يعمل الكاتب المصري محمد الفخراني على رواية جديدة، ولا يفضل صاحب “فاصل للدهشة” الحديث حول عمل قيد الكتابة، إذ اكتفى بتعليق مقتضب: “أتمنى أن أنتهي منها قبل يونيو (حزيران) القادم، أفكر أنه عندما يكتب كاتب ما رواية رائعة، فهذا أيضاً غير كاف، هناك ما هو أكثر”. وكان لـ24 هذا الحوار مع الكاتب محمد الفخراني:
– ما قراءاتك الحالية؟ وهل تعتبر أن القراءة سابقة على الكتابة بالنسبة لك؟ بمعنى آخر هل القراءة أكثر أهمية من الكتابة؟
منذ أكثر من عامين، فكرت أنه صار من الصعب العثور على رواية تعجبني، لكني أعرف في الوقت نفسه أن ثمة رواية جيدة تنتظر أن أعثر عليها، ثم منذ ما يقرب من عام، أعجبتني فكرة اكتشافي، سأعتبره اكتشافاً، للأدب الياباني، أقصد أسماء غير معروفة، وروايات غير شهيرة، كنت أبحث في هذه المساحة، أحياناً كان يعجبني عنوان، أو جملة أقرأها مصادفة من رواية، أو مقطع الغلاف الخلفي، هناك حالة خاصة أحببتها في هذا الأدب بشكل عام، هي فكرة تقدير الحياة واحترامها، كل رواية أعثر عليها مصادفة أعتبرها حادثاً سعيداً.
بالنسبة لي أعتبر الكتابة سابقة على القراءة، بمعني أنها أكثر أهمية، لكني في الوقت نفسه -بالطبع- لا يمكنني الاستغناء عن القراءة، أقصد القراءة عموماً، وليس الأدب فقط، الغريب، أن الكتابة في رأيي تحقق للكاتب شيئاً بعيداً تماماً عما تحققه له القراءة، وحاجته لإحداهما تختلف عن حاجته للأخرى، حتى وإن كان الأمر ظاهرياً لا يوحي بذلك.
– أنت أحد القلائل الذين لا يمتلكون حساباً على فيس بوك، وبعيد عن الوسط الثقافي، فهل تميل إلى العزلة عموماً ولماذا؟
لا أحسب نفسي ميالاً للعزلة، الأمر أني لا أحب للعالم الخارجي أن يقتحم دائرتي، أسمح له بالمرور أو أمنعه، وهذا صعب بطبيعة الحال، هناك تفاصيل كثيرة لا تريدها، ولا تحب أن تكون موجوداً فيها، أو أن تتسرب لحياتك، الأمر ببساطة هو اختيارك أن تفعل كل شيء بطريقتك، وأن تحقق هذا الاختيار، الأهم أني أستطيع أن أقضي وقتاً جيداً معي.
– كثير من الكتاب يشكون من أن الواقع السياسي أثر عليهم بعد الثورتين، فهل هذا حدث معك؟
بالطبع، أحياناً أستيقظ على خبر سيء، فيتغير مزاجي طوال اليوم، أو ليومين، لا أستطيع أن ألغي هذا أو أتجاهله وأقول ليس مهماً، سأكتب رغم أي شيء، هناك مواقف مرت بها البلد خلال الفترة السابقة، لا يمكنك خلالها أن تفعل شيئاً غير أن تتابع، وتشارك أحياناً، على الأقل تكون مهتماً، عندما يحدث ذلك أنا لا أندم على الوقت الذي يضيع، لأني لا أنظر للأمر على أنه مجرد واقع سياسي، وإنما حياة ومرحلة حاسمة في تاريخ البلد.
– فزت بجائزة يوسف إدريس، فهل تعنيك فكرة الجوائز عموماً؟ أو ما الذي تمثله لك الجوائز؟
الجوائز حادث سعيد في حياة الكاتب، تقدير معنوي، وأحياناً دعم مادي يسمح لك، بأن تعطي مساحة أكبر من وقتك وتفكيرك للكتابة، لا يمكنك إلا أن تكون راضياً عندما تحصل على جائزة، لكن على الكاتب أن ينتبه ويتجاوز الحدث بسرعة.
-أخيراً، لديك مجموعات “بنت ليل، قبل أن يعرف البحر اسمه، قصص تلعب مع العالم، طرق سرية للجموح”، ورواية “فاصل للدهشة”، هل تعتبر أنك أقرب إلى القصة حتى بحكم عدد المجموعات التي أصدرتها مقارنة بالرواية؟
يمكن لكاتب ما أن يدرك أو يخمّن، إن كان أقرب للرواية أو القصة عندما يفكر في ذلك وهو خارج لحظة الكتابة، وأنا لا أحب أن أفكر بطريقة “القصة أم الرواية”، أرتاح لفكرة أني أحبهما بالدرجة نفسها، أقصد لحظة الإبداع، عندما أكون داخل قصة أو رواية فلا أشعر بنشوة أقل أو أكثر من الأخرى، لحظة الإبداع والفرح بهما لدي متساوية، أفكر أن كاتباً ما، عندما يقول إنه يحب، أو إنه أقرب إلى واحدة منهما دون الأخرى، فإن هذه الأخرى، لن تمنحه نفسها مرة أخرى بالإخلاص والجمال نفسه، في الحقيقة أنا متأكد منذ ذلك، أو ربما لم تمنحه نفسها، وتكشف له سرها من البداية، فاختارت هي أن تكون بعيدة قبل أن يختار هو، أحب أن أرى العلاقة على هذا النحو.