تأكيد”، ويضيف: “كان عندي اعتراض على مسألة اضطلاع الوزارة بالنشر، وأنت تعرف كمّ الفساد في مطبوعات مكتبة الأسرة، والعشوائية والفوضى والمجاملات التى ارتبطت بالمشروع. مسألة النشر بالتحديد ينبغي أن تُراجع، وأتصور أن مهمة الوزارة الأساسية التنسيق والاهتمام بالمشروعات ذات الطبيعة الوطنية، كالمتاحف والمسارح ودعم السينما والمشروعات الموسيقية، أما النشر فينبغي أن يكون برمته خارج إطار الدولة، على أن تتبناه دور نشر خاصة بكفاءة ودرجة من الحيدة، وأتصور أن تهتم الوزارة بوصول الثقافة إلي القرى والنجوع، من خلال المكتبات والمسارح المتنقلة، حتى لا تترك الفراغ أمام الاتجاهات المعادية للقوة الناعمة، وعلى الدولة أن تهتم بإنجاز موسوعة وطنية بأسعار زهيدة بدلاً من كل ذلك الهرج”.
وأنهى قائلاً: “لا يمكن أن نتحدث عن الثقافة في ظل حكم معادٍ لها. ستظل مسؤولية المثقفين خارج إطار الدولة إذا ظلّت على ما هي عليه. الإنسان عدوُّ ما يجهله، والنظام الحاكم لا يعرف الثقافة بمعناها الإنساني الرحب، وفي ظل هذا لا أتوقع أن تكون هناك رؤية، أو اهتمام بالثقافة”.